الحرب والجوع والفقر حصيلة عقد على انفصال جنوب السودان

الإخوة الأعداء حافظوا على دولة فاشلة مليئة بالخيبات والهنات.
الخميس 2021/07/08
اتفاق سلام على الورق

جوبا – ماذا جرى في جنوب السودان، الدولة الفتية الأكثر هشاشة من أي وقت مضى بعد انفصالها عن السودان قبل عقد من الزمن.

تبدو التساؤلات كثيرة في بلد لا يزال قادته السياسيون الذين اختاروا الحرب على بناء دولتهم الوليدة في السلطة اليوم ويحكمون عبر تحالف هش تم تشكيله بموجب اتفاق سلام.

ويحتفي جنوب السودان في التاسع من يوليو بمرور عقد على انفصاله عن السودان، وهو الانفصال الذي تسبب في فتح صراعات غير منتهية أنهت أي تفاؤل بعد اندلاع حرب أهلية دامية بين قادة البلاد في العام 2013 استمرت خمس سنوات وأودت بحياة 380 ألف شخص وشردت أربعة ملايين، وحطمت أي أوهام بفتح صفحة جديدة.

البلد الأحدث في العالم

  • جنوب السودان انفصل في يوليو 2011 عن السودان
  • توقيع اتفاق سلام بين الحكومة والمتمردين عام 2005
  • حرب أهلية شهدت مجازر عرقية بحلول ديسمبر 2013
  • التوقيع على اتفاق سلام بين سيلفا كير ونائبه عام 2015 • اتفاق سلام جديد بين الفرقاء في يونيو 2018
  • قتل أكثر من 380 ألف شخص في الحرب الأخيرة
  • أكثر من 60 في المئة من السكان يواجهون الجوع الشديد

وأخمد تفاهم تقاسم السلطة بين الرئيس سلفا كير القائد العسكري السابق لقبيلة الدنكا، ونائبه رياك مشار زعيم المتمردين من قبيلة النوير، نيران القتال بين قواتهما إلى حد كبير منذ وقف إطلاق النار في 2018.

لكن الأخوة الأعداء انتهكوا اتفاقات الهدنة السابقة، بينما تفاقم انعدام الثقة بين الطرفين مع تخلخل التقدم الذي أنجزته الصفقة.

وينتاب الضعف حكومة الوحدة التي شكلت في فبراير 2020 تحت ضغط دولي كبير، في حين لم يتم تنفيذ الإجراءات الضرورية الأخرى التي تهدف إلى تجنب حرب جديدة.

وتأتي حالة عدم اليقين السياسي في وقت يعاني جنوب السودان من أزمة اقتصادية حادة وتضخم متزايد وتصاعد العنف العرقي المسلح وأسوأ أزمة جوع منذ إعلان الانفصال.

ويقول كبير المحللين في مجموعة الأزمات الدولية آلان بوسويل “من الواضح أن جنوب السودان في مكان أسوأ مما كان عليه قبل 10 سنوات، وهو أمر مأساوي للغاية”.

ورسم اتفاق السلام ملامح الطريق نحو أسس بناء الدولة التي خرجت عن مسارها بسبب الحرب، بما في ذلك إنشاء برلمان جديد وإصلاح دستوري وانتخابات وجيش وطني موحد. لكن بعد ما يقرب من ثلاث سنوات، لم يتحقق سوى القليل.

وانعقد البرلمان الوطني في مايو، وسيؤدي النواب اليمين الدستورية الجمعة مع حلول ذكرى الانفصال، بينما تكاد تكون الثقة معدومة بالمجلس الجديد جراء التأخر في التئام جلساته.

ويشير المدير التنفيذي لمؤسسة الديمقراطية والحوكمة المسؤولة جام ديفيد كولوك “أن تأتي متأخرا أفضل من ألا تأتي ولكن.. نريد أن نرى التأثير”.

ويضيف “نريد أن نرى انخفاضا في الفساد. نريد أن نرى ميزانيتنا تحت المراقبة. نريد أن نرى الخدمات تتحسن. نريد أن نرى الأمن مستقرا، وأن تكون هناك بيئة للحوار”.

ولم يتم إحراز تقدم يذكر في الإصلاح الدستوري في حين قد تؤدي الانتخابات التي كانت مقررة العام المقبل قبل أن تؤجل عاما إضافيا إلى زعزعة الاستقرار، ما لم تتخذ ترتيبات لضمان مستقبل الخاسر.

ويقول بوسويل “إذا أصبحت الانتخابات مواجهة بين الطرفين المتحاربين الرئيسيين، فإن هذا وحده يمكن أن يكون كفيلا بتفجّر الحرب الأهلية مجددا”.

ومن العوامل الأخرى التي يمكن أن تشكل فتيل انفجار: الفشل في توحيد قوات كير ومشار المتنافسة في جيش واحد، وهي ضمانة مهمة في اتفاقيات السلام لكبح الصراع في المستقبل وتحقيق الاستقرار في المناطق الخارجة عن القانون في البلاد.

ويقول الرئيس المؤقت لـ”مفوضية الرصد والتقييم المشتركة”، وهي هيئة تراقب تنفيذ عملية السلام تشارلز تاي جيتواي، إن الرجلين التزما بإرسال قواتهما لإعادة التدريب والتخرج، لكن تم إحراز “تقدم ضئيل للغاية”.

Thumbnail

وتفتقر العملية إلى التمويل وتعاني ثكنات القوات من نقص حاد في الغذاء والماء والأدوية، ما أدى إلى حالات فرار واسعة النطاق. ووصل سوء الحال في بعض المعسكرات إلى درجة وفاة جنود جوعا أو بسبب المرض.

وذكر جيتواي في 24 يونيو الماضي أنه “من الواضح أن توحيد القوات توقف، وتدهورت الأوضاع في مواقع المعسكرات ومراكز التدريب بشكل ملحوظ”. وتعثرت عملية السلام حيث يعاني أكثر من سبعة ملايين جنوب سوداني -حوالي 60 في المئة من مجموع السكان- من نقص حاد في الغذاء.

ويوضح المدير المحلي لبرنامج الأغذية العالمي ماثيو هولينغورث أن البعض يواجه مستويات طارئة من الجوع في حين أن من يصنفون بالمستويات الحرجة وعددهم 108 آلاف “معرضون فعليا لخطر المجاعة في هذا الموسم الأعجف”.

وأدت سلسلة من الكوارث الأخرى -الجفاف والفيضانات المدمرة للعام الثاني على التوالي وغزو الجراد بأعداد قياسية- إلى تدهور الظروف المتردية بالفعل في بلد يعتمد على المساعدات الخارجية لتقديم معظم الخدمات لشعبه.

وعلى الرغم من أن اتفاقيات السلام أوقفت أسوأ حالات إراقة الدماء، إلا أن الصراع المسلح بين الجماعات العرقية المتناحرة تصاعد في المناطق غير الخاضعة لسلطة جوبا، ما أدى إلى مقتل عدد غير مسبوق من المدنيين منذ الحرب.

وتؤكد الأمم المتحدة أن الميليشيات العرقية مسؤولة عن أكثر من 80 في المئة من الضحايا المدنيين خلال هذا العام، فضلا عن الخطف والعنف الجنسي. ويقول بوسويل “القاسم المشترك لكل هذا العنف أنه يحدث في دولة فاشلة”.

7