الحشد الشعبي يستغل الزلزال للتمدد في سوريا

يمكن الآن نشر قوات الحشد الشعبي في سوريا، وبتفويض من الحكومة العراقية للمرة الأولى، وقد يتم الآن تسريع العديد من الأنشطة القتالية عبر الحدود تحت غطاء أنشطة الإغاثة من الزلزال.
إريك يافورسكي
أتاح الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وشمال سوريا في السادس من فبراير الماضي فرصا كثيرة أمام الحشد الشعبي العراقي للانتشار في المناطق السورية المتضررة، وذلك بموافقة الحكومة العراقية بعد أن كان تواجد هذه القوات في سوريا يتم في السابق دون أوامر قانونية من القائد العام للقوات المسلحة العراقية، كما يقتضي الدستور العراقي وتسلسل القيادة ومدونة الانضباط العسكري.
أما اليوم، فقد فتح الزلزال فرصة كبيرة أمام الحشد الشعبي للعمل بشكل علني في سوريا من جهة، وأمام إيران من جهة أخرى، لنقل الأسلحة إلى سوريا ولبنان داخل قوافل المساعدات.
وسارعت قوات الحشد الشعبي بقيادة كلّ من فالح الفياض، المدرج على قائمة انتهاكات حقوق الإنسان الأميركية، ورئيس أركان الحشد الشعبي عبدالعزيز المحمداوي “أبوفدك”، المصنّف على قائمة الإرهاب الأميركية، إلى إطلاق حملة مساعدات إنسانية لسوريا تحت تسميات مختلفة، منها “سيدة الشام زينب” و”بعثة الإغاثة العراقية”.
وفي حين يتولى أبوفدك إدارة عمليات المساعدة، حيث تم إرساله إلى سوريا للإشراف المباشر على جهود الإغاثة، يعمل على تسهيل القوافل على الجانب العراقي من الحدود قاسم مصلح، قائد عمليات الأنبار في الحشد الشعبي، الذي اعتقله المسؤولون العراقيون في عام 2021 في ما يتعلق بمقتل ناشط على يد عناصر في كتائب حزب الله في عام 2020.
تنسيق مع طهران
علاوة على الطريق المشروع الذي فتحه الزلزال، عمد المسؤولون في الحشد الشعبي إلى استغلال الكارثة للتأثير على الحملات الدعائية في وسائل الإعلام العراقية والإيرانية على حدّ سواء.
وفي حلب، عُثر على لافتة تشكر رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني والحشد الشعبي وأبوفدك على دعمهم الشجاع للشعب السوري. وقد نشر الحشد الشعبي المئات من عناصره الذين أنشأوا مستشفيات ميدانية ومطابخ ومراكز للتبرع بالدم على الأرض.
وعملت وسائل الإعلام الإيرانية على التعظيم من شأن مساعدات الحشد الشعبي من خلال الإشادة بجهوده، في دلالة وثيقة على احتمال وجود تنسيق على مستوى الإعلام والرسائل بين طهران والحشد الشعبي.
ووصفت وسائل الإعلام التابعة للحشد الشعبي جهودها بأنها واجب ديني من السلطات في النجف لدعم جيرانها السوريين، مستمدة الشرعية من المؤسسة الدينية الشيعية غير التابعة لـ”المقاومة”.
قد يتم الآن تسريع العديد من الأنشطة القتالية عبر الحدود تحت غطاء أنشطة الإغاثة من الزلزال في سوريا
وفي العاشر من فبراير، التقى أبوفدك بالرئيس السوري بشار الأسد وسط الأنقاض في حلب، التي نتج بعضها عن الزلزال وبعضها الآخر نتيجة تدمير الأسد للمدينة في السنوات السابقة.
وبعد ذلك سافر إلى اللاذقية حيث التقى بالمحافظ وأبلغه بآخر المستجدات حول جهود الإغاثة التي تبذلها قوات الحشد الشعبي.
ولاحقا التقى أبوفدك بوزير الإدارة المحلية حسين مخلوف، أحد كبار مساعدي الرئيس الأسد للشؤون المحلية، الذي قدم لأبوفدك كتاب شكر ودرعا فخرية، تقديرا للمساعدات التي قدمها الحشد الشعبي لسوريا.
وعكست زيارات أبوفدك تلك التي قام بها قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني، الذي أرسلته حكومته أيضا للإشراف على جهود الإغاثة. وفي السادس عشر من فبراير، التقى رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض ببشار الأسد شخصيا.
ووفقا لبيان للحشد الشعبي حول الاجتماع، نقل الفياض رسالة من رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تعهّد فيها بالتزام العراق بدعم سوريا. وكان الفياض قد شغل لسنوات منصب المبعوث العراقي الفعلي إلى سوريا. وتقدّر الأضواء الكاشفة للميليشيات أنه ما زال يشغل هذا المنصب في عهد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وفي حين تتعاطف بعض العناصر العادية في الحشد الشعبي وبحق مع الشعب السوري وتقدم مساعدات ذات قيمة حقيقية، فإن قيادة المقاومة في الحشد الشعبي، التي تتألف من إرهابيين ومنتهكين لحقوق الإنسان مدرجين على قائمة العقوبات الأميركية، وشركاءها الإيرانيين يستخدمون على الأرجح الزلزال لتحسين تنسيقهم عبر الحدود بشكل كبير مع الأسد وحزب الله اللبناني، وإضفاء الشرعية على أنفسهم داخل العراق. ومن هنا، يتوجب التدقيق عن كثب في المواقع والعمليات الخيرية لـقوات الحشد الشعبي في سوريا.
ماهو الحشد الشعبي
الحشد الشعبي هو قوات نظامية عراقية، وجزء من القوات المسلحة العراقية، تأتمر بإمرة القائد العام للقوات المسلحة ومؤلفة من حوالي 67 فصيلا، شُكلت بعد فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية في النجف، وذلك بعد سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” على مساحات واسعة في عدد من المحافظات الواقعة شمال بغداد.
وأقر قانون هيئة الحشد الشعبي بعد تصويت مجلس النواب العراقي بأغلبية الأصوات لصالح القانون في السادس والعشرين من نوفمبر 2016.
وتكونت نواة من بعض الفصائل المسلحة بعد أن أصدر نوري المالكي، رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة آنذاك، أوامر بتعبئة الجماهير وتشكيل هيئة الحشد الشعبي، كي يقفوا بوجه تهديدات داعش لبغداد وأطرافها، وبدأ الحشد الشعبي يوم الثالث عشر من مارس 2014 بعد اجتماع بين نوري المالكي وقادة الكتائب المسلحة، ومن ثم ذهاب الكتائب إلى الفلوجة.
واتفق على حماية بغداد وسامراء والمناطق الغربية، وقد تشكل الحشد في البداية من كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر وقوات الشهيد الصدر، ثم توسع الحشد من المتطوعين الذين استجابوا لفتوى الجهاد الكفائي وهم في غالبيتهم من الشيعة.
وانضمت إليهم لاحقا العشائر السنية من المناطق التي سيطر عليها داعش في محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار، وكذلك انخرط في صفوف الحشد آلاف أخرى من مختلف الأديان والقوميات كالمسيحيين والتركمان والأكراد. تعتبر بعض الميليشيات المكونة للحشد الشعبي جماعات إرهابية من قبل بعض الدول، بينما اتهمت بعض الميليشيات الآخرى بالعنف الطائفي.