الجريمة تغرق مجتمعات عرب 48 في إسرائيل

اتهامات للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالتواطؤ مع العصابات.
الأربعاء 2023/06/21
لا أحد يسمع استغاثاتهم

تصاعدت معدلات الجريمة بين الأوساط العربية في إسرائيل بصورة مرعبة، وهي مرتبطة على الدوام بعصابات الجريمة المنظمة التي صارت تتبع عائلات، وسط اتهامات للحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بالتراخي في مكافحة هذه الظاهرة.

القدس - تحوّل موجة من العنف على الأقلية الفلسطينية المدن والبلدات في إسرائيل إلى ساحات معارك دموية، مما يثير غضب المجتمع الذي يشعر بتخلي السلطات الإسرائيلية المتزايد عنه.

ويوجّه الغضب من تصاعد انعدام الأمن ضد حكومة إسرائيل ووزيرها القومي المتطرف المسؤول عن الشرطة إيتمار بن غفير. ويقول المنتقدون إنه لا يمكن الوثوق به في مكافحة الآفة المتصاعدة بسبب تاريخه من الخطاب المعادي للعرب. ويكشف العنف المتصاعد عن عدم المساواة العميقة في المجتمع الإسرائيلي، حيث يواجه العرب سنوات من التمييز الذي يقول النشطاء إنه أساس إراقة الدماء.

وقُتل أكثر من 100 شخص في جرائم عنف في المجتمعات العربية هذا العام، أي حوالي ثلاثة أضعاف عدد القتلى في نفس الفترة من العام الماضي، وفقا لمبادرات إبراهيم، وهي مجموعة تروج للتعايش اليهودي العربي والمجتمعات الآمنة. ويشكل العرب خمس سكان الدولة البالغ عددهم 9.7 مليون نسمة.

وتقول السلطات إنها تبذل أقصى جهدها. لكن النشطاء يرون صلة مباشرة بين الشخصيات البارزة وحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وتولى السلطة في أواخر ديسمبر تحالف يضم فصائل قومية متطرفة معادية للعرب.

وأدلى زعيم حزب القوة اليهودية اليميني المتطرف إيتمار بن غفير بتصريحات عنصرية وأدين قبل الدخول في السياسة بالتحريض على العنف ودعم جماعة إرهابية يهودية. ويشرف الآن بصفته وزيرا للأمن القومي على قوة الشرطة في البلاد.

ثابت أبوراس: نستحق أن نشعر بالأمان مثل أي شخص آخر
ثابت أبوراس: نستحق أن نشعر بالأمان مثل أي شخص آخر

وقال ثابت أبوراس، المدير المشارك لمبادرات إبراهيم، “هل سيحميهم من ينشغل بإدلاء تعليقات عنصرية ضد العرب؟ نحن مواطنون في هذا البلد. نحن نستحق أن نشعر بالأمان مثل أي شخص آخر هنا، وهذه مسؤوليته".

وتعرضت الأقلية الفلسطينية في إسرائيل، والتي تشكل 20 في المئة من سكان الدولة، للهجوم بسبب جرائم العنف في السنوات الأخيرة التي تشمل عصابات إجرامية وخلافات عائلية. ويقول النشطاء إن السلطات الإسرائيلية تجاهلت تاريخيا الجرائم المميتة بين العرب، ولم تفعل شيئا يذكر لردع العنف أو محاسبة المجرمين.

ويقولون إن هذا الشعور تضاعف مع صعود الحكومة الحالية. ومن بين حوالي 100 شخص قتلوا هذا العام، وجّهت الشرطة اتهامات في ما يزيد قليلا عن 10 قضايا، حسب أبوراس.

وتعهد بن غفير بخدمة كل الإسرائيليين. لكن المجتمع ينظر إلى ملاحظاته السابقة وإهماله المتصور للأزمة على أنهما علامة على أن الحكومة لا تهتم به. وقُتل خمسة أشخاص هذا الشهر عندما أطلق مسلح النار على مغسلة سيارات بالقرب من مدينة الناصرة، ولم تنتشر أخبار عن القبض على مطلق النار.

وفي أبريل، قُتل حارس أمن شخصي لرئيس بلدية الطيبة المحامي شعاع منصور. وارتُكبت الجريمة أمام منزل رئيس البلدية نفسه. ولم تشمل أي حماية النساء والأطفال، وقُتلت شابة تبلغ من العمر 18 عاما مؤخرا وتفيد التقارير بأنها تلقت تهديدات بشأن ميولاتها الجنسية. وزُعم أن شقيقين صغيرين وأمهما قتلوا على يد والدهما في مايو.

وتبقى عمليات إطلاق النار شائعة جدا في بعض الأماكن إلى درجة أن السكان يخشون مغادرة منازلهم، خوفا من الموت أو من التحول إلى شهود على جريمة تضعهم في مرمى القتلة.

