الجزائر تتطلع إلى التفوق الجوي الإقليمي، لكن سوخوي - 35 لا تكفي

تحديات لوجستية واقتصادية وسياسية تؤخر تسليم سوخوي - 57 الأكثر تطورا.
الجمعة 2025/03/28
حل مؤقت لسد الفجوة الجوية

في ظل التطورات الأمنية والعسكرية المتسارعة في منطقة شمال أفريقيا، تسعى الجزائر لتعزيز قوتها الجوية من خلال تحديث أسطولها العسكري بمقاتلة سوخوي – 35. ورغم أهمية هذه المقاتلة فإنها تبقى غير كافية لتحقيق التفوق الجوي الإقليمي.

الجزائر - رغم أهمية طائرة سوخوي – 35 الروسية التي تسلمتها الجزائر مؤخرًا، حيث استلمت أول طائرة من أصل 20 طائرة مبرمجة للتسليم، فإن هذه المقاتلة، بالرغم من قوتها العالية، لا تكفي لتحقيق التفوق الجوي الإقليمي الذي تسعى إليه الجزائر.

ويرى محللون أن سوخوي – 35 مجرد حل مؤقت لسد الفجوة الجوية، بينما تضع الجزائر آمالًا كبيرة في الحصول على سوخوي – 57، الطائرة الروسية الأكثر تطورًا من الجيل الخامس. ولكن، هذا الانتظار قد يطول، حيث تواجه الجزائر عقبات لوجستية واقتصادية وربما سياسية تعرقل عملية تسليم هذه المقاتلة المتطورة.

ووصلت الطائرة إلى قاعدة أم البواقي الجوية في ولاية أم البواقي في 13 مارس ، لتصبح الجزائر ثالث مشغل أجنبي لمقاتلات سوخوي – 35 الروسية بعد الصين وإيران، في حين أبدت كل من مصر والهند اهتمامها بالمقاتلة متعددة الأدوار.

ووفقا لتقرير صادر عن موقع “آرمي ريكوجنيشن” المتخصص في الشؤون العسكرية، فإن التسليم السريع لمقاتلات سوخوي – 35 إلى الجزائر جاء نتيجة فشل صفقة سابقة مع مصر.

وكانت القاهرة قد قدمت طلب شراء في عام 2018 لكنها تراجعت لاحقا بسبب الضغوط الاقتصادية والسياسية الغربية. وفي حين تبنت طهران أيضا مقاتلات سوخوي – 35 فإن إيران التي تعاني من ضائقة مالية فضلت الاستثمار في أنظمة الدفاع الجوي بدلا من المقاتلات.

وأشار تقرير “آرمي ريكوجنيشن” إلى أن “المحللين يرون أن قرار الجزائر بقبول مقاتلات سوخوي – 35 مرتبط بتأخير جدول إنتاج سوخوي – 57، ما دفعها إلى تبني حل مؤقت.”

خطوة غير كافية

تمثل سوخوي – 35 إضافة قوية إلى قدرات الجزائر الجوية، حيث تتمتع هذه الطائرة بنظام رادار متطور، وقدرة عالية على المناورة، وصواريخ بعيدة المدى. ومع ذلك، تعد سوخوي – 35 جزءًا من الجيل الرابع++، ما يجعلها غير كافية لمواجهة طائرات الجيل الخامس مثل إف – 35 الأميركية، التي تمتاز بقدرة شبحية تسمح لها باختراق دفاعات العدو بسهولة.

ورغم أنها قادرة على توفير قوة ردع حيوية في الوقت الحالي، فإنها لا تضمن التفوق الجوي الكامل، خصوصًا في ظل التنافس الإقليمي المستمر. ويؤكد المحلل العسكري بيتر سوشيو، في مقال له نشرته مجلة ناشونال أنتريست الأميركية أن سوخوي – 35 رغم قوتها، لن تكون كافية في مواجهة التحولات المستقبلية في موازين القوى الجوية في المنطقة.

ويضيف سوشيو أن الجزائر تحتاج إلى أنظمة أكثر تطورًا لضمان السيطرة الجوية في مواجهة التطورات التكنولوجية السريعة في مجال الطائرات العسكرية.

وتطمح الجزائر إلى الحصول على سوخوي – 57، الطائرة المقاتلة الروسية من الجيل الخامس، التي تتميز بتقنيات الشبح، وأنظمة رادار متقدمة، وقدرة عالية على المناورة تفوق غيرها من الطائرات في فئتها. إلا أن تسليم هذه الطائرة لا يزال يواجه عقبات كبيرة، أبرزها التأخيرات في إنتاجها، والعقوبات الاقتصادية الغربية التي تؤثر على الإنتاج الروسي، مما يطيل فترة الانتظار التي قد تمتد لعدة سنوات.

◙ الجزائر تواجه تحديات لوجستية واقتصادية كبيرة في تمويل صفقات الأسلحة المتطورة مثل سوخوي - 57
◙ الجزائر تواجه تحديات لوجستية واقتصادية كبيرة في تمويل صفقات الأسلحة المتطورة مثل سوخوي - 57

وأشار ديمتري بويارينتس، الخبير العسكري الروسي في تصريح لموقع روسيا اليوم، إلى أن “الضغوط الاقتصادية والسياسية التي تواجه روسيا تحد من قدرتها على تسريع عملية تسليم سوخوي – 57 للجزائر.

وتجعل هذه التحديات الجزائر في موقف حساس، حيث تنتظر طائرة كانت تأمل في الحصول عليها بسرعة لتعزيز قوتها الجوية وتفوقها الإقليمي. ومن ناحية أخرى، يبدو أن هناك بعض التأخيرات اللوجستية في خط الإنتاج الروسي، مما يحد من قدرة موسكو على تلبية طلبات الجزائر بسرعة.

