الجزائر تفتح الأبواب للاستثمار الأميركي بعد رفض انضمامها إلى بريكس

الرؤية الأميركية تبدو مفتوحة على جميع الزوايا في علاقاتها مع الجزائر وستفصل فرص التعاون الاقتصادي والتجاري عن بقية الملفات.
السبت 2024/01/20
محاولة يائسة لإعادة ثقة الأميركان

الجزائر - غيّر المسؤولون الجزائريون خطابهم المناوئ للغرب إلى خطاب يبحث عن التعاون الاستثماري، خاصة مع الولايات المتحدة. وذلك بعد فشل الجزائر في الانضمام إلى بريكس وعدم تحمس الصين وروسيا للدفاع عن طلب حصولها على العضوية، وهي الخطوة التي صدمت الجزائريين ودفعتهم إلى التقرب من الأميركيين.

ولا يُعرف ما إذا كانت الجزائر ستقنع الولايات المتحدة بجدية تغيير موقفها بالابتعاد عن الصينيين والروس والبدء بتعاون فعال مع واشنطن، وخاصة استقطاب الشركات الأميركية للاستثمار في الجزائر.

ونظمت الجزائر زيارة ميدانية للسفيرة الأميركية في الجزائر إليزابيث مور أوبين إلى محافظة برج بوعريريج، الواقعة شرقي العاصمة والتي تبعد عنها بنحو 200 كيلومتر، حيث التقت بمسؤولين محليين في قطاعات الصناعة والزراعة، وذلك في إطار برنامج القيام بزيارات ميدانية إلى عدة محافظات ومدن تبحث فيها عن فرص شراكة وتعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية.

وتعد محافظة برج بوعريريج من أبرز المناطق الجزائرية التي تحتضن استثمارات ومصانع إنتاج وتركيب، خاصة في مجال المعدات الإلكترومنزلية، ولذلك توصف بـ”عاصمة الإلكترونيك”. وأكدت السفيرة أن “البرنامج يتضمن زيارة عدة محافظات جزائرية من أجل دراسة آفاق التعاون وإيجاد سبل لإثراء التعاون بين الشركات الجزائرية والأميركية، لتعزيز المجال الاقتصادي، خاصة في القطاع الزراعي، على غرار تربية المواشي وإنتاج الألبان”.

◙ الجزائر تسعى لتوظيف عروض الاستثمار لإقناع الأميركيين بأنها جادة في تغيير موقفها من تحالفات الشرق

وتندرج الزيارة ضمن مساعي الجزائر لتوظيف عروض الاستثمار في محاولات إقناع الأميركيين بأنها جادة في تغيير موقفها بالرغم من أن واشنطن تستمر في انتقاد الجزائر، وكانت آخر خطوة في هذا السياق التقرير الأميركي الذي أدرج الجزائر في خانة الدول المنتهكة للحريات الدينية.

وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد وجهت إلى الجزائر انتقادا شديد اللهجة بشأن ما وصفته بـ”انتهاكات جسيمة” للحريات الدينية، وأبقتها ضمن قائمة البلدان التي تتعين مراقبتها بسبب ارتكابها هذا النوع من الانتهاكات أو تسامحها حياله.

وجاء في بيان للوزارة أن "وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أبقى الجزائر ضمن لائحة المراقبة الخاصة بسبب ارتكابها انتهاكات جسيمة للحريات الدينية أو تسامحها حيال هذه الانتهاكات". وذكر بلينكن أن "النهوض بحرية الدين أو المعتقد يعد أحد الأهداف الرئيسية للسياسة الخارجية للولايات المتحدة، منذ أن اعتمد الكونغرس قانون الحرية الدينية الدولية وصادق عليه في سنة 1998".

وأشار بلينكن إلى أن "التحديات التي تواجه الحرية الدينية في جميع أنحاء العالم تعد تحديات هيكلية ومنهجية ومتجذرة، لاسيما من خلال الانخراط الرصين والمستمر لأولئك الذين لا يريدون قبول الكراهية والتعصب والاضطهاد بصفته وضعا قائما، سنشهد يوما ما عالما حيث يعيش الجميع بكرامة ومساواة”.

ويبدو أن الرؤية الأميركية مفتوحة على جميع الزوايا في علاقاتها مع الجزائر، وستفصل فرص التعاون الاقتصادي والتجاري عن بقية الملفات، وخاصة مواقف الجزائر المرتبطة بالصين وروسيا، وكذلك واقع حقوق الإنسان في البلاد.

وردت وزارة الخارجية الجزائرية على الاتهامات الأميركية بإصدار بيان مقتضب، عبرت فيه على لسان وزير الخارجية أحمد عطاف عن “عميق أسفها حول ما ورد في البيان الأخير لكتابة الدولة الأميركية المتعلق بالحرية الدينية من معلومات مغلوطة وغير دقيقة بخصوص الجزائر”.

ولفت البيان إلى أن عطاف أكد، خلال المكالمة الهاتفية التي جمعته مع بلينكن، أن البيان الأميركي “قد أغفل الجهود التي تبذلها الجزائر في سبيل تكريس مبدأ حرية الاعتقاد والممارسة الدينية، وهو المبدأ الذي يكفله الدستور الجزائري بطريقة واضحة لا غموض فيها”.

وأشارت وزارة الخارجية الجزائرية إلى الحوار الذي أطلقته الجزائر مع الولايات المتحدة بهذا الشأن، وإلى إعرابها في أكثر من مناسبة عن استعدادها لاستقبال السفير الأميركي المتجول للحرية الدينية الدولية “بغية تسليط الضوء على الحقائق وعلى التزام الجزائر الفعلي بصون مبدأ حرية المعتقد وفقا لالتزاماتها الدولية ذات الصلة”.

ويبدو أن ليونة الرد الجزائري على الاتهامات الأميركية جاءت من أجل الحفاظ على الزخم الدبلوماسي الذي تعرفه علاقات البلدين، بما في ذلك توسيع فرص التعاون والشراكة إلى خارج القطاعات التقليدية المتصلة بالطاقة والتعاون الأمني.

ولا شك أن الولايات المتحدة لن ترفض تعاونا اقتصاديا يهيّئ أمام الشركات الأميركية فرص الاستثمار في الجزائر والحد من النفوذ الصيني في البلاد، لكن من الصعب إقناع واشنطن بفكرة أن الجزائر تتغير جذريا وتستعد للابتعاد عن حلفائها التاريخيين. كما أن واشنطن لن تقبل بأن تتعاون مع جزائر بموقفين مزدوجين.

 

1