وقالت ميرفت صالح (48 عاما)، وهي بائعة نباتات وزهور في سوق في اللد المختلطة بين العرب واليهود التي ينتشر فيها العنف، "نخاف حين نغادر المنزل. أخشى مما قد يحدث للأطفال في المدرسة. أتساءل دائما عما إذا سيعود ابني إلى المنزل".

ويقول منتقدون إن الشرطة تشهد حالة من الفوضى تحت قيادة بن غفير مع اندلاع أزمة ثقة داخل الرتب، بما في ذلك المشاحنات بين الوزير وقائد الشرطة، وسلسلة من كبار الضباط المستقيلين، بما في ذلك رئيس وحدة مكافحة الجريمة بين السكان العرب.

ويقول بن غفير إنه يتعامل مع نقص في القوى العاملة زادت من تعقيده احتجاجات حاشدة أسبوعية ضد خطة حكومية لإصلاح القضاء الذي يحتاج إلى تأمين. وقال بن غفير بعد مقتل خمسة أشخاص قرب الناصرة “أعمل بجد مع قائد الشرطة. نحن نحاول معالجة المشاكل جذريا”.

ودفع بن غفير إلى إنشاء “حرس وطني” جديد، يقول إنه سيزيد من الشرطة المجتمعية. ويقول منتقدون إن الحرس الذي سيكون تحت قيادة بن غفير مباشرة سيكون ميليشيا شخصية للوزير.

ويقول نتنياهو إن حكومته قد بذلت على مر السنين جهدا لمحاربة الجريمة. والتقى بزعماء عرب وتعهد بقمع العنف، وأنشأ لجنة لمحاولة مكافحة الجريمة، ووعد بتجنيد الشاباك. وقال نتنياهو "نحن مصممون على استعادة القانون والنظام في مواجهة هذه الجريمة العنيفة. سنفعل كل ما هو ضروري".

◙ منتقدون يقولون إن الشرطة تشهد حالة من الفوضى تحت قيادة بن غفير مع اندلاع أزمة ثقة داخل الرتب بما في ذلك المشاحنات بين الوزير وقائد الشرطة

وكانت وكالة الأمن، التي يتمثل عملها الرئيسي في مراقبة المسلحين الفلسطينيين، حذرة من استخدام أدوات التجسس على المواطنين الإسرائيليين في الماضي. وذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن قادتها أعربوا عن مخاوف مماثلة الآن. وبينما كافحت الحكومات المتعاقبة لاحتواء العنف، يقول منتقدون إن لهجة ائتلاف نتنياهو الحالي قوّضت الثقة.

وكان أحد النواب من حزب بن غفير يوجه إهانات للمشرعين العرب في البرلمان. وبحسب ما ورد، قال رئيس الشرطة الذي عينه نتنياهو إن القتل هو "طبيعة" العرب و"عقليتهم". ويقول المنتقدون إن إشراك الشاباك، الذي لا يثق به المواطنون الفلسطينيون، هو علامة أخرى على صمم الحكومة اليمينية. كما أكد نشطاء أن الجريمة متجذرة في قضايا أساسية أعمق ابتلي بها المجتمع لعقود.

ويعدّ المواطنون العرب الإسرائيليون من أبناء الفلسطينيين الذي بقوا داخل حدود ما أصبح إسرائيل في 1948. ووصل أفراد المجتمع إلى أعلى المستويات الحكومية والتجارية وغيرها من المجالات.

ولكن بينما يعتبر المواطنون الفلسطينيون أفضل حالا من إخوانهم الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، يبقون في إسرائيل أفقر وأقل تعليما من اليهود، وقد واجهوا منذ فترة طويلة الإهمال أو التمييز في الخدمات العامة والإسكان.

وقالت وصال رائد، التي تركز على الجريمة بين السكان العرب في مجموعة سيكوي - أوفق التي تدعو إلى المساواة بين العرب واليهود، إن هذه القضايا المجتمعية تغذي العنف. واعتبرت أن النقص التاريخي في الوصول إلى القروض المصرفية يدفع الكثيرين إلى اللجوء إلى العصابات، مما يؤدي إلى تورطهم في أعمال خطيرة.

كما أشارت إلى أزمة المساحة في المجتمعات الفلسطينية، حيث يصعب الحصول على الأرض للإسكان وحتى لإيقاف السيارات بسبب تحديات التخطيط التي تعيقها الدولة أحيانا. وتكثّف قضايا كهذه بالفعل الخلافات التي تتحول إلى نزاعات عنيفة. وصرّحت وصال رائد "لن يتم التعامل مع المشكلة الجذرية إذا استمرت الحكومة في إهمال هذه المجالات، حتى لو أنجزت الشرطة مهامها على أكمل وجه".

6