الجامعة الأميركية في السليمانية: شعاع أمل على العراق

السليمانية (العراق) – لم يكن المجتمع العراقي المتعب في عام 2006 قد تخلص بعد من تبعات الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الأميركية على البلاد وتمكنت في بدايتها من إسقاط نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، حينما رأى الدكتور برهام صالح أن الفرصة قد حانت لتأسيس جامعة أميركية كجسر يربط بين العراق والغرب.
وفي مطلع مارس الماضي، كانت الجامعة الأميركية في العراق-السليمانية تستعد لتنظيم المؤتمر السنوي الثالث الذي حضره عدد من المسؤولين الحكوميين والمحللين والصحفيين.
دار النقاش في المؤتمر الذي عقد في 11 و12 مارس تحت عنوان “هلال هش تحت الفوضى”، حول الفرص والتحديات التي تواجه العراق ومنطقة الشرق الأوسط في وقت تراجعت فيه أسعار النفط بشكل غير مسبوق، وتمكنت فيه التنظيمات المتشددة من السيطرة على مساحات شاسعة داخل العراق وسوريا المجاورة.
وقبل انعقاد ذلك المؤتمر، تحولت الجامعة الأميركية في العراق-السليمانية إلى مركز حيوي لعقد المؤتمرات، عقب تمكنها سريعا من زيادة عدد الطلبة المنتمين إليها وتنويع أقسام الدراسة التي كانت تضم في البداية 5 أقسام فقط.والجامعة الأميركية في العراق-السليمانية تأسست في إقليم كردستان العراق عام 2007، والتحق بها حينئذ 375 طالبا. وتقول إدارة الجامعة على موقعها الرسمي إن الهدف من تأسيسها جاء “لتوفير بديل أفضل لطريقة تكرار المحاضرات وحفظها المنتشرة في العراق والشرق الأوسط بشكل عام”.
وفي المرحلة الأولى تم قبول 45 طالبا من مختلف مناطق العراق، وفي ذات الوقت أطلقت الجامعة برنامج دراسة الماجستير في إدارة الأعمال للطلبة الذين يبحثون عن فرصة لدراسة إدارة الأعمال والقيادة الدولية.
تشير إحصاءات إلى أن جميع خريجي الجامعة الأميركية في العراق تقريبا تمكنوا من الحصول على فرصة عمل
ومع مرور الوقت ازداد عدد طلبة الجامعة لأكثر من 1400، حسب ما أفاد به مؤسس الجامعة ورئيس مجلس الإدارة الدكتور برهام صالح.
والدراسة في كافة أقسام الجامعة باللغة الإنكليزية، وقد حصلت هذه الجامعة على اعتماد مفتوح من أكاديمية التعليم العالي الليبرالي في الولايات المتحدة.
وتحاول إدارة الجامعة، التي تتخذ من مدينة السليمانية في إقليم كردستان المتمتع بحكم ذاتي مقرا لها، ربط الرسوم الدراسية بالمجموع الذي يحصل عليه الطالب في درجة البكالوريا المؤهلة لدخول الجامعة.
وفي 2012، أعلنت الجامعة الأميركية في العراق-السليمانية أنه سيتم تحديد الأجور الدراسية لكافة الطلبة الجدد على أساس درجتهم في امتحان البكالوريا (الدرجات الأعلى في البكالوريا سوف تؤدي إلى انخفاض أقساط الدفع)، مع تخفيضات إضافية للطلبة الذين يحتاجون إلى المساعدة.
ويقول بول كرافت مدير التسجيل في الجامعة إنهم يسعون إلى “قبول أفضل الطلبة في العراق، بغض النظر عن مواردهم المالية”.
نظام التعليم في العراق يعتمد بشكل كبير على الحفظ عن ظهر قلب وطبع الإجابات الموجودة على شبكة الإنترنت
ويعتمد نظام التعليم في العراق بشكل كبير على الحفظ عن ظهر قلب وطبع الإجابات الموجودة على شبكة الإنترنت.
لكن الأستاذة الأميركية كريستين فان دن تورن التي تعمل في الجامعة الأميركية في العراق، ترى أن إنشاء المزيد من المؤسسات التي تشجع الحوار والبحث الحقيقي من شأنها أن تغير العراق وسياسته نحو الأفضل. وفي الغالب، يفضل خريجو الجامعة الأميركية في السليمانية الالتحاق بعد التخرج بالقطاع الخاص.
وفي حين تشير التقديرات إلى أن نسبة ضخمة من القوة العاملة تصل إلى 50 بالمئة في كردستان العراق، ونحو 35 بالمئة في العراق، تعمل في الوظائف الحكومية، إلا أن معظم خريجي الجامعة الأميركية في العراق-السليمانية تقريبا يعملون في الشركات الخاصة.
وفوق ذلك لا تزال معدلات البطالة مرتفعة في العراق، وتصل إلى 18 بالمئة بين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، وفقا لأرقام للأمم المتحدة، غير أن جميع خريجي الجامعة الأميركية تقريبا تمكنوا من الحصول على فرصة عمل.
ولا ترى الغالبية العظمى من خريجي الجامعة الأميركية في العراق أي إمكانية للعمل في القطاع العام، وهم يعتقدون أن مواهبهم ستذهب هباء في خضم الفساد والبيروقراطية والنظام القائم على الوساطات، حيث “يتم توظيف ثمانية أشخاص للقيام بمهام يمكن لشخص واحد القيام بها”، على حـد وصف أحد الخريجين.
وتساءلت خديجة التي تخرجت للتو من الجامعة “مع كل ما تعلمته من الجامعة الأميركية في العراق، كيف يمكنني أن أعمل في القطاع العام؟”، وتضيف “ستكون تجربة مليئة بالإحباط ولن يكون بوسعي أن أفعل أي شيء”.