الحروب الثقافية الأميركية تشمل شركات الأغذية والكحول

واشنطن - في الولايات المتحدة تعد الحروب الثقافية أكثر من مجرد نقاش جانبي، بل هي منذ عقود الثيمة المميزة داخل البلاد بسبب التغيرات الاجتماعية غير المسبوقة، حيث بدأت مجموعة القواعد الاجتماعية التي كانت تحكم الحياة الأميركية لفترة طويلة في التهاوي، بينما تخلق أفكار وهويات ومفاهيم وقيم أميركية جديدة.
وتشير تقارير ودراسات إلى هيمنة قضايا جدليّة على المجتمع الأميركي مثل الإجهاض والفن والرقابة والنسوية والمثلية الجنسية، التي تثير حفيظة المحافظين رغم معرفتهم بأن التغيير أمر حتمي، لكنهم من أجل الحفاظ على هويتهم الثقافية يشنون حروبا ثقافية واسعة طالت مؤخرا شركات الكحول والأغذية.
وأثارت سلسلة مطاعم “شيك فيل أي” الأميركية للوجبات السريعة والشهيرة بأطباقها المؤلفة من الدجاج المقلي والمحبوبة لدى محافظين كثر، هذا الأسبوع حفيظة بعض اليمينيين الذين اتهموها بالانزلاق إلى ثقافة الـ”ووك” التي تعني اليقظة حيال الإساءات العنصرية والتمييز.
ولأنّ سلسلة المطاعم تضمّ مسؤولا يعنى بـ”التنوع والمساواة والاندماج”، انتشرت دعوات إلى مقاطعتها على غرار الحملات التي استهدفت أخيرا شركات أخرى بينها سلسلة متاجر “تارغت” وشركة “بد لايت” لتصنيع البيرة.
وتعتبر “شيك فيل أي” علامة تجارية محافظة فيما كان مؤسسها من أتباع الكنيسة المعمدانية. ويشير موقعها الإلكتروني إلى أنّها تقفل أيام الأحد ليتسنّى لموظفيها أخذ قسط من الراحة والصلاة إذا رغبوا في ذلك.
وفي العام 2012، وجّه التقدّميون انتقادات حادة لسلسلة المطاعم، متّهمين إياها بتمويل تحركات مناهضة لزواج المثليين.
أما اليوم، فانقلبت الآية. إذ يشتكي عدد من نجوم مواقع التواصل اليمينيين من التزام “شيك فيل أي” بـ”التنوع”، وهو ما يبرز في موقعها الإلكتروني، ومن أنّها توظّف نائب رئيس مسؤولا عن هذا الموضوع. ومع أنّ سلسلة المطاعم عيّنت هذا الموظف قبل بضع سنوات، إلا أنّ التطرّق إلى هذا الموضوع تمّ هذا الأسبوع.
وعلّق جيف كلارك، المسؤول السابق في وزارة العدل في عهد دونالد ترامب، بالقول “هذا مخيب للآمال. حتى أنت يا شيك فيل أي؟”، في عبارة مقتبسة مما قاله يوليوس قيصر لصديقه بروتوس لحظة مقتله “حتى أنت يا بروتوس؟”.
وفي مقطع فيديو انتشر بصورة كبيرة عبر الإنترنت، اتّهمت المساهِمة في منظمة “تورنينغ بوينت يو.أس.آي” المحافظة مورغون مكمايكل سلسلة المطاعم بأنها “رضخت لأمراء ثقافة الووك”.
وقالت المرأة وهي تتناول طبقا من الدجاج في أحد المطاعم المنافسة “‘شيك فيل أي’ ما عُدت دجاج الرب بل صرت دجاج الووك، وهي مسألة تزعجني كمسيحية”.
وأكدت لاحقا أن مقطع الفيديو هذا “30 في المئة منه فقط كان يحمل طابعا جديا”.
ومطاعم “شيك فيل أي” هي أحدث شركة تشملها “الحروب الثقافية” الأميركية التي تشكل خلافات تتطوّر في الكثير من الأحيان، في شأن قضايا مثيرة للجدل بينها حقوق المثليين وحيازة الأسلحة وتعليم بعض المواد في المدارس.
2012
وجّه التقدّميون انتقادات حادة لسلسلة المطاعم، متّهمين إياها بتمويل تحركات مناهضة لزواج المثليين
وبعدما استُهدفت بحملة أطلقتها شخصيات محافظة، أعلنت مجموعة “تارغت” الأسبوع الفائت سحب منتجات تحتفي بالمثليين من متاجرها عقب تهديدات تلقاها عدد من موظفيها، في تطورات تؤشر على الخلافات المحيطة بهذا الموضوع في البلاد.
وأطلقت المجموعة سلسلة من المنتجات ليونيو، شهر الاحتفاء بالمثليين الذي تُنظم خلاله فعاليات عدة ترمي إلى تكريم مجتمع الميم. وقبل بضعة أسابيع، شملت الحرب الثقافية شركة “بد لايت” لتصنيع البيرة، بسبب عقدها شراكة مع نجمة مواقع تواصل متحولة جنسيا.
وأشار عدد من مستخدمي الإنترنت راهنا إلى أنهم يقاطعون هذا المنتج، فيما يؤكد حاكم فلوريدا رون ديسانتس، المرشح للانتخابات الرئاسية، أنه أحجم عن تناول هذه البيرة لكي لا يوفر دعما لشركات تعتمد ثقافة الووك. وانتشر في مواقع التواصل شعار “غوو ووك، غوو بروك” للدعوة إلى مقاطعات مماثلة.
وكان المحلل المحافظ مات وولش قال في تغريدة عبر تويتر تعود إلى الرابع والعشرين من مايو “إنّ الهدف من حملات المقاطعة يتمثل في جعل الفخر (في إشارة إلى مجتمع الميم) ساما للماركات”، مضيفا “بداية ‘بد لايت’ واليوم ‘تارغت’. إنّ حملتنا تمضي قدما. إلى الأمام”.
ومن الواضح أن “الحروب الثقافية” لم تصل إلى نهايتها في الولايات المتحدة، خصوصا مع اقتراب الانتخابات المرتقبة في العام 2024.
وقال الصحافي المستقل آرون روبار عبر تويتر “لو قيل لي قبل عام إنّ طبقا من ‘شيك فيل أي’ مع بيرة ‘بد لايت’ سيحدث ردود فعل كهذه لدى المحافظين، لسألت من يحدّثني: ماذا تدخن؟”.