الحجاج يعودون إلى مكة المكرمة بعد قيود كورونا

مكة المكرمة - عادت شوارع مدينة مكة المكرمة تعج بمئات الآلاف من الحجاج بملابس الإحرام البيضاء الاثنين مع الاستعداد لأداء مناسك الحج هذا الأسبوع، بعد عامين شهدا تقليص الأعداد بشكل كبير بسبب المخاوف من فايروس كورونا.
وتستقبل المملكة مليون مسلم لأداء فريضة الحج، من بينهم 850 ألفا من خارج السعودية. وقالت السلطات إن عدد الذين وصلوا حتى يوم الأحد بلغ 650 ألف شخص.
ووضعت لافتات ترحيب بالحجاج في الشوارع والساحات الرئيسية والأزقة، فيما انتشر عناصر الأمن بشكل مكثف في كل أرجاء المدينة.
وقال الحاج عبدالقادر خضر القادم من السودان “إنها المتعة بعينها”، مضيفا أنه يكاد لا يصدق بأنّه سيؤدي مناسك الحج هذا العام. وتابع “أنا مستمتع بكل لحظة هنا”. والاثنين، توافد الحجاج وبعضهم يحمل مظلات للوقاية من أشعة الشمس الحارقة، على محلات بيع التذكارات والحلاقة، بينما اختار البعض الآخر الاسترخاء أو تناول وجبة في ظل أشجار النخيل في الشوارع القريبة من المسجد الحرام.
المملكة العربية السعودية تستقبل مليون مسلم لأداء فريضة الحج، من بينهم 850 ألفا قادمون من دول أخرى
وقد بدأ العديد من الحجاج بالفعل في أداء طواف القدوم حول الكعبة ثم السعي بين جبلي الصفا والمروة، قبل انطلاق المناسك بشكل رسمي الأربعاء.وقال الحاج المصري محمد لطفي (32 عاما)، “عندما رأيت الكعبة للمرة الأولى شعرت بشيء غريب وبدأت في البكاء”.
وبالنسبة إلى ميتوف علي (65 عامًا)، وهو حاج مغربي، فإنّ “الحظ” هو ما أوصله إلى مكة بعد أن تم اختياره في عملية سحب أسماء بالقرعة.
وقال “هذه هي المرة الأولى التي أقوم فيها بأداء فريضة الحج والحمد لله على ذلك. لقد تقدم الكثير من الناس بطلبات لكن لم يحالفهم الحظ. لقد كنت محظوظًا جدًا لأداء” المناسك هذا العام.
في العام 2019، شارك نحو 2.5 مليون حاج من جميع أنحاء العالم في أداء المناسك التي يتوجب على كل مسلم قادر أن يؤديها مرة واحدة على الأقل.
لكن تفشي فايروس كورونا أجبر السلطات السعودية بعد ذلك على تقليص أعداد الحج بشكل كبير، فشارك 60 ألف مواطن ومقيم مطعمين من داخل المملكة في عام 2021، في مقابل بضعة آلاف في عام 2020. وعادة ما يشكّل الحج مصدر دخل رئيسي للمملكة. وتقدّر إيرادات المناسك والعمرة والزيارات الدينية الأخرى على مدار العام بنحو 12 مليار دولار سنويًا.
كما أن الموسم الديني فرصة للبلاد لاستعراض قدراتها التنظيمية في ظل وجود ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للبلاد. وينطلق التجمع السنوي الضخم قبل حوالى عشرة أيام من زيارة مرتقبة للرئيس الأميركي جو بايدن إلى السعودية. وشهدت المملكة في السنوات الأخيرة حملة تغيير متسارعة، في تحول كبير يقوده ولي العهد الشاب، غالبا ما ترافق مع انتقادات متواصلة للسجل الحقوقي للمملكة.
واليوم، بعيدا عن الحفلات الموسيقية الصاخبة في الرياض والشواطئ المختلطة في جدة، يتجلى هذا التغيير بطرق مختلفة في مكة، حيث يتم الترحيب بالنساء من جميع الأعمار منذ العام الماضي لأداء فريضة الحج دون “محرم”.
وكذلك تحث السلطات على استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في الحدث الديني الذي يمتد إلى خمسة أيام.
وقبل الوباء، كان الحج يضم حشودا كبيرة في أماكن مفتوحة وفي أخرى مغلقة أو ضيقة، ولذا فإنّ الأنظار تتركز هذا العام على المخاوف من تفشي الفايروس مجددا. ووقعت الكثير من الحوادث راح ضحيتها المئات من الحجاج بسبب عمليات التدافع في الأماكن الضيقة على مر العقود.
وفي يونيو الماضي، قالت المملكة إن الكمامات لن تكون ضرورية بعد الآن في غالبية الأماكن، لكنها ستظل إلزامية في المسجد الحرام بمكة.
وسيقتصر الحج لهذا العام على المسلمين الذين تم تطعيمهم وهم تحت سن الـ65 عاما. ويتعين على الآتين من الخارج تقديم نتيجة فحص كوفيد - 19 سلبية من اختبار تم إجراؤه في غضون 72 ساعة من موعد السفر. وسيتم “غسل المسجد الحرام 10 مرات يوميًا” في عملية يقوم بها “أكثر من 4000 عامل وعاملة، وفي كل عملية تطهير تستهلك أكثر من 130 ألف لتر من المطهرات”، بحسب السلطات.
ومنذ بداية الوباء، سجلت السعودية أكثر من 795 ألف إصابة بفايروس كورونا، بينها 9000 حالة وفاة، في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 34 مليون نسمة.
وإلى جانب الوباء، فإن التحدي الآخر هو الشمس الحارقة في واحدة من أكثر مناطق العالم حرا وجفافًا.
ومع أن الصيف بدأ للتو، تجاوزت الحرارة 50 درجة مئوية في أجزاء من المملكة، التي بدأت تتحمل مع البلدان الصحراوية المجاورة الأخرى وطأة التغيير المناخي.
لكن بالنسبة إلى أحمد عبدالحسن الفتلاوي الآتي من العراق، فإنّ الحرارة المرتفعة في مكة لن تعيق تأديته للمناسك. وأوضح “أنا في الستين من عمري (..) ومن الطبيعي أن أشعر بإرهاق جسدي بسبب الحر، لكنني كنت أتوق إلى هذه الرحلة وحين تحقق الحلم لم أعد آبهاً بكل الأجواء الملتهبة في مكة”. وتابع الفتلاوي “أشعر بالراحة النفسية والاطمئنان الداخلي”.