الحب بين راهب وراهبة ينتصر على الدير والعمر

فاساناش (ألمانيا) - “إنه كبير في السن بالفعل”. هذا الانطباع هو أول ما جال بخاطر بيتي، عندما رأت لأول مرة أولريش هاينن الراهب الذي ينتمي إلى المذهب الفرنسيسكاني، ولا زالت تتذكر هذه الخاطرة حتى اليوم.
غير أن عمرها في ذلك الحين كان 65 عاما، أي لم تكن في ربيع شبابها بالضبط، وعلى أي حال فإن عمره كان 53 عاما أي أصغر منها بأكثر من عشر سنوات.
ومع ذلك فلم تكن قواعد السن أو الديانة لتمنعهما من العيش معا، وبالتالي انتهى الحال بالراهبة السابقة والراهب السابق بالزواج. والتقى الاثنان لأول مرة منذ 15 عاما، عندما توجه الأخ أورليش إلى منزل الرسامة بيتي، لإقناعها بالمشاركة في حوار بالدير.
ويتذكر الراهب السابق الذي يبلغ من العمر حاليا 68 عاما، ظروف ذلك اللقاء فيقول “كانت نيتي أن أكسبها ليس لي شخصيا، بل لصالح مشاركتها في الحوار الذي كان سيعقد عصرا وفي المساء بالدير”.
2020
تزوج الاثنان في طقوس مدنية، أثناء تفشي جائحة كورونا وسط مجموعة صغيرة من الحاضرين
وكانت نتيجة ذلك اللقاء انطباع لا يمحى عن بعضهما البعض، وكانت تريد بالفعل الحد من نشاطها قليلا، والتوقف عن تمضية الكثير من الوقت مع الرجال، والتركيز على دعم الجوانب الروحية لديها.
ولكن بعد هذه الأمسية التي جرى فيها اللقاء، تحدثت إلى ابنتها التي لخصت الوضع بسرعة. قالت الإبنة “أمي، أنت وقعت في الحب”.
غير أن الأخ أولريش كان لا يزال في الدير، وبالتالي لم يكن من الممكن التفكير في إقامة علاقة مع امرأة، ومع ذلك تطورت صداقة وثيقة بينهما، وكانا يلتقيان في المعارض والندوات الفنية، وفي بعض الأحيان كانا يقضيان العطلة معا، وأدركت بيتي التي تبلغ حاليا 80 عاما من العمر بشكل مبكر، إن الأمر ليس مجرد صداقة وإنها الآن أصبحت متاحة لأنها بلا زوج.
ولكن الحال لم يكن دائما على هذا المنوال، وتتذكر بيتي أنها أصبحت راهبة وعمرها 18 عاما، عندما انضمت إلى المذهب البندكتيني في ألمانيا.
غير أن حياتها العلمانية والمستقلة وحبها للفن، صارت عوامل تسبب لها إزعاجا مستمرا، ومن هنا فقد تركت حياة الدير بعد مرور نحو عشر سنوات من التحاقها به.
ردود أفعال الأخوة إزاء مغادرته الدير قاسية أحيانا، غير أن الحب انتصر في النهاية
ومرت فترة من الزمن بعد أول لقاء بينهما، قبل أن يتخذ الأخ أورليش خطوة مماثلة بدافع حبه لبيتي، وكان قد انضم إلى مجموعة الأخوة الفرنسيسكان بألمانيا عام 1977، وكان قرار الاختيار صعبا بالنسبة إليه، بين حياته المألوفة في الدير ومسؤولياته تجاه مجموعة الأخوة وبين اتخاذ حياة جديدة كزوج.
ويقول أورليش “بالطبع لم أستطع مناقشة الصراع داخلي علنا مع الرهبان الآخرين بالدير، واستغرق الأمر 11 عاما قبل أن أترك مجموعة الأخوة”.
وكانت ردود أفعال الأخوة إزاء مغادرته الدير قاسية أحيانا، ويقول أولريش إنه لم يسمع جميع التعليقات، ولكن ردود فعل الأخوة كانت تتسم في الغالب بخيبة الأمل والافتقار إلى الفهم، وتعلق بيتي على أحداث هذه الفترة قائلة “حتى شقيقه كان يصلي من أجله وكأنه أصيب بمرض”.
غير أن الحب انتصر في النهاية، وأصبح الأخ أورليش الراهب الزوج أولريش. وتزوج الاثنان في عام 2020 في طقوس مدنية، أثناء تفشي جائحة كورونا وسط مجموعة صغيرة من الحاضرين.
ويؤكد أورليش (68 عاما) مدى سعادته بقوله، “إنني أشعر حاليا بالرضا والسعادة”. ويعلق على قراره بترك الدير قائلا “بالنسبة إليّ نمت حرية أكبر بداخلي مرة أخرى”، وهو يرى أن الرب لا يقرر لنا ما نفعله وما لا نفعله، ولكنه “يمنحنا دائما حرية اتخاذ القرار”، وهذه الرؤية ساعدت أورليش أيضا في عمله الحالي كمعالج نفسي عن طريق الفن.