ووفقًا لبعض التقارير العسكرية، فإن الإنتاج محدود بسبب التقنيات المعقدة التي تتطلب وقتًا طويلًا لتطويرها واختبارها. وفي الوقت نفسه، لا تخلو العلاقات بين الجزائر وروسيا من التحديات السياسية، حيث يمكن أن تتأثر الصفقات العسكرية بسبب المتغيرات السياسية داخل روسيا وأيضًا الضغوط الغربية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، تواجه الجزائر تحديات كبيرة في تمويل صفقات الأسلحة المتطورة مثل سوخوي – 57. فالاقتصاد الجزائري يعتمد بشكل أساسي على إيرادات النفط والغاز، التي شهدت تقلبات كبيرة في الأسعار خلال السنوات الماضية. وجعل هذا التذبذب الاقتصادي الحكومة الجزائرية تعيد النظر في خططها العسكرية وتبني إستراتيجية تقشفية في مجال الإنفاق الدفاعي.

ويشير المحلل الاقتصادي سعيد بن عيسى، في تصريح لصحيفة الشروق الجزائرية، إلى أن “الضغوط الاقتصادية تتطلب من الجزائر البحث عن خيارات أقل تكلفة لتعزيز قوتها الجوية دون التأثير الكبير على الموازنة.” وتواجه الجزائر صعوبة في تخصيص موازنة كبيرة لصفقات أسلحة من الطراز العالي مثل سوخوي – 57 في وقت يشهد فيه الاقتصاد تحديات كبرى.

وإضافة إلى ذلك، هناك عقبات أخرى تتعلق بتقليص الإنفاق على قطاع الدفاع بسبب الأوضاع الداخلية، وهو ما يضعف من قدرة الجزائر على تسريع تحديث أسطولها الجوي. فحتى مع وصول سوخوي – 35، هناك حاجة إلى دعم مستمر لتطوير بنية تحتية متكاملة للأنظمة الدفاعية الجوية.

وبالنسبة إلى الجزائر، يبدو أن هناك رغبة كبيرة في الحصول على سوخوي – 57 لتعزيز قوتها الجوية وتحقيق التفوق الإقليمي، لكن الضغوط السياسية قد تبطئ هذه العملية. ويشير المحلل السياسي رشيد بوغالي إلى أن “الجزائر في حاجة إلى سياسة دفاعية مرنة تسمح لها بالتعامل مع الضغوط السياسية دون أن تتأثر مصالحها الإستراتيجية في تحديث أسطولها الجوي".

منافسة إقليمية وتنامي التسلح

 يشهد شمال أفريقيا سباقًا تسلحيًا متسارعًا، حيث يسعى المغرب لتعزيز قدراته العسكرية بشكل كبير. وحصلت الرباط مؤخرًا على طائرات إف – 16 الأميركية الحديثة، وأبدت اهتمامًا بالحصول على طائرات إف – 35 الأميركية الشبحية.

وإذا تم تسليم هذه الطائرات، فإن المغرب سيكون قد أضاف عنصر التفوق الجوي المتقدم إلى أسطوله، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا للجزائر في سباق التفوق الجوي. ويؤكد عبدالرحمن ميرة، الخبير العسكري في شمال أفريقيا، أن “الجزائر في حاجة ماسة إلى تسريع تحديث أسطولها الجوي، خاصة في ظل التحولات المتسارعة في موازين القوى العسكرية في المنطقة.”

◙ الجزائر تعتمد على سوخوي-35 كحل مؤقت إلى حين وصول سوخوي-57 ويشكل انتظار تسلّم سوخوي-57 أملا كبيرا، لكن هذا الأمل يواجه عقبات لوجستية واقتصادية

وتصنف سوخوي – 35 ضمن طائرات الجيل الرابع++، حيث تعتبر منافسًا قويًا للطائرات الأميركية مثل إف - 15 وإف/إيه - 18، وتتمتع بقدرة على المناورة تجعلها واحدة من أكثر المقاتلات تطورًا في هذا الجيل. ولكن، يبقى نقص عنصر الشبح الذي توفره طائرات مثل إف – 35 عائقًا رئيسيًا في تأكيد التفوق الجوي طويل الأمد للجزائر في المستقبل.

ويشير محللون إلى أنه لهذا السبب، تعتمد الجزائر على سوخوي - 35 كحل مؤقت إلى حين وصول سوخوي - 57. ويشكل انتظار تسلّم سوخوي - 57 أملا كبيرا للجزائر، لكن هذا الأمل يواجه العديد من العقبات اللوجستية والاقتصادية التي قد تطيل من فترة الانتظار وتعرقل تحقيق التفوق الجوي.

وتحتاج الجزائر إلى تسريع جهودها لتجاوز هذه العقبات، وتحقيق التوازن بين تحديث أسطولها الجوي والإمكانيات الاقتصادية المتاحة. وفي الوقت الذي تبقى فيه سوخوي - 35 خيارا إستراتيجيا ذا قيمة عالية، فإن الجزائر تواصل السعي وراء سوخوي - 57 لتحقيق التفوق الجوي الكامل.

ويتطلب الأمر من الجزائر إستراتيجيات متعددة الأبعاد لتحقيق توازن بين القدرات العسكرية المتطورة والواقع الاقتصادي واللوجستي المعقد، مما يضع البلاد أمام تحديات كبيرة في سعيها لتحقيق التفوق الجوي الإقليمي.

6