الحرب في اليمن تقطع أوصال الطرقات بين المحافظات والمدن

رحلة ساعة تنتهي شاقة في ساعات على المسالك البديلة.
الجمعة 2022/01/21
رحلة الصبر

بعاني اليمنيون خلال فترة الحرب من الأزمات المتتالية منها التنقل بين المدن والبلدات بسبب نقاط التفتيش التي تفرضها جهات مختلفة ما دفعهم إلى اللجوء إلى طرقات بديلة وعرة وغير مهيأة لتزداد رحلاتهم طولا وصعوبة فتتعطل مصالحهم  إضافة إلى مخاطر حوادث السير.

صنعاء ـ يضطر أحمد حسن (موظف – 42 عاما)، لقطع مسافة طويلة كي يسافر من محل إقامته بالعاصمة صنعاء إلى مكان عمله بمحافظة عدن (جنوب)، سالكا غير الطريق التي اعتاد السفر عبرها؛ نتيجة تعطلها بفعل الحرب.

وكانت الطريق الرئيسية بين صنعاء وعدن البالغة نحو 400 كيلومتر، تُقطع خلال فترة زمنية تتراوح بين 7 و9 ساعات، لكن السفر في الوقت الراهن تغير إلى طريق أخرى بديلة، تزيد في عدد الساعات  لكونها تعبر مسافة أطول.

علاوة على ذلك، فإن قطع هذه الطريق محفوف بالمخاطر؛ جراء ضيقها ووقوعها بين مرتفعات جبلية شديدة الانحدار، كما هو الحال في الطريق بين تعز وعدن؛ إذ يشكو المسافرون من خطورتها، نتيجة وعورتها وامتلائها بالصخور والحُفر التي تتزايد مع هطول الأمطار.

ويقول حسن إن الطريق البديلة كانت في السابق فرعية يستخدمها السكان في التنقل بين القرى المجاورة، ولم تكن مهيأة لأن تصبح رئيسية.

ولا يتسع عرض هذه الطريق، حسب قوله، سوى لسيارة واحدة في الكثير من المناطق، مما يجبر السيارات على البقاء طويلاً في الطريق، خاصة في الأوقات التي تكثر فيها حركة السير.

والطريق بين صنعاء وعدن تعتبر الأكثر حيوية وأهمية على مستوى اليمن، فهي تربط بين أهم مدينتين بالبلاد، وقبل الحرب كانت الحركة بينهما تتم بحافلات النقل الجماعي أو سيارات الأجرة، كما كانت تستخدم الطائرة بين مطاري صنعاء وعدن، ولا تزيد المدة الزمنية للسفر عن 30 دقيقة في هذه الحالة.

السيارات تتعرض للكثير من حوادث السير في طرق بديلة صعبة تتخللها الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش

في هذا الصدد، قال مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن “هناك حاجة إلى العديد من الإجراءات لمعالجة قضية التنقل في اليمن بشكل شامل”.

وأوضح أن “متوسط وقت السفر لليمنيين زاد بشكل كبير عما كان عليه قبل الحرب؛ بفعل لجوئهم إلى طرق أطول وغير ممهدة وخطرة تنتشر فيها نقاط التفتيش الأمنية التي تديرها عناصر مسلحة من مجموعات مختلفة، وفي كثير من الأحيان ترتكب هذه العناصر انتهاكات لحقوق الإنسان”.

وعن المعاناة الإضافية أثناء السفر بين المحافظات تحدثت أمل محمود (37 عاما) قائلة “مع تغير خطوط السفر بسبب الحرب فإن معاناة المسافرين لا تقتصر على طول المسافة في الطرق البديلة، بل إن هناك معاناة أخرى بسبب مخاطر الطرقات الجديدة التي لا تخلو منها أي طريق”.

وتتمثل هذه المخاطر بحسب ما عبرت عنه أمل إلى “تعرض السيارات للكثير من حوادث السير، كما توجد معوقات أخرى ناتجة عن كثرة الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش التي تتبع أكثر من جهة”.

وتشير محمود إلى أن “كل جهة تعمد إلى نصب نقاط التفتيش في مناطق سيطرتها، وتتفاوت طريقة التعامل بين نقطة وأخرى، إلا أنها في الغالب تكون أكثر تشديداً في مداخل المدن الرئيسية”.

