الجيش الإسرائيلي ينسحب من مجمّع الشفاء في غزة مخلفا جثثا ودمارا

غزة - انسحب الجيش الإسرائيلي من مجمّع الشفاء الطبي في مدينة غزة الذي طوقه واقتحمه قبل أسبوعين مخلفاً الكثير من الدمار و”عشرات الجثث” وفق طبيب في ما كان أكبر مجمّع طبي في القطاع.
واتهم المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، الاثنين، الجيش الإسرائيلي بقتل 400 مدني وإخفاء جثثهم في أرضية مجمّع الشفاء ومحيطه بمدينة غزة شمال القطاع، واعتقال 300، فيما ظل أكثر من 100 في عداد المفقودين، وذلك على مدار أسبوعين من توغله.
وكشف المكتب أن الجيش الإسرائيلي “حاول إخفاء جريمته النكراء بإعدام مئات المدنيين والجرحى والمرضى داخل أسوار المجمّع من خلال تغطية الجثامين بأكوام الرمال وتجريفها ودفنها وخلطها بأرضية المجمع”. وبدأ الجيش الإسرائيلي في الثامن عشر من مارس الجاري عملية كانت الثانية له في مجمّع الشفاء الطبي منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر. وبرّر الجيش عمليته الثانية بتوافر معلومات استخبارية عن وجود “مسؤولين كبار” من حماس والجهاد الإسلامي فيه.
وأفادت وزارة الصحة أن المجمّع صار خارج الخدمة، متحدثة عن دمار “كبير جدا” فيه وفي الأحياء المحيطة.
وقال الناطق باسم الدفاع المدني في غزة محمود بصل إن “قوات الاحتلال أعدمت عددا من المواطنين حيث عثر على جثثهم وهم مكبلو الأيدي في مجمّع الشفاء الطبي، وهنالك عدد كبير جداً من الشهداء”.
الجيش الإسرائيلي قتل 400 مدني وأخفى جثثهم في أرضية مجمع الشفاء ومحيطه بمدينة غزة شمال القطاع
وأضاف “قوات الاحتلال أحرقت كافة أقسام المجمّع ودمرت كل المعدات والأجهزة والمستلزمات الطبية”.
وأكد شاهد عيان وجود جثث متناثرة على الطريق “داست عليها الدبابات. دمار، أطفال، أبرياء، مدنيين عزل، داسوا عليهم”.
وأعلن الجيش الاثنين إنهاء عملياته داخل المجمّع ومحيطه. وقال في بيان إن قواته “استكملت هذا الصباح العملية في منطقة مستشفى الشفاء وخرجت منها”.
وكان الجيش أعلن في وقت سابق أنه قضى على “أكثر من 200” عنصر من حركة حماس في منطقة مجمع الشفاء، متعهدا مواصلة العملية العسكرية حتى “القبض على آخر” مقاتل.
وذكرت منظمة الصحة العالمية الأحد أن المستشفى لا يزال يضم 107 مرضى و50 عاملا في المجال الصحي.
وكشف المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الأحد بأن 21 مريضا توفوا في مجمّع الشفاء منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية.
ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، شنّ الجيش الإسرائيلي عددا من العمليات التي طالت مستشفيات ومرافق طبية والأحياء المحيطة بها، متهّما حماس باستعمالها كستار لنشاطاتها. لكن الحركة نفت بشدة استخدام مقاتليها لمجمّع الشفاء وغيره من المرافق الصحية.
وقال الجيش الإسرائيلي إن طائرة تابعة لسلاح الجو “قصفت مركز قيادة عملياتيا تابعا لحركة الجهاد الإسلامي وإرهابيين متمركزين في باحة مستشفى الأقصى في منطقة دير البلح”.
وأضاف “بعد هذه الضربة الدقيقة، لم يتضرر مبنى مستشفى الأقصى ولم تتأثر وظيفته”.

وتوازيا مع العملية في مجمّع الشفاء، أفادت حماس بأنّ القوات الإسرائيلية موجودة في مجمّع مستشفى ناصر، فيما ذكر الهلال الأحمر الفلسطيني أنّ عمليات تجري في مستشفى الأمل، وكلاهما في مدينة خان يونس.
واندلعت الحرب في 7 أكتوبر، إثر هجوم نفّذته حركة حماس على المستوطنات في محيط غزة أسفر عن مقتل 1160 شخصاً. وخُطف خلال الهجوم نحو 250 شخصاً ما زال 130 منهم رهائن في القطاع، ويُعتقد أن 34 منهم لقوا حتفهم، وفق تقديرات رسمية إسرائيلية.
وتعهّدت إسرائيل بـ”القضاء” على حماس وهي تشنّ منذ ذلك الحين قصفا مكثّفا، وبدأت هجوما بريا في 27 أكتوبر، ما أدى إلى مقتل 32845 شخصا غالبيتهم من النساء والأطفال.
والاثنين، أعلن الجيش الإسرائيلي أن 600 من جنوده قتلوا منذ اندلاع الحرب، من بينهم 256 على الأقل داخل القطاع منذ بدء العمليات البرية.
كذلك، قضى أكثر من نصف الجنود القتلى أثناء هجوم حماس، في حين سقط آخرون في الضفة الغربية المحتلة حيث تصاعد التوتر منذ اندلاع الحرب في غزة، أو في شمال إسرائيل حيث يسجّل تبادل يومي للقصف عبر الحدود مع حزب الله اللبناني.
وتلوّح إسرائيل منذ أسابيع بشنّ عملية برية في مدينة رفح بأقصى جنوب القطاع عند الحدود المغلقة مع مصر، والتي باتت ملاذاً لأكثر من 1.5 مليون فلسطيني غالبيتهم نزحوا من مناطق أخرى في القطاع.
ويشدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أن هجوم رفح ضروري لتحقيق هدف “القضاء” على حماس. إلا أن هذه العملية المحتملة تثير مخاوف دولية واسعة خشية على مصير المدنيين. وأبدت واشنطن الحليفة لإسرائيل تحفظات على العملية المحتملة.
وأكد مصدر إسرائيلي إن اجتماعا عبر الفيديو عقد الإثنين للبحث في الخطة الإسرائيلية لمهاجمة المدينة مع إمكان “عقد اجتماع حضوري في وقت لاحق من هذا الأسبوع”، بعد نحو أسبوع على إلغاء زيارة وفد إلى واشنطن للغرض نفسه.