الجامعات في أفغانستان للشبّان فقط

الطالبات الأفغانيات يقبعن في المنازل بلا أمل ولا مستقبل.
الثلاثاء 2023/03/07
المرأة في خانة التجهيل

لا شيء يشجع الأفغانيات على العيش في بلادهن تحت حكم طالبان، فكل حقوقهن مهضومة، من التعليم الجامعي إلى العمل والسفر وحتى اختيار الزوج أو طلب حق الطلاق، ومؤخرا فتحت الجامعات أبوابها فقط للشبان ولن يسمح للنساء بمزاولة تعليمهن العالي رغم الانتقادات الدولية.

كابول – عاد الشبّان إلى مقاعد الدراسة في الجامعات الأفغانية التي أعادت فتح أبوابها الاثنين بعد عطلة شتوية طويلة، بخلاف الشابات اللواتي ما زال نظام طالبان يحرمهنّ من التعليم.

ويندرج قرار طالبان في سياق قيود كثيرة انتهكت حقوق النساء في أفغانستان منذ عودة الحركة إلى الحكم في أغسطس 2021. وأثار منع الفتيات من ارتياد الجامعات موجة إدانات في كل دول العالم، وبينها دول إسلامية.

وقال مبعوث الاتحاد الأوروبي الخاص إلى أفغانستان توماس نيكلاسون “فتح المدارس والجامعات لتقديم تعليم ذي جودة جيدة للصبية والفتيات والنساء والرجال ليس أمرا اختياريا”، موضحا “من الضروري الاستثمار في المستقبل، في الجيل القادم، في أفغانستان أفضل، وعلاوة على ذلك، إنه إجراء، إنه طلب جميع الأفغان”.

وزير التعليم العالي ندا محمد نديم يمنع النساء من ارتياد الجامعات وبرر قراره بعدم التزام الطالبات بلبس الحجاب

وقالت راحلة (22 عاماً) من إقليم غور في وسط البلاد “أشعر بحزن شديد لرؤية الشبّان يذهبون إلى الجامعة بينما نبقى نحن في المنزل نعد خيباتنا”، موضحة أن طالبان تخاف من تعليم الفتيات، مؤكدة أن طالبان العدوَّ الرئيس لتعليم المرأة وعملها.

وقالت وحيدة دوراني التي أُجبرت على التوقف عن متابعة دراستها في مجال الصحافة في هرات (غرب) “إذا تعلّمت الفتيات والنساء الأفغانيات، فلن يقبلن أبدًا بحكومة تستغل الإسلام والقرآن. سيدافعن عن حقوقهن (…) وهذا ما تخشاه الحكومة”.

وفي نهاية ديسمبر حظر وزير التعليم العالي ندا محمد نديم على النساء ارتياد الجامعات وبرر قراره بـ”عدم التزام الطالبات بالتعليمات بشأن الحجاب”، في إشارة إلى إلزامية تغطية المرأة رأسها ووجهها وجسدها بالكامل في أفغانستان، بالإضافة إلى الخروج برفقة محرم.

وقالت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي “لا ينبغي لأيّ دولة في العالم أن تحرم النساء والفتيات من التعليم. فالتعليم حقّ إنساني عالمي يجب احترامه”. وأضافت أنّه “من مسؤولية المجتمع الدولي الحرص على استعادة حقوق الفتيات والنساء الأفغانيات من دون تأخير”، مشدّدة على أنّه “لا بدّ للحرب على النساء من أن تنتهي” في البلاد.

وتسعى اليونسكو جاهدة إلى توفير التعليم عن بُعد خصوصا من خلال المحطات الإذاعية، لكن على الرغم من ذلك، فإنّه لا يمكن لأيّ شيء أن يحلّ محلّ غرفة الصفّ، المكان الأمثل للاندماج الاجتماعي.

وكانت الجامعات وضعت قواعد جديدة بعد عودة طالبان إلى السلطة هدفت خصوصاً إلى فصل صفوف الشبّان عن الشابات. ولم يُسمح لهن بتلقي الدروس إلا من معلمات أو رجال مسنين.