والمعاناة لا تقتصر على سكان محافظات بعينها، ولكنها تشمل غالبية اليمنيين الذين تضطرهم الظروف للتنقل من محافظة إلى أخرى، وفقاً لخالد ناصر (26 عاما)، الذي يروي قصة سفره من صنعاء إلى مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت (جنوب شرق).

ويقول إن “الرحلة أخذت أكثر من 20 ساعة، بسبب اضطراره إلى اتخاذ الطريق البديلة، رغم أن السفر كان عبر الطريق الرئيسية يأخذ نحو 10 ساعات، لأن مسافة الطريق بين صنعاء والمكلا تبلغ نحو 800 كيلومتر”.

ويضيف ناصر أنه ومجموعة من المسافرين “استقلوا سيارة أجرة اعتاد سائقها السفر في هذه الطرقات الجديدة، وصارت لديه خبرة في التعامل مع نقاط التفتيش الموجودة على امتداد الطريق”.

ويشير إلى أن الرحلة بدأت بعد الخروج من صنعاء بالتوجه جنوباً ثم الانحراف شرقاً في مناطق جبلية تليها مناطق صحراوية ممتدة، وامتد سفرهم ساعات طويلة من العناء، يتخلله التوقف المتكرر بسبب نقاط التفتيش أحياناً، أو تعطل سيارات ووقوفها عائقا بالطريق.

والأمر نفسه ينطبق على السفر بين صنعاء ومدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت، والتي تبلغ مسافة الطريق الرئيسية بينهما نحو 600 كيلومتر، ويتم اجتيازها بما يقرب من 8 ساعات.

أما في الوقت الراهن فلا يمكن الوصول إلى سيئون قبل 15 ساعة من السفر، ذلك أنه يتعين على المسافر قطع أكثر من 800 كيلومتر، في الطرق البديلة، كما يقول ناصر.

وإذا كان ما سبق يرصد معاناة السفر من محافظة إلى أخرى، وهي في الغالب محافظات غير متجاورة، فإن اليمنيين يعانون أثناء التنقل بين مناطق متجاورة داخل محافظة واحدة.

فمحافظة الضالع التي تقع على الطريق الرئيسية بين صنعاء وعدن تظهر المعاناة لدى سكانها بشكل لافت؛ إذ أوقفت المواجهات المسلحة المستمرة مع جماعة الحوثي الطريقين الرئيسيين داخل المحافظة، وهما طريق الضالع-  إب وطريق قعطبة – دمت.

وتسبب هذا الأمر في شطر المحافظة إلى قسمين، أحدهما شمال المحافظة ويقع تحت سيطرة الحوثيين، والآخر جنوبها ويقع تحت سيطرة القوات الحكومية، ويضم مركز المحافظة ومناطق أخرى.

ويقول محمد صالح (30 عاما)، من محافظة الضالع إن الانتقال من منطقة في شمال المحافظة إلى أخرى في الجنوب لا يتم إلا بإحدى طريقتين، إما تسلق مرتفعات جبلية طويلة مشياً على الأقدام، أو قضاء رحلة طويلة تكون فيها حركة السير شبه دائرية.

ويجد كبار السن والأطفال في الطريق الأولى (تسلق المرتفعات) صعوبة هائلة عند سلوكها، كما يصعب فيها نقل أيّ أغراض مع الشخص المسافر لأنه بالكاد يستطيع الانتقال بنفسه، بحسب صالح.

ويوضح صالح أن المسافة  في الطريق الرئيسية بين مركز المحافظة في الضالع ومدينة دمت الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، على سبيل المثال تبلغ نحو 60 كيلومترا، يمكن اجتيازها في ساعة من الزمن.

لكن اللجوء إلى الطرق البديلة، بعدما أغلقت الرئيسية، يعني قضاء أكثر من 10 ساعات سفر، على مسافة تزيد عن 400 كيلومتر، ما يلزم المسافر من الضالع إلى دمت الخروج من المحافظة ثم المرور بمحافظتي لحج (جنوب)، والبيضاء (شرق)، ثم العودة إلى المحافظة نفسها قبل الوصول إلى الهدف، وفق قوله.

وبهذا الشأن قال مكتب المبعوث الأممي في بيان إنه “يجب أن تكون الطرق داخل اليمن متاحة لاستخدام المدنيين، وخاصة الطرق الأساسية التي تعتبر حيوية للسفر بين المحافظات وداخلها، ويجب تأمين هذه الطرق عن طريق إزالة الألغام والتأكد أن نقاط التفتيش آمنة، وأن الجهات الأمنية التي تديرها خاضعة للمساءلة”.

18