التونسية سناء الهيشري تمزج بين التشكيل والنحت في لوحات حريرية

الفنانة التونسية تشدّد على أن الفنان التشكيلي العربي قادر على أن يجعل من ممارسته للفن مصدر رزق له، إذا ما قدّم للمتلقي أعمالا فنية متميزة.
الجمعة 2021/08/06
رؤى بصرية غير تقليدية للمرأة وجمالها

تجمع الفنانة التونسية سناء الهيشري في لوحاتها بين المدرستين الواقعية والتجريدية لتعكس عبرهما رؤيتها ومسيرتها الفنية التي ابتعدت فيها عن اللوحة التقليدية، لتقدّم فنا مختلفا يمزج بين التشكيل والنحت.

تونس – قالت الفنانة التشكيلية البلجيكية من أصل تونسي سناء الهيشري إن الحركة التشكيلية في تونس تتمتع بالرقي، وهي حركة قادرة على مواجهة أي ظرف من الظروف، سياسيا كان أو غير سياسي.

وتقول الفنانة التونسية المتخرجة في معهد الفنون التشكيلية الملكية ببلجيكا إن الشعب التونسي عُرف بسعيه الدائم للتفوّق والتجديد، وهو شعب لن يُهزم، ولا يقبل أبدا بأن يكون في “مستوى أقل” في أيّ مجال من المجالات.

وأضافت أنها لاحظت خلال عملها بتدريس الفنون التشكيلية مدى الإقبال اللافت من قبل التونسيين على دراسة الرسم والتشكيل، وذلك رغم الأوضاع السيئة التي عاشوها ويعيشونها.

حضور المرأة في أعمال الهيشري "بمثابة فُسحة أمل"، وقيمة فنية ولغة عالمية، نقلتها على لوحاتها لإيصال رسائل فنية مختلفة

وحول رؤيتها للمشهد التشكيلي في العالم العربي، قالت إنها تعتقد أن الساحة التشكيلية العربية في تطوّر ونمو، ولفتت في الوقت نفسه إلى أن الفرق بين الفنان التشكيلي العربي ونظيره في بلدان أوروبا هو أن الفنان التشكيلي الأوروبي دائم التعلم، ودائم السعي للاكتشاف والتجديد حتى عند تقدّمه في العمر، في حين أن الكثير من الفنانين التشكيليين العرب قد لا يسعون لتطوير ذواتهم، ويكتفون بما يصلون إليه من مستوى تعليمي.

وشدّدت على أن الفنان التشكيلي العربي قادر على أن يجعل من ممارسته للفن مصدر رزق له، يعتمد عليه في شؤون حياته، إذا ما قدّم للمتلقي أعمالا فنية متميزة وذات تقنيات فريدة وتحمل رسالة فنية هادفة.

وحول مفرداتها الفنية وموضوعات لوحاتها قالت الهيشري إنه في السنوات الأخيرة كانت المرأة هي محور أعمالها ومُلهمتها، فدخلت في أعماقها بين الماضي والحاضر وأرادت اكتشاف ابنة حواء وتطوّرها عبر الزمن، من خلال لمسات وأسلوب فني خاص بها.

واعتبرت أن حضور المرأة في أعمالها “بمثابة فُسحة أمل”، وقيمة فنية ولغة عالمية، نقلتها على لوحاتها لإيصال رسائل فنية مختلفة.

وتضيف “في السنوات الأخيرة بدأت أُثْري أعمالي الفنية بتوجهي إلى الخامات الحديثة، حيث أصبح هدفي الهروب الكلي من الأعمال التقليدية والأفكار والمواد المحدودة متأثرة بالفيلسوف الألماني فالتر بنيامين الذي أعلن أنّ مُهمّة الفنان هي إعادة النظر في أشكاله الفنية، وفي قوى الإنتاج الفني المتاحة له حتى يستطيع أن يطوّر فنه”.

Thumbnail

وحرصت الهيشري على مواكبة التجارب الغربية والحديثة وخرق القواعد بعيدا عن المعايير المتعارف عليها، مشيرة إلى أنها اتجهت إلى المزج بين التشكيل والنحت بعد أن لمست المشكلة الكبيرة التي يعاني منها النحاتون وهي صعوبة توفير المكان الملائم للأعمال.

وتابعت “من هنا انطلقت الفكرة في الجمع بين الرسم والنحت المعاصر على لوحة القماش الحريرية لسهولة نقْلها وتوفير الأماكن المناسبة لتعليقها، فأنشأت مجسمات ثلاثية الأبعاد فوق اللوحة مُستفيدة من معطيات التكنولوجيا”.

وحول عوالمها الفنية وعلاقتها بلوحاتها وفرشاتها وألوانها قالت إن لوحاتها وفرشاتها هما عالمها وحياتها، وإن ألوانها تعكس ما يختلج من أحاسيس ومشاعر وحالة نفسية بداخلها، وإنها حين ترسم على لوحة الكانفاس لا تنشر ألوانا أو خربشات، بل تنشر طاقة إيجابية نابعة من أعماقها”.

سناء الهيشري: الحركة التشكيلية التونسية راقية وقادرة على مواجهة كل الظروف

وأضافت “الفن التشكيلي بالنسبة إليّ ليس فقط مجرد ألوان وأشكال على اللوحة، وإنما هو بحث وتجريب ورؤى فنية”

وتسترسل “الخروج عن المعتاد والسير خارج سكة القطار هما بداية النجاح، فلنتعلم ونتقن الأساسيات، ثم نكسرها ونخرج عن المعتاد والمألوف، ومن هنا يولد الإبداع”.

وتؤكّد الهيشري أن أعمالها الفنية ولوحاتها التشكيلية هي من وحي اكتشافاتها وتجاربها التي تقوم بها داخل مرسمها.

وفي هذا الخصوص تقول “في مرسمي وعالمي الفني أُحاول أن أُفرغ كل الشحنة من إبداع وأستهلك كلّ ألوان العالم، لأجعل مصباح الفن مُضيئا يشعُ منه نور من ألوان تحكي بلغة فنية لتكشف مزاجي وتُخبر ما أريد إظهاره وما أسعى لإخفائه أيضا، إذ أنّي لا أميل نحو رسم لوحات فيها دقّة وتفاصيل عالية، بل أفضّل الغموض لأثير الأسئلة لدى المتلقي".

وحول المدرسة الفنية التي تنتمي إليها، أكّدت أنها لا تحب أن تنتمي لأيّ مدرسة فنية، ولا تقبل السير في نفق التقليد، وتسعى لكسر القيود، واكتشاف فن جديد وتقديمه، ومدرسة تشكيلية خاصة بها بـ”استخدام تقنيات عالية وحديثة لتعلو بصمتها ومدرستها الفنية عن بقية المدارس التي مضت”، وهي التي في داخلها شخصية تسعى للتجديد على الدوام.

وسناء الهيشري فنانة تشكيلية ومدرّسة فنون جميلة بلجيكية، تونسية الجذور، وهي خريجة المعهد الملكي للفنون الجميلة في بروكسل. شاركت عبر مسيرتها الفنية الممتدة لعقدين من الزمن في العديد من الملتقيات والمعارض التشكيلية في العديد من البلدان العربية والأوروبية في الإمارات والمغرب وتونس وهولندا وبلجيكا، في رحلة تميّزت بالتجدّد في كل مراحلها.

Thumbnail
17