وقال محمد حسيب حبيب زادة وهو طالب في مجال علوم الكمبيوتر في هرات “من المؤلم أن نرى الآلاف من الفتيات محرومات من التعليم في أيامنا”.

حح

ونظمت الأفغانيات احتجاجات للمطالبة بحقوقهن، ولجأ بعضهن إلى التعليم السري. واعتبر الطالب في مجال الهندسة في جامعة كابول العريقة حجة الله نجاتي أن تحصيل التعليم حق أساسي للنساء تماما مثل الشباب.

وقال أثناء دخوله إلى حرم الجامعة “حتى لو تعلمن بحسب مناهج قديمة مقارنة بالشبّان، ليست مشكلة. من حقهن التعلّم ويجب أن ينلن هذا الحق”.

وفي جامعة “رنا” الخاصة في العاصمة، لم تتم إزالة لافتات منتشرة في الممرات توضح كيف يجب أن ترتدي النساء، بينما حضر شبان الصفوف في غرف شبه خالية.

وقال الطالب عبرة الله رحيمي “للأسف، لا تستطيع أختي الالتحاق بالجامعة. تحاول أن تدرس في المنزل لكن ذلك سوف لن يمكنها من نيل شهادتها”.

وفي حين يقول مسؤولون في طالبان إن منع الفتيات من ارتياد المدارس الثانوية والجامعات مؤقت، لم تحدد الحركة جدولاً زمنياً لإعادة فتح هذه المؤسسات، علماً أن المدارس الثانوية مغلقة أمام الفتيات منذ عام ونصف العام.

وبررت السلطات الإغلاق بحجج عديدة منها عدم وجود عدد كاف من الأساتذة وعدم توفر المال الكافي، أو أن المدارس ستفتح أبوابها أمام الفتيات بعد وضع منهج إسلامي.

ولكن بعض المسؤولين في حركة طالبان اعترفوا بأن الزعيم الأعلى للحركة هبة الله أخوند زادة وأوساطه يعارضون التعليم الحديث وخصوصا للفتيات والنساء.

وشكّل قرار طالبان بحظر التعليم للشابات صدمة بالنسبة إلى الأفغانيات اللواتي خضن امتحانات الدخول إلى الجامعات قبل أقل من ثلاثة أشهر.

ورغم تعهُّد حركة طالبان بإبداء مرونة أكبر بعد توليها السلطة، إلّا أنها سرعان ما عادت إلى تفسيرها المتشدّد للشريعة الذي طبع حكمها بين 1996 و2001.

خخ

وزادت حركة طالبان تدريجياً التدابير المقيّدة للحريات، لاسيّما في حقّ النساء اللواتي استبعدن من غالبية الوظائف العامة أو أعطين أجوراً زهيدة لحضّهن على البقاء في المنزل.

ولم يعد يحقّ للنساء السفر من دون محرم وينبغي عليهن ارتداء البرقع. وفي نوفمبر حظرت الحركة على النساء ارتياد المتنزهات والحدائق وصالات الرياضة والمسابح العامة.

وسلّط تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” السبت الضوء على وضع المطلقات الأفغانيات اللاتي يُجبرن على المكوث ببيت الزوجية، رغم رغبتهن في الانفصال، وقال إن حركة طالبان تجبرهن على إقامة علاقات مع أزواج لا يرغبن فيهم.

ويقدّر قضاة ومحامون سابقون أن الآلاف من النساء الأفغانيات اللواتي حصلن على الطلاق من دون موافقة الزوج، يتعرضن الآن للخطر في ظل حكم طالبان، ويواجهن احتمالية السجن والانتقام.

تعتبر التغييرات في قوانين الزواج في البلاد مثالا مؤلما آخر على كيفية تجريد طالبان للنساء من حقوقهن.

ويربط المجتمع الدولي الاعتراف بنظام طالبان ومنح أفغانستان مساعدات إنسانية ومالية تحتاج إليها بشدة باحترام الحركة لحقوق الإنسان وخصوصاً حقوق النساء في التعليم والعمل.

16