الحاسة الخامسة
ارتبطت حاسة البصر بفنون الرّسم والنّحت والمعمار والمسرح والسينما، وارتبطت حاسة السّمع بفنون الشعر والقصص والموسيقى والغناء، وارتبطت حاسة الشم بصناعة العطور، وارتبطت حاسة الذوق بفنون الطبخ، وأمّا حاسّة اللمس فقد يذهب الظنّ إلى أنّها لم ترتبط بأيّ منتوج ثقافي يذكر، ومن ثم يتم القفز عليها نحو افتراض حاسة سادسة.
ثانيا، حاسة الحياة: فقد يعيش الإنسان بلا سمع ولا بصر، قد يعيش أيضا بلا ذوق ولا شم، لكنه دون حاسة اللمس لن يستمر على قيد الحياة؛ فدون لمس الأشياء والهواء لن يشعر بأي وخز أو احتراق أو جرح أو نزيف أو لدغة أو لفحة أو قرحة، ما يجعله مهددا بفقدان الحياة في أي لحظة. لذلك، ليس مستغربا أن تكون حاسة اللمس أول حاسة تنشأ عند الجنين.
ثالثا، حاسة الإدراك: فإننا لا نرى الأشياء بل نرى صور الأشياء، أي انعكاس الضوء عليها.
خامسا، حاسة العيش المشترك: فإن الأجساد البشرية تحتاج إلى البقاء على مسافة قريبة من بعضها البعض، تحتاج إلى التقارب والتلامس. ولعل التدليك حاجة حيوية للأجساد، بل التصافح نفسه حاجة حيوية. وبالدلالة اللغوية فإن القدرة على التصافح هي القدرة على الصفح أيضا. أثناء التصافح نتبادل حرارة الحياة التي تسكن أجسادنا. لذلك نفهم كيف يرفض المتباغضون التصافح.
إن انعزال الأجساد عن بعضها البعض يعني بداية تدهور مستوى الشعور بالحياة. وإنّ الميل إلى التباغض والتباعد يعني وجود فراغات لتسلل ثقافة الموت والكراهية، وإماتة ما هو إنساني في الإنسان.