الجفاف يغذي الصراعات في حوض بحيرة تشاد

مومباسا (كينيا) - ضرب الجفاف بحيرة تشاد وحوّلها إلى بؤرة للإرهاب والصراعات المسلحة، حيث أدى فقدان سبل العيش إلى تأجيج الجريمة وتجنيد أعضاء جدد في الجماعات الإرهابية والنزوح من الأرياف التي أسهمت بدورها في اندلاع العنف وانتشار الجريمة في البلدات والقرى التي تستضيف النازحين.
وكانت بحيرة تشاد، التي صنفت سادسة أكبر بحيرة في العالم، خلال ستينات القرن الماضي تمثل المصدر الرئيسي لحياة سكان يستفيدون من مياهها في الشرب والزراعة والرعي، وحتى صيد الأسماك والتجارة.
وأفاد تقرير مناخي بأن الجفاف وتقلص بحيرة تشاد الناجم جزئيا عن تغير المناخ والفيضانات يؤججان الصراع والهجرة في المنطقة، وهو ما يتطلّب معالجة أفضل.
ودعت إحدى المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان واللاجئين إلى أن تكون هذه القضية محورية في مؤتمر دولي رفيع المستوى بشأن حوض بحيرة تشاد الذي سيُعقد الأسبوع المقبل في عاصمة النيجر، نيامي.
ووجد التقرير أن تقلص الموارد الطبيعية بسبب سوء الأحوال الجوية يؤجج التوترات الموجودة بالفعل بين المجتمعات ويضاعف أزمة تشريد السكان. وقال إن حوالي 3 ملايين شخص تشردوا وإن 11 مليونا آخرين بحاجة إلى مساعدات إنسانية.
وقالت الكاتبة الرئيسية في التقرير ألكسندرا لامارش لوكالة أسوشيتيد برس “لفترة طويلة، لم نشهد اهتماما كافيا بالكيفية التي يؤدي بها تغير المناخ إلى تأجيج العنف والنزوح. وقد ركزت الاستجابات الدولية لأزمة حوض بحيرة تشاد بشكل حصري على وجود الجماعات المسلحة”.
وأدى تمرد جماعة بوكو حرام المتطرفة وجماعات مسلحة أخرى على مدى 13 عاما إلى زعزعة استقرار حوض بحيرة تشاد ومنطقة الساحل الأوسع. ويُذكر أن الحوض مشترك بين الكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا.
وقال كبير مستشاري المدراء التنفيذيين لشعبة السكان التابعة للأمم المتحدة، مابينغوي نغوم، إن منطقة بحيرة تشاد تواجه "أكثر بكثير من مجرد أزمة مناخية وبيئية". إن هذه قضية إنسانية تمس السلام والتنمية الإقليمية.
وحذرت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة من أن حوض بحيرة تشاد "معرض بشكل خاص للأحداث المتطرفة المتعلقة بتغير المناخ مثل الفيضانات والجفاف" وأصدرت تحذيرات من أن هذه "الأحداث المتطرفة ستصبح أكثر تكررا على الأرجح مما يؤدي إلى المزيد من حالات الجفاف والفيضانات المتكررة التي تؤثر على الأمن الغذائي والأمن العام في المنطقة".
وأشارت لامارش إلى أن بلدة لوغوني بيرني في شمال الكاميرون معرضة بشكل خاص للعنف المتزايد مع احتداد تغير المناخ. وقالت إن "الاقتتال من أجل الوصول إلى الموارد الطبيعية (في لوغوني بيرني) أجبر 60 ألف شخص على البحث عن ملاذ في تشاد المجاورة في أواخر 2021".
ويغطي حوض بحيرة تشاد في غرب أفريقيا ووسطها 8 في المئة من القارة الأفريقية، وهو موطن لـ42 مليون شخص تدور سبل عيشهم حول الرعي وصيد الأسماك والزراعة، وفقا للأرقام الصادرة عن لجنة حوض بحيرة تشاد.
ويعيش نحو 17 مليون شخص من بين سكان منطقة بحيرة تشاد في المناطق الأكثر تضررا بالعنف الناتج عن النزاع الدائر بين الجماعات المسلحة وقوات الجيش، حسب إحصاءات منظمة أطباء بلا حدود.
ومنذ العام 2020 صنف مؤشر الإرهاب العالمي بلدان البحيرة ضمن الدول العشر الأقل أمانًا في القارة. وأخرج العنف أكثر من 2.5 مليون شخص من ديارهم في جميع أنحاء المنطقة. وقد يجبر الجفاف آخرين على مغادرة أراضيهم.
ويشير برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أن بحيرة تشاد تقلصت بنسبة 90 في المئة خلال 60 سنة، وهو ما يساهم فيه تغير المناخ بشكل كبير. كما أن مسؤولية هذا التراجع تشمل الري وبناء السدود وزيادة عدد السكان.
ويلفت جدول الأعمال المؤقت لقمة الأسبوع المقبل الذي اطلعت عليه وكالة أسوشيتيد برس إلى أن "الآثار السلبية لتغير المناخ" ستظهر كجزء من بناء السلام والجهود الإنسانية.
وقالت لامارش إن المؤتمر يعدّ “فرصة مثالية للمانحين الدوليين للالتزام بحلول طويلة الأجل بهدف معالجة العلاقة بين تغير المناخ والعنف والنزوح في المنطقة”. وسيكون الاجتماع في نيامي ثالث قمة رفيعة المستوى في حوض البحيرة.
ويقول تقرير صادر عن منظمة أطباء بلا حدود "حتى الآن، ركزت الدول المشاركة في النزاع على الأمن وإستراتيجية احتواء عسكرية للقتال ضد المجموعات المسلحة، إلاّ أنها تطرّقت بالكاد إلى العواقب الإنسانية لهذه الأزمة، رغم أن عواقب النزاع المسلح في المنطقة تنعكس بشكل مباشر على الأشخاص المعرضين للعنف العشوائي من قبل الأطراف المتنازعة، إضافة إلى النزوح القسري".
وقد تعطلت عملية إنتاج وتوزيع الغذاء بشكل خطير وتأثرت صحة السكان وظروفهم المعيشية، بما في ذلك انتشار الصدمات النفسية على نطاق واسع.