الجنوب اللبناني يفتقد زينة عيد الميلاد وفرحته

الأحداث الأمنية على الحدود اللبنانية والحرب الدائرة في غزة انعكست على فرحة العيد ونغصتها.
الأحد 2023/12/17
حضر العيد وغابت البهجة

يفتقد الجنوب اللبناني بهجة موسم الأعياد وزينته، حيث نغصت الأوضاع على الحدود اللبنانية والحرب الدائرة في غزة فرحة اللبنانيين وحولت الشهر الذهبي بالنسبة إلى التجار إلى شكوى من ركود في كل القطاعات فاقم الوضع الاقتصادي الكارثي في البلاد.

صيدا/صور (لبنان) - ليس هناك ما يشير إلى اقتراب موسم الأعياد في مدن جنوب لبنان، فعاصمة الجنوب صيدا اعتادت في هذا الشهر من كل عام أن ترفع زينة الأعياد المجيدة وتفتح أيديها للوافدين من جنوبها وشرقها وشمالها، لكنها اكتفت هذا العام برفع شجرة الميلاد عند تقاطع إيليا، فيما غابت الزينة عن الأسواق التجارية، حيث انعكست الأحداث الأمنية على الحدود اللبنانية والحرب الدائرة في غزة على فرحة العيد ونغصتها.

وفي سوق صيدا التجاري رئة المدينة الاقتصادية “لا حركة ولا بركة”، فالتجار الذين يعوّلون على هذا الشهر من كل عام يشكون ركودا لم يعتادوه حتى في أحلك الظروف في ظل انهيار تاريخي للعملة الوطنية.

أما في مدينة صور الساحلية، فرغم استعداد طائفة مسيحية لها جذور تاريخية في المدينة القديمة الخلابة للاحتفال بعيد الميلاد، فإن المنطقة تخيم عليها أشباح الصراع مع إسرائيل وتمثل أصوات القصف المتقطعة على الحدود تذكيرا دائما بمخاطر اندلاع حرب.

وقال زهير حلاوي صاحب مطعم وفندق الفنار في مدينة صور “لم يشتر أحد زينة، لأن الجنوب في حالة حداد وألم”، مضيفا “إذا استمر الأمر على هذا النحو، فلا أعتقد أننا سنقيم حفلة رأس السنة أو حفلة عيد الميلاد”، مشيرا إلى أن العديد من الحجوزات ألغيت.

وأكد رئيس جمعية تجار صيدا وضواحيها علي الشريف أن “هذا الشهر الذي نعتبره كتجار شهرا ذهبيا منذ بدايته حتى نهايته، حيث يشهد في المعتاد حركة لافتة، بالكاد هذا العام نرى زبونا”.

الصراع يعد ضربة أخرى لبلد لا يزال العديد من سكانه يعانون من آثار انهيار مالي كارثي وقع قبل أربع سنوات

وأضاف “ساهمت الأوضاع الأمنية والتخوف مما يجري في الجنوب، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي السيء، في ثني المغتربين عن تمضية عطلة الأعياد في لبنان، حيث تراجعت نسبة الحجوزات بالفنادق بشكل كبير، إلى جانب إلغاء عدد كبير منها، والأمر نفسه بالمطاعم، فوضعها ليس جيدا خصوصا في هذا الشهر الذي يعوّل عليه لبنان لأنه يضخ أموالا في الأسواق التجارية وكل القطاعات.. من هنا نرى هذا الانكماش الذي لم نشهده من الستينات إلى اليوم”.

وتابع “صيدا عانت كثيرا السنة الحالية خصوصا في الأشهر الماضية بدءا بالأحداث الأمنية التي شهدها مخيم عين الحلوة والانهيار المتتالي في الوضع الاقتصادي والسياسي وصولا إلى أحداث الجنوب التي هي انعكاس لحرب غزة”.. وهو ما ألقى بظلاله بشكل كبير على كل القطاعات.

ويعد الصراع ضربة أخرى لبلد لا يزال العديد من سكانه يعانون من آثار انهيار مالي كارثي وقع قبل أربع سنوات.

وقال الشريف “لم نشهد منذ ستينات القرن الماضي إلى اليوم هذا المأزق الاقتصادي الذي نعيشه ولا التدني في القوة الشرائية… لم يمرّ علينا مثيل لهذه المرحلة كنا نحرص سنويا على تزيين المدينة خلال موسم الأعياد.. لكن اليوم هناك أولوية عند المواطن”، مشيرا “لا نرى آثار العيد بسبب هذا الواقع ولم نعلق الزينة كما جرت العادة.. هذه الحرب نغصت الفرحة على كل الناس دون استثناء وشلّت قدراتهم بشكل كبير”.

وضبطت أجواء الحرب في غزة والجنوب أيضا إيقاع الأنشطة الميلادية التي عادة تنظمها مطرانية صيدا للروم الكاثوليك في كل عام، لاسيما من خلال لجنة “الأعياد تجمعنا”، وفق الوكالة الوطنية للإعلام.

وأعطت “الحرب أجواء مؤلمة للمنطقة بأسرها ولن تكون للعيد البهجة نفسها التي يحملها كل عام، خصوصا أن المنطقة التي ولد فيها المسيح فيها حرب وفيها ألم، معاناة الفلسطينيين في المنطقة تنعكس علينا جميعا”، بحسب المطران حداد، مضيفا “عيد الميلاد يأتي وقتا للصلاة وللروحانية والتأمل.. لهذا قررنا ألا نتقبل التهاني هذا العام بعيد الميلاد المجيد والسنة الميلادية واتفقنا مع بعضنا كأساقفة في المدينة على هذا الأمر”.

Thumbnail

وشدد حلاوي على أن “هناك الكثير من الضحايا.. إقامة احتفالات في وقت يعيش فيه الناس هذه الأوضاع هو شيء غير أخلاقي”.

وذكرت ثريا علامة، وهي أم لطفلين تبلغ من العمر 31 عاما، أنها فرت من قرية دبل التي يسكنها زوجها على الحدود لتقيم مع والديها في صور، مؤكدة أن الأزمة الاقتصادية أثرت على احتفالات عيد الميلاد، لكن الصراع الذي يدور حاليا أدى إلى تفاقم الوضع.

وعلى بعد نحو 20 كيلومترا من الحدود، تمثل المدينة الواقعة في أقصى جنوب لبنان ملاذا للعديد من الأهالي منذ اندلاع الأعمال القتالية بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، وهي إحدى تداعيات الحرب في قطاع غزة.

ومدينة صور هي موقع لإحدى الحضارات القديمة على البحر المتوسط، ويقطنها سكان غالبيتهم من الشيعة الذين يعيشون جنبا إلى جنب مع طائفة مسيحية لها جذور تاريخية في المدينة القديمة.

وأضافت علامة أن أحد أقاربها الذي يعيش في قطر وعادة ما يعود إلى بلاده مع أسرته لقضاء عيد الميلاد لن يأتي هذا العام بسبب الصراع، متابعة “بدل أن نحتفل في منازلنا وفي ضيعتنا وسط أقاربنا نزحنا… جميعنا سنكون هنا ومع ذلك الفرحة فيها غصة”.

18