الحرب النفسية والدعاية والصفقات.. وسائل طالبان لحكم أفغانستان

مقاتلو حركة طالبان المتشددة استخدموا أساليب الحرب النفسية والدعائية في سيطرتهم السريعة على مدن وولايات أفغانية وصولا إلى العاصمة كابول.
الثلاثاء 2021/08/17
التضليل الإعلامي وسيلة سهلة

كابول - استخدم مقاتلو حركة طالبان المتشددة أساليب الحرب النفسية والدعائية وعقد الصفقات في سيطرتهم السريعة على مدن وولايات أفغانية وصولا إلى العاصمة الأفغانية كابول، حيث لم يكن الاستيلاء المذهل والسريع على أفغانستان نتيجة لقوتهم في ساحة المعركة فقط.

وعمل المتمردون، الذين لم يتوقفوا قط طوال السنوات العشرين الماضية عن شن هجمات، على استخدام وسائل الدعاية والحرب النفسية في تحقيق هدفهم النهائي في حكم أفغانستان، التي تركتها الإدارة الأميركية بقيادة جو بايدن لتواجه مصيرها في ظل حالة التفكك الهائلة في صفوف القوات الحكومية.

وكانت الولايات المتحدة والحكومة في كابول واثقتين من أن الجيش الأفغاني سيخوض معركة قوية ضد طالبان منذ الإعلان في مايو الماضي عن بدء سحب القوات القتالية الأميركية وقوات حلف شمال الأطلسي من المناطق الأفغانية، إلا أن وجود أكثر من 300 ألف جندي أفغاني ومعدات بمليارات الدولارات أكثر تطورا من ترسانة طالبان لم يمنعا الحركة المتشددة من تحقيق تقدم سريع وهائل للسيطرة على البلاد.

القوات الحكومية الأفغانية عانت من الفساد وضعف القيادة ونقص التدريب وانخفاض الروح المعنوية لسنوات طويلة

في الواقع عانت القوات الحكومية الأفغانية من الفساد وضعف القيادة ونقص التدريب وانخفاض الروح المعنوية لسنوات طويلة، وكانت عمليات الفرار من أرض المعركة شائعة في الهجوم الأخير لطالبان. وحذر مفتشو الحكومة الأميركية منذ فترة طويلة من أن القوة غير مستدامة لأسباب تتعلق بالفساد المستشري وعدم الولاء للحكام في البلاد.

وأدى غياب ضربات جوية أميركية منتظمة ودعم عسكري على الأرض نقطة أساسية في تحقيق تقدم سريع لحركة طالبان أمام القوات الأفغانية التي تمكنت لفترة محدودة من القيام بمقاومة شديدة هذا الصيف في بعض المناطق مثل عسكر جاه في الجنوب حين كان هناك دعم أميركي.

واستفادت حركة طالبان من الروح المعنوية المنخفضة داخل الجيش الأفغاني، حيث زرعت بذور الانهيار العام الماضي عندما وقعت الولايات المتحدة اتفاقا مع المتمردين لسحب كامل قواتها من البلاد.وأمام الوضع بعد الانسحاب الأميركي بدا أن الجيش يواجه العدو الأصغر، لكنه شديد التحفيز والتماسك، حيث فرّ العديد من الجنود وحتى الوحدات العسكرية بأكملها أو استسلموا تاركين المتمردين يسيطرون على مدينة تلو الأخرى.

وبالنسبة إلى طالبان كانت تلك اللحظة بداية انتصارهم بعد ما يقرب من عقدين من الحرب. وبالنسبة إلى العديد من الأفغان المحبطين كان ذلك بمثابة خيانة وتخل عنهم أمام الحركة المتشددة.

استمرت حركة طالبان في مهاجمة القوات الحكومية منذ الاتفاق مع الولايات المتحدة، لكنهم بدأوا في الجمع بين عمليات القتل المنظم للصحافيين والنشطاء الحقوقيين مما أدى إلى خلق بيئة من الخوف بين الأفغان في أكثر من منطقة في البلاد.

وروج المتمردون إلى أنهم سيحققون نصرا حتميا في دعاياتهم وعملياتهم النفسية في أكثر من مكان. وتم استخدام الرسائل النصية في بعض المناطق وإرسالها إلى الجنود والمسؤولين المحليين والتي تحثهم على الاستسلام أو التعاون مع طالبان لتجنب المصير الأسوأ.

وقد عُرض على العديد منهم المرور الآمن إذا لم يقاتلوا، بينما تم الوصول إلى آخرين من خلال شيوخ القبائل والقرى.

ومن جانب آخر، ومع عدم قدرة القوات الأفغانية على صد تقدم طالبان الكبير، حشد العديد من أمراء الحرب النافذين في أفغانستان ميليشياتهم وتوعدوا طالبان إذا هاجمت مدنهم.

لكن مع تراجع الثقة في قدرة الحكومة الأفغانية على الصمود والبقاء، كان وعودهم مجرد كتابة على الحائط بالنسبة إلى أمراء الحرب. سقطت مدنهم دون قتال. تم القبض على أمير الحرب إسماعيل خان في مدينة هرات الغربية من قبل طالبان عند سقوطها.

المتمردون عملوا على استخدام وسائل الدعاية والحرب النفسية في تحقيق هدفهم النهائي في حكم أفغانستان
المتمردون عملوا على استخدام وسائل الدعاية والحرب النفسية في تحقيق هدفهم النهائي في حكم أفغانستان

فر عبدالرشيد دستم وعطا محمد نور في الشمال إلى أوزبكستان، حيث تخلى أفراد ميليشياتهم عن عربات همفي وأسلحة وحتى زيهم العسكري على الطريق خارج مزار الشريف. لكن كيف تمكنت طالبان من القيام بذلك بهذه السرعة؟

كانت حركة طالبان قد بدأت في إبرام صفقات وترتيبات الاستسلام قبل وقت طويل من شن هجومها الخاطف في مايو الماضي، فعقدت الصفقات مع الجنود والمسؤولين الحكوميين ذوي الرتب المنخفضة وصولا إلى حكام المقاطعات والوزراء على ما يبدو. وعمل المتمردون على الترويج أنهم منتصرون “لماذا القتال”؟

تقول وكالة الصحافة الفرنسية إن الاستراتيجية التي اتبعتها حركة طالبان “اثبتت فعاليتها بشكل كبير” في السيطرة السريعة والكبيرة على مناطق وولايات أفغانية، حيث لم تكن الصور من مسيرتهم الأخيرة إلى كابول لجثث في الشوارع وساحات معارك دامية، لكن طالبان ومسؤولين حكوميين يجلسون بشكل مريح على الأرائك أثناء قيامهم بإضفاء الطابع الرسمي على تسليم المدن والأقاليم.

ووفقا لتقدير أميركي تم الإبلاغ عنه قبل أقل من شهر من سقوط كابول، كان يتوقع أن تنهار الحكومة الأفغانية في غضون 90 يوما، لكن بمجرد أن استولت طالبان على أول عاصمة إقليمية، استغرق الأمر أقل من أسبوعين فقط.

6