الجماهير ترحب بالدموع والتصفيق الحار بعودة الحياة لمسارح برودواي

نيويورك- عادت الحياة من جديد لأكبر المسرحيات الموسيقية في مسارح برودواي الثلاثاء، بعد إغلاق غير مسبوق استمر 18 شهرا بفعل الجائحة التي تسببت في حالة من الصمت المخيف وألقت بظلالها على حي المسارح في نيويورك بعد أن كان يعج بالحركة في العادة.
وتأتي هذه الخطوة بعد افتتاح أول عمل مسرحي يعرض على خشبات برودواي مطلع أغسطس الماضي وفق شروط صحية صارمة، وهو العرض الأول لمسرحية “باس أوفر” للمخرجة دانيا تيمور، وهي معالجة عصرية لمسرحية “ويتينج فور غودو” أو “في انتظار غودو” للكاتب الأيرلندي الراحل صامويل بيكيت، على مسرح أوجست ويلسون في مانهاتن.
وبدأت الحياة تدب من جديد منذ الثلاثاء في المسارح عبر عروض المسرحيات الموسيقية “هاميلتون” و“الأسد الملك” (ليون كينج) و“الشرير” (ويكيد) أمام الجماهير التي رحبت بالدموع والتصفيق الحار بعودة الحياة لمسارح برودواي.
وبدأ لين – مانويل ميراندا مؤلف مسرحية “هاميلتون” الأمسية بعرض مسرحي ارتجالي مثير تحت اسم “نيويورك، نيويورك” عند باب المسرح وذلك بصحبة الممثلين في المسرحيات الثلاث.
وخاطب ميراندا الجماهير قائلا “عادت مسارح برودواي. ضع كمامة واحصل على اللقاح وتفضل لمشاهدة العرض المسرحي الحي”. كما أعيد عرض مسرحية “شيكاغو” الثلاثاء.
وترتدي هذه العودة معنى خاصا مع مسرحية “كوم فروم أواي” المرتبطة بتبعات هجمات الحادي عشر من سبتمبر التي أحيت الولايات المتحدة السبت الماضي ذكراها السنوية العشرين.
وتُعرض مسرحية “كوم فروم أواي” من تأليف الكنديين إيرين سانكوف وديفيد هين اعتبارا من الحادي والعشرين من سبتمبر.
ويروي عرض “كوم فروم أواي” الذي عرفته برودواي منذ عام 2017 وغاب عنها اعتبارا من مارس 2020 بسبب الأزمة الصحية، كيف استقبل سكان عاديون في بلدة غاندر في الجزء الكندي من نيوفاوندلاند نحو 7000 مسافر على متن طائرات هبطت على الجزيرة بسبب إغلاق المجال الجوي الأميركي بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر سنة 2001.
ويقول أحد المنضمّين الجُدد إلى الفرقة جايمس سيول “يُذكّرنا هذا العرض بأن قيم اللطف والرحمة والنعمة لا تزال قائمة حتى في الأوقات الصعبة”.
خمسة عشر ممثّلا يرقصون ويُغنّون، وقوفا وجلوسا وجثيا وكأنّ كل الحركات التي اعتادوا على تجسيدها قبل التوقف القسري بسبب الجائحة، عادت إليهم. ويزداد توقهم إلى لقاء الجمهور من جديد فيما تشارف التدريبات في استوديو في جنوب مانهاتن على نهايتها.
وتقول كيو سميث التي لم تعتلِ الخشبة منذ أكتوبر 2019 “اشتقت للجمهور وللتواصل معه ومشاركته هذه القصّة”.

افتتاح وفق شروط صحية صارمة
وتُعرض المسرحية اعتبارا من الحادي والعشرين من سبتمبر قرب ساحة تايمز سكوير، بالإضافة إلى بثّ نسخة مصورة منها الجمعة على منصة “أبل.تي.في”.
وكانت برودواي التي تعتبر الرئة الثقافية لنيويورك واحدة من أولى المؤسسات التي أغلقت أبوابها عندما انتشر الوباء في منتصف مارس 2020، لكنها كانت آخر الجهات التي أعيد فتحها للعمل في الولايات المتحدة. واستغرق الأمر شهورا لتطوير أنظمة تنقية الهواء وتحديد كيفية الحفاظ على التباعد الاجتماعي.
ويجب على الجمهور والممثلين والموسيقيين إضافة للعاملين في الكواليس تقديم ما يثبت حصولهم على التطعيمات الكاملة ووضع الكمامات خلال جميع العروض في برودواي وخارج برودواي في نيويورك.
وكانت هذه المسارح الشهيرة تحقق عائدات تفوق الـ33 مليون دولار أسبوعيا قبل الجائحة، بينما كانت مسرحيات “هاميلتون” و“الأسد الملك” و“الشرير” هي الأعلى من حيث الإيرادات حيث حقق كل منها أكثر من مليون دولار في الأسبوع الأخير، قبل أن يغلق الوباء حوالي 40 مسرحا في منتصف مارس 2020 مما تسبب في فقدان الآلاف من الممثلين والمسرحيين والموسيقيين والراقصين لعملهم.
وتنظم برودواي وسلطات مدينة نيويورك مهرجانا في عطلة نهاية الأسبوع يتضمن حفلات موسيقية وعروضا في ساحة تايمز سكوير للترويج للمسرح حيث يشارك فنانون من 18 مسرحية موسيقية.
وقال توم هاريس رئيس جماعة (تحالف تايمز سكوير) في بيان “إعادة افتتاح برودواي مثل بساط ترحيب ضخم لسكان نيويورك والزوار للعودة إلى تايمز سكوير”.
وتؤكد الهيئة المشرفة على المسارح أنه من الممكن إعادة النظر في القواعد الصحية المفروضة مع احتمال تخفيفها اعتبارا من نوفمبر.
ورغم اتجاه الكثير من المسارح في مختلف أقطار العالم إلى العروض الافتراضية، فإن ذلك لم يعوض العروض المباشرة، حيث يرى الكثيرون أنه وإن كان التكامل بين الافتراضي والواقعي ممكنا، فإن العالم الافتراضي المبني على الاستهلاك ومنطق الربح والسهولة والسرعة قد لا يتحمل فنا مثل المسرح، وبالتالي سيسعى إلى تطويعه لما يناسب المنطلقات التي نشأ منها.
ويبقى المسرح من أكثر الفنون حيوية والأكثر تضررا في مختلف أقطار العالم من الإغلاق، لذا ستكون عودة مسارح نيويورك بارقة أمل لبقية المسارح في مختلف أنحاء العالم لتعود إلى سالف نشاطها.