الجزائر تشد أحزمة التقشف بعد انهيار إيرادات الطاقة

الحكومة تخفض الإنفاق والاستثمار في الطاقة وتؤجل مشروعات لتخفيف التداعيات الاقتصادية.
الثلاثاء 2020/03/24
أموال قليلة لمواجهة صعوبات كبيرة

كثفت الحكومة الجزائرية التدابير المالية الطارئة للتصدي لانهيار عائدات صادرات الطاقة وتفشي فايروس كورونا بخفض الإنفاق والاستثمار في الطاقة وتأجيل المشروعات. ويرجح محللون أن تبعثر الأزمة الأجندة الاقتصادية للحكومة الطامحة إلى إنعاش الاقتصاد المتعثر.

 الجزائر - رجحت أوساط اقتصادية جزائرية أن يفاقم تفشي وباء كورونا من حجم الضغوط على الحكومة لمعالجة الشلل الاقتصادي الناجم عن انتشار الفساد والبيروقراطية رغم التدابير العاجلة المتخذة لتخفيف التداعيات الاقتصادية.

وقرّرت الجزائر على غرار العديد من دول العالم خفض نفقاتها العامة جراء انتشار الوباء ومراجعة سياستها الاقتصادية لمواجهة تدهور أسعار النفط، المورد الأساسي للبلاد.

ويرى خبراء أن الحكومة لا تملك أدوات للتعامل مع الأزمة التي ستبدد وعودها وطموحاتها الكبيرة لتطبيق أجندتها الاقتصادية الجديدة التي أعلنت عنها قبل أسابيع.

وأشاروا إلى أن الاقتصاد وصل إلى طريق مسدود حتى مع إجراء الانتخابات، التي أفضت إلى وصول عبدالمجيد تبون إلى رئاسة البلاد واتخاذه خطوات إصلاح كبيرة للقطع مع الأساليب البالية التي كبلت البلاد لعقود.

51.6 مليار دولار احتياطي النقد الأجنبي المتوقع للجزائر بنهاية 2020، وفق التقديرات الرسمية

وعقب جلسة لمجلس الوزراء ترأسها تبون الأحد الماضي، أعلنت الجزائر العضو في منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) عن “حزمة من الإجراءات للتطبيق الفوري”.

وتمثل عائدات النفط والغاز 60 في المئة من الموازنة العامة للدولة وحوالي 94 في المئة من إجمالي المبيعات في الخارج.

ويُستخدم جزء كبير من عائدات الطاقة لسداد ثمن واردات الغذاء وسلع أخرى، تقدر بحوالي 45 مليار دولار سنويا رغم القيود المفروضة على الاستيراد.

ومع أن الحكومة كانت تتوقع إنفاق 41 مليار دولار على مشتريات من الخارج في 2020، لكن تبون أصدر قرارا بتخفيض فاتورة الاستيراد إلى 31 مليار دولار.

إيرادات اقتصادية متراجعة
إيرادات اقتصادية متراجعة

وتتضمن التدابير الطارئة كذلك تقليص نفقات موازنة التسيير بنحو 30 في المئة دون المساس بأعباء رواتب الموظفين في القطاعين الحكومي والعام.

وذكرت وكالة الأنباء الرسمية أن تبون أمر في بيان بالتوقف عن إبرام عقود الدراسات والخدمات مع المكاتب الأجنبية، مما سيوفر للجزائر حوالي سبعة مليارات دولار.

كما تقرر تكليف الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك بالتخفيض من أعباء الاستغلال ونفقات الاستثمار من 14 إلى 7 مليارات دولار قصد الحفاظ على احتياطي العملة الصعبة في البنك المركزي.

وأدى التراجع في إيرادات الطاقة إلى هبوط احتياطيات النقد الأجنبي إلى 62 مليار دولار من 72.6 مليار دولار في أبريل العام الماضي نزولا من 79.9 مليار دولار في نهاية 2018، وفقا لبيانات رسمية.

أبرز إجراءات الطوارئ

  •  خفض الواردات إلى 31 مليار دولار 
  • خفض الإنفاق التشغيلي بـ30 في المئة 
  • تجميد عقود استشارة المكاتب الأجنبية 
  • تسهيل دعم وإقراض الشركات الناشئة

وتتوقع موازنة هذا العام تقلص ذلك الاحتياطي إلى51.6 مليار دولار مع نهاية العام الجاري، وهو ما يزيد الضغوط على الحكومة من أجل الإسراع في إيجاد حلول بديلة ومستدامة رغم أنها أعلنت عن خطة لتنويع الاقتصاد.

وقال تبون، الذي انتخب رئيسا للبلاد في ديسمبر الماضي إن “الإجراءات تهدف إلى الحفاظ على احتياطي الصرف”.

وأضاف خلال الاجتماع أنه “علينا بناء اقتصاد جديد قائم على تنويع مصادر الدخل حتى لا يبقى مصير الأمة بكاملها تحت رحمة تقلبات أسواق النفط العالمية”.

وقررت الجزائر أيضا “تأجيل دراسة مشروع قانون المالية التكميلي” إلى حين تقييم انعكاسات الإجراءات المالية المتخذة على مستوى الحكومة وتطور الوضع في العالم.

ومن بين الإجراءات المتخذة، أمر الرئيس الجزائري بعدم المس بـ”النفقات المرتبطة بقطاع الصحة وتدعيم وسائل مكافحة كورونا”، أو بـ”النفقات المرتبطة بقطاع التربية”.

ودعت الحكومة إلى “زيادة إنتاج الأسمدة إلى أعلى مستوى وتعزيز خدمات النقل البحري للمحروقات على المستوى الدولي ودراسة إمكانية تصدير الكهرباء إلى بعض دول الجوار”.

وفي محاولة لمعاضدة جهود الحركة المالية بالبلاد والمحافظة على أنشطة الشركات حضّ تبون على “تسهيل منح القروض والتركيز على الرقمنة والمنتوجات المبتكرة من أجل تحقيق المزيد من الإدماج المالي”.

وتعهد تبون عقب انتخابه بتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية لتلبية مطالب المتظاهرين الذين خرجوا في احتجاجات حاشدة منذ أوائل العام الماضي أدت إلى استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة الذي حكم البلاد لعقدين من الزمن.

ووافقت الحكومة بالفعل على خفض الإنفاق بنسبة 9.2 في المئة خلال هذا العام، لكنها أبقت على إعانات مهمة للمواد الغذائية الأساسية والوقود والإسكان والأدوية دون تغيير لتجنب تفجر اضطرابات اجتماعية.

وتعيش الجزائر أزمة اقتصادية منذ 2014 جراء تراجع أسعار النفط في السوق الدولية. ولم تفلح السياسات الحكومية، التي تلت ذلك في معالجة الأزمة المستفحلة رغم مكابرة المسؤولين بأن الأوضاع تحت السيطرة.

وتواجه العديد من القطاعات الكثير من التحديات، كما أن الحديث عن كون السياحة تعافت خلال السنوات الأخيرة وأن هناك خططا لتطويرها لا يعكس جدية السلطات في التعامل مع الأزمة الاقتصادية بالشكل المطلوب.

ولذلك تتزايد الشكوك في فرص نجاح محاولات السلطات لتحفيز النمو الاقتصادي بعيدا عن عوائد صادرات النفط، في ظل استمرار ارتباكها في حل المشاكل المزمنة.

11