الجلوس لفترات طويلة يزيد احتمالات الإصابة بالزهايمر حتى لمن يمارسون الرياضة

قلة الحركة تسبب انكماش حجم المخ وتدهور الذاكرة.
الأحد 2025/06/01
الحركة مهمة لكبار السن

يؤكد الأطباء وخبراء اللياقة البدنية أن ممارسة الرياضة بانتظام لا يمكن أن تمنع مضار الجلوس لفترات طويلة. وكشفت الدراسات الحديثة أن قلة الحركة تسبب انكماش حجم المخ وتدهور الذاكرة ووظائف استرجاع المعلومات، ما يزيد من احتمالات الإصابة بمرض الزهايمر. وينصح الخبراء بتقليل فترات الجلوس وتضمين الأنشطة الحركية لروتينهم اليومي، ما يساعد على تنشيط الدماغ.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - كشفت دراسة علمية أن الجلوس لفترات طويلة يؤدي إلى انكماش حجم المخ، حتى في حالة القيام بتدريبات رياضية للفترة الزمنية التي ينصح بها المتخصصون.

وتبين خلال الدراسة الجديدة التي نشرتها الدورية العلمية “الزهايمر والخرف” أن الأشخاص الذي يجلسون لفترات طويلة يصابون على الأرجح بتراجع الوظائف المعرفية وتدهور المخ، حتى لو كانوا يمارسون الرياضة البدنية لفترات تصل إلى 150 دقيقة أسبوعيا.

وشملت الدراسة أكثر من 400 شخص بالغ تصل أعمارهم إلى خمسين عاما أو أكثر، حيث كان يطلب منهم ارتداء أجهزة لقياس الأنشطة البدنية التي يقومون بها على مدار أسبوع مع إخضاعهم لسلسلة من الاختبارات العصبية والنفسية وأشعة للمخ على مدار سبع سنوات.

واتضح أن الأشخاص الذين يعيشون حياة تتسم بقلة الحركة يتعرضون لانكماش حجم المخ وتدهور الذاكرة ووظائف استرجاع المعلومات.

وتم رصد هذا التدهور لدى الأشخاص الذين يجلسون لفترات طويلة، وذلك بالرغم من أن 87 في المئة منهم كانوا يحرصون على ممارسة التدريبات البدنية وفق المعايير التي حددها المتخصصون.

ونقل الموقع الإلكتروني “هيلث داي” المتخصص في الأبحاث الطبية عن رئيس فريق الدراسة من جامعة فاندربيلت الأميركية قوله إن “هذا البحث يؤكد أن تقليل زمن الجلوس قد يكون إستراتيجية واعدة لمنع تدهور الوظائف العصبية، وما يترتب على ذلك من تراجع الوظائف المعرفية للمخ.“

نمط الحياة غير النشط  يمكنه أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وحدوث نوبات قلبية وفشل القلب وتمدد الأوعية الدموية وأمراض الكلى والسكتة الدماغية

بدورها، كشفت دراسة حديثة أن الجلوس لفترات طويلة يوميا قد يحدث تأثيرا سلبيا على صحة الدماغ. وأفاد الباحثون المشرفون على الدراسة أن الجلوس لفترات طويلة، قد يؤدي إلى تدهور مناطق مسؤولة عن الذاكرة والإدراك.

وسجل الباحثون فقدانا متسارعا في حجم منطقة الحصين، وهي منطقة أساسية في الدماغ تلعب دورا رئيسيا في تكوين الذكريات.

وأشارت الدراسة إلى أن الأفراد الذين يحملون المتغير الجيني ” إيه أي أو ج ـ 4″ المرتبط بزيادة خطر الإصابة بالزهايمر والذين قضوا وقتا أطول في الجلوس شهدوا انخفاضا ملحوظا في حجم المادة الرمادية،في الفصين الجبهي والجداري مقارنة بغيرهم.

ويوصي الخبراء بتقليل فترات الجلوس اليومي واتّباع إجراءات بسيطة مثل الوقوف والتحرك لمدة 30 دقيقة واستخدام المكاتب القابلة للتعديل  بين الجلوس والوقوف، وأداء تمارين خفيفة خلال فترا الراحة.

ويشير خبراء اللياقة البدنية إلى أن الحركة المستمرة والتمارين الرياضية تعززان حركة الدورة الدموية وتشجعان تدفق السوائل الليمفاوية وتعززان الطاقة، وتحسنان المزاج وتنظمان عملية الإخراج والهضم، بينما تؤثر قلة الحركة على الصحة الجسدية والعقلية معا.

تقليل زمن الجلوس قد يكون إستراتيجية واعدة لمنع تدهور الوظائف العصبية، وما يترتب على ذلك من تراجع الوظائف المعرفية للمخ

ويشير خبراء الصحة إلى أن نمط الحياة غير النشط  يمكنه أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وحدوث نوبات قلبية وفشل القلب وتمدد الأوعية الدموية وأمراض الكلى والسكتة الدماغية.

وتسبب قلة التمارين الرياضية وضعف الحركة مرض الأرق، العامل الرئيسي للسمنة والاكتئاب وضعف المناعة وانخفاض الدافع الجنسي، كما تسبّب آلام الظهر وتنكّس العمود الفقري وإصابته.

