الحركة الدبلوماسية الأميركية - الروسية تعطي زخما دوليا للسعودية

الاجتماع يرفع مكانة الرياض كلاعب عالمي جاهز للمساهمة في السلام وبناء الجسور بين الأطراف الدوليين المتنافسين.
الأربعاء 2025/02/19
السعودية تجلب الأنظار

الرياض - من خلال استضافتها اجتماعا غير مسبوق بين مسؤولين أميركيين وروس، تجد السعودية، التي خفت وهجها لسنوات على الساحة الدولية، نفسها في قلب نشاط دبلوماسي عالمي يعزّز مكانتها. ويقول محللون إن الرياض استفادت من وقوفها على الحياد في الحرب الأوكرانية – الروسية المتواصلة منذ نحو ثلاث سنوات.

ويشير المحللون إلى أن اجتماع المسؤولين الروس والأميركيين في الرياض الثلاثاء، لإجراء محادثات تهدف إلى إعطاء دفع للعلاقات بين موسكو وواشنطن، ووضع الأساس رسميا لمفاوضات حول أوكرانيا دليل على ذلك.

ويقول مستشار الحكومة السعودية علي الشهابي لوكالة فرانس برس “إنه نجاح كبير للسعودية. أن تأتي القوتان العظميان إلى الرياض لتسوية خلافاتهما ونزاع طويل الأمد مثل الحرب في أوكرانيا.” ويتابع “إنه أمر مرموق للغاية ويؤكد على القوة الناعمة للمملكة.”

والسعودية حليف تاريخي للولايات المتحدة في المنطقة. وتعمل المملكة، أكبر مصدر للنفط الخام في العالم، بشكل وثيق مع روسيا في ما يتصل بالسياسة النفطية. وقدّمت نفسها كوسيط محتمل منذ غزت روسيا أوكرانيا في فبراير 2022.

علي الشهابي: إنه نجاح كبير للسعودية أن تأتي القوتان العظميان إلى الرياض لتسوية خلافاتهما
علي الشهابي: إنه نجاح كبير للسعودية أن تأتي القوتان العظميان إلى الرياض لتسوية خلافاتهما

وفي الوقت نفسه، احتفظت الرياض بعلاقة وثيقة مع كييف واستقبلت الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكثر من مرة حضر خلال إحداها القمة العربية في مايو 2023 في جدة. كما التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في يونيو الماضي.

وتشير الخبيرة في مركز “الأهرام” للدراسات السياسية في القاهرة رابحة سيف علام إلى أنّ السعودية “استفادت” من الحرب في أوكرانيا، إذ تقرّبت الدول الغربية منها آنذاك لطلب زيادة إنتاج النفط السعودي.

وتضيف علام “استفادت السعودية من التناقضات والمواجهة بين الغرب وروسيا في أزمة أوكرانيا خصوصا بملف النفط دون أن تخسر أيّا من حلفائها الغربيين أو روسيا.”

وتابعت أن الرياض “استفادت أكثر أنها وقفت على الحياد في الحرب فجعلت من نفسها مساحة لتلاقي أطراف الصراع من أجل حلها لا من أجل تعزيز المواجهة.”

واضطلعت الرياض في سبتمبر 2022 بدور لإطلاق سراح مقاتلين أجانب محتجزين في أوكرانيا، بينهم اثنان من الولايات المتحدة وخمسة من بريطانيا.

وفي أغسطس 2023، استضافت السعودية محادثات بشأن الحرب استقطبت ممثلين عن أكثر من 40 دولة، من دون مشاركة روسيا.

ويأتي الاجتماع الأميركي – الروسي الثلاثاء، بعد ثلاث سنوات من تجميد شبه كامل للعلاقات بين البلدين، وقبل أسبوع من الذكرى الثالثة لبدء الغزو الروسي، وفي خضم النشاط الدبلوماسي الذي أثارته مكالمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الهاتفية مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي، وفي وقت تصعّد الإدارة الأميركية الجديدة انتقاداتها لحلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين التقليديين.

ووصل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى السعودية الاثنين. والتحق به مستشار الأمن القومي مايك والتز والمبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف.

ومن الجانب الروسي، أرسل بوتين اثنين من المفاوضين المخضرمين إلى الرياض هما وزير الخارجية سيرغي لافروف، والمستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف.

◙ الاجتماع يشير إلى أن القيادة السعودية والأمير محمد بن سلمان على وجه الخصوص طوّروا علاقة ودية وثيقة وشخصية للغاية مع كلّ من ترامب وبوتين

وفيما التقى ولي العهد السعودي بوتين في الرياض في ديسمبر 2023، يتوقع أن تكون زيارة ترامب الخارجية الأولى له إلى الرياض. وهذا أمر حصل أيضا خلال ولايته الأولى.

وبالنسبة إلى السعودية، تعطي هذه الحركة الدبلوماسية زخما لمكانتها الدولية. ويرى الخبير في السياسة الخارجية السعودية بجامعة برمنغهام عمر كريم أن “هذا مهم للغاية من منظور سعودي لأنه يرفع مكانة المملكة في الدبلوماسية العالمية وكلاعب عالمي مسؤول جاهز للمساهمة في السلام العالمي وبناء الجسور بين الأطراف الدوليين المتنافسين.”

ويضيف كريم "يشير هذا الاجتماع إلى أن القيادة السعودية والأمير محمد بن سلمان على وجه الخصوص طوّروا علاقة ودية وثيقة وشخصية للغاية مع كلّ من ترامب وبوتين، وهذا يُظهر أن السعودية تُعتبر كيانا محايدا وودودا وموثوقا به من الجانبين."

وعلى الصعيد الإقليمي، تلعب السعودية دورا دبلوماسيا نشطا منذ اندلاع الحرب في غزة في أكتوبر 2023. وقد استضافت قمة عربية إسلامية طارئة بعد شهر من اندلاع الحرب.

وتستضيف الرياض الجمعة قمة مصغّرة لمناقشة الردّ على اقتراح ترامب نقل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأردن ومصر، بمشاركة قادة دول مجلس التعاون الخليجي الست إلى جانب مصر والأردن. ويعتقد كريم أنّ "السعودية ستجني الثمار السياسية لهذا النشاط الدبلوماسي."

7