وينتج الجسم الكثير من هرمون الغريلين (هرمون الجوع) خلال اليوم وبخاصة أثناء قلة النشاط، ويمكن أن يؤدي إنتاجه إلى نتائج خطيرة على الصحة العامة ويتسبب بالسمنة، وتتم السيطرة علي هرمون الغريلين بالحركة والتمارين الرياضية وممارسة الأنشطة البدنية يوميا، كما يمكن أن تسبب قلة الحركة تصلب المفاصل التي قد تتطور إلى الإصابة بالنقرس والتهاب المفاصل والتهاب المفاصل الإنتاني، وبخاصة في منطقتي الركبتين والرقبة.

وتعرف الحركة بأنَّها النشاط البدني، وهي الحركة التي تنتجها العضلات الهيكلية وتتطلب الطاقة، وتكون الحركة أثناء العمل واللعب وأداء الأعمال المنزلية.

ولا ينبغي الخلط بين مصطلح الأنشطة البدنية والتمرين، إذ أنَّه يعد جزءًا من النشاط البدني المخطط والمنظم له، وتهدف الأنشطة البدنية المعتدلة والشديدة إلى تحسين أو الحفاظ على اللياقة البدنية، كما يمكن أن تحسن الصحة.

وكشفت الدراسات السابقة وجود عدد من الطرق التي يُمكن من خلالها للأشخاص المساعدة في الحفاظ على صحة الدماغ مع تقدمهم في السن، بما في ذلك اتّباع نظام غذائي صحي، والحصول على قسط كافٍ من النوم الجيد، والإقلاع عن التدخين، والحصول على ما يكفي من التحفيز الذهني من خلال أنشطة مثل الألغاز والقراءة، وممارسة النشاط البدني.

الجلوس لأكثر من 8.5 ساعة يومياً قد يضع الأفراد في فئة "الخطر المتوسط إلى العالي" للإصابة بأمراض القلب والتمثيل الغذائي

وأكد الخبراء أن التدهور في الوظائف الإدراكية المرتبط بالعمر له آثار بعيدة المدى على الصحة الشخصية والعامة. وأوضحوا أن النشاط البدني سلوكٌ مرتبطٌ بأسلوب الحياة، وقد يلعب دوراً ليس فقط في الوقاية من التدهور المعرفي وتخفيفه، بل في تعزيز الوظيفة الإدراكية في المراحل المتقدمة من العمر.

وأظهرت الدراسات أن خمس دقائق فقط من النشاط البدني المتوسط إلى القوي يمكن أن تساعد في الحفاظ على صحة الدماغ مع التقدم في العمر.

ولا يؤثر الجلوس على وظائف الدماغ الإدراكية فحسب، بل على صحة الجسم ككل، حيث يزيد خطر أمراض القلب ويسرّع عملية الشيخوخة وهو ما كشفه بحث أجرته جامعة كولورادو بولدر وجامعة كاليفورنيا.

وأشار البحث إلى أن جيل الألفية يقضي أكثر من 60 ساعة أسبوعياً في الجلوس، ما يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب ويُسرّع عملية الشيخوخة، مع ساعات العمل الطويلة عبر” زوم” والتنقلات المرهقة وأوقات الفراغ التي تُقضى في التصفح والبث، أصبحت هذه العادة اليومية تهديداً صحياً يتطلب التدخل.

وتعد هذه الدراسة من أوائل الدراسات التي تستكشف كيف يؤثر الجلوس لفترات طويلة على المؤشرات الصحية مثل الكوليسترول ومؤشر كتلة الجسم لدى الشباب البالغين، وأن النشاط البدني المعتدل وحده غير كافٍ لتعويض الآثار السلبية للجلوس المطول.

وبينت الدراسة أن الجلوس لأكثر من 8.5 ساعة يومياً قد يضع الأفراد في فئة “الخطر المتوسط إلى العالي” للإصابة بأمراض القلب والتمثيل الغذائي.

وقال الباحث رايان برويلمان المؤلف الأول للدراسة، إن “ما يفعله خلال هذه الفترة الحرجة من حياته مهم للغاية“.

وشملت الدراسة أكثر من 1000 مشارك تتراوح أعمارهم بين 28 و49 عاماً، بمتوسط عمر يبلغ 33 عاماً. وتم جمع البيانات من دراسة التبني والتوائم في كولورادو والتي تتبع التوائم والأفراد المتبنين منذ الطفولة.

ويأمل الباحثون أن تشكل هذه الدراسة دعوة لصناع القرار لمراجعة إرشادات النشاط البدني وتحديد المستويات الآمنة للجلوس. في الوقت نفسه، يشجع الباحثون الشباب على اتخاذ خطوات استباقية لتبني عادات صحية تُسهم في تحسين صحتهم على المدى البعيد.

ويُعد الجلوس لفترات طويلة خطراً خفياً على جيل الألفية، حيث يُسرّع من عملية الشيخوخة ويزيد من مخاطر الأمراض القلبية. ويرى الباحثون أن الجمع بين تقليل الجلوس وزيادة النشاط البدني المكثف يمكن أن يكون حلاً فعّالاً لتحسين الصحة العامة وبناء مستقبل صحي أفضل.

14