التوك توك في لبنان يستنجد بالطاقة الشمسية

أزمة الطاقة وغلاء الوقود يحيلان اللبنانيين على حلول بديلة.
الثلاثاء 2022/08/23
مصدر رزق متنقل

بعد غلاء الوقود وأزمة الكهرباء القديمة المتجددة في لبنان وجد اللبنانيون من أصحاب التوك توك الحل في تركيب ألواح شمسية على عرباتهم توفر عليهم غلاء البنزين وفقدانه المتواصل، خاصة بعد أن انتشرت هذه العربة في كل المدن والبلدات اللبنانية في السنوات الأخيرة.

صيدا (لبنان) ـ الانقطاع المستمر للكهرباء في لبنان والارتفاع المتصاعد لأسعار المحروقات، دفعا الناس إلى البحث عن بدائل لاستمرار حياتهم في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وأزمة الكهرباء ليست حديثة، إلا أنها احتدمت في السنوات الأخيرة، بل تعتبر من الأسباب الرئيسية للانهيار الاقتصادي والمالي الذي وصلت إليه البلاد.

وبحسب البنك الدولي، فإن ما يقارب نصف الدين العام اللبناني (نحو 40 مليار دولار) يعود إلى قطاع الكهرباء.

ولم يعد من باب الترف البحث عن أفكار جديدة لمواجهة الأزمة، خاصة وأنها تضرب البلاد منذ أكثر من عامين وما زالت مستمرة، في ظل ارتفاع أسعار المحروقات.

ومع الانقطاع التام للتيار الكهربائي يلجأ المواطنون إلى مولدات الكهرباء الخاصة، لكن ارتفاع فواتير الاشتراكات بها حرم الكثيرين من شحن بطاريات مركباتهم أو “التوك توك” لتسيير أعمالهم.

ودخلت عربة التوك توك إلى لبنان في السنوات الأخيرة لتخفيف عبء تكاليف النقل بعد أن كان اللبنانيون يشاهدونها في التلفزيون.

التوك توك أصبح مصدر رزق للكثيرين، فهو يستخدم كمطعم صغير أو لبيع القهوة أو المثلجات أو الذرة المشوية

وفي مايو  الماضي، وافق مجلس الوزراء على منح 11 ترخيصا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، بقدرة تصل إلى 165 ميغاوات، خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بحسب المركز اللبناني لحفظ الطاقة.

اللاجئ الفلسطيني خالد قدورة (52 عاما) والذي يعمل بائع خضار على ناصية أحد شوارع مدينة صيدا (جنوب)، ليعيل عائلته المكونة من زوجته وولديهما، روى حكايته مع “التوك توك” الذي اشتراه قبل عام لأنه يعمل على البطارية، توفيرا لمادة البنزين التي تُفتقد من فترة إلى أخرى من محطات الوقود بسبب الأزمة.

وبسبب انقطاع التيار الكهربائي، وجد قدورة نفسه عاجزا عن شحن البطارية فقرر الاستعانة بالطاقة البديلة، وذلك عبر تركيب ألواح الطاقة الشمسية على سقف التوك التوك.

وعبر هذه التقنية، استطاع قدورة، أن يوفر الكهرباء لمركبته، وبالتالي التنقل بها من دون دفع أي تكاليف للبنزين، في حين أنه استغنى تماما عن الكهرباء لشحن البطارية.

وقال “بعد أزمة الكهرباء المستمرة في البلاد، وارتفاع أسعار الاشتراكات في المولدات الخاصة، بدأنا نبحث عن البدائل لشحن بطاريات التوك توك، الذي يعمل على الكهرباء”.

ولفت قدورة إلى أنه “استعان بالمهندس الكهربائي محي الدين وهبي، الذي أجرى دراسة تقنية لوضع لوح الطاقة الشمسية على التوك توك، والتي أصبحت حاجة ملحة لعموم اللبنانيين اليوم”.

وأشار إلى أنه “منذ تركيب ألواح الطاقة الشمسية على التوك توك، قبل نحو شهرين، أداؤها جيد، ووفرت عليّ الكثير من اشتراك المولد الخاص لشحن الكهرباء”.

الطاقة البديلة توفر على الزبائن
الطاقة البديلة توفر على الزبائن

وأفاد قدورة بأن “الأمر انعكس إيجابا حتى على الزبائن الذين يشترون مني الخضار، لأنها أصبحت عندي أرخص من غيري، بسبب التوفير الذي أحدثه تركيب الطاقة الشمسية”.

من جهته، المهندس الكهربائي محي الدين وهبي، تحدث عن بدايات الحكاية مع قدورة، عندما أتى إليه بعد أن منع عنه صاحب المولد الكهرباء عملية شحن بطاريته، ولا يستطيع شحن التوك توك للذهاب إلى عمله.

وقال وهبي، “بعد محاولات عدة لحل مشكلة قدورة، بدأ العمل على تجربة شحن بطارية التوك توك عبر ألواح شمسية، وبعد تجارب عدة نجحت فكرتنا وعممناها على الكثيرين”.

وأضاف أنه “يعمل على البحث عن أفكار أخرى جديدة، مثل شحن سيارة كبيرة بألواح الطاقة الشمسية”.

ولفت وهبي إلى أنه “طالما أصبحت بطاريات الليثيوم صغيرة الحجم متوفرة، سيصبح الموضوع أسهل، لأنها تعطي فعالية أكبر، ووقتا أطول مقارنة بالبطارية العادية، التي تعمل بالأسيد (حمض الكبريتيك)”.

وردا على سؤال حول فعالية ألواح الطاقة الشمسية في فصل الشتاء، قال وهبي، إن “فعالية ذلك في فصل الشتاء مثل فصل الصيف، إلا عندما يكون الطقس عاصفا وممطرا بغزارة، في هذه الحالة فقط تخف فعاليتها”.

Thumbnail

واعتبر أن “المواطنين بدأوا يتشجعون على تركيب ألواح الطاقة الشمسية على المركبات الصغيرة، مثل التوك توك، بسبب أزمة الوقود وغلاء ثمنه”.

وأضاف، “غالبية من لديهم توك توك اليوم، يلجأون إلى تركيب الطاقة الشمسية، وليس فقط على هذا النوع من المركبات بل أيضا في المنازل أو أماكن أخرى”.

ويعيش المواطن اللبناني مأساة فعلية، فأزمة انقطاع التيار الكهربائي تتعمّق منذ انتهاء الحرب الأهلية (1975 – 1990)، ولم تستطع الحكومات المتعاقبة معالجتها.

ومنذ نحو عام، تعاني البلاد انقطاعا في التيار الكهربائي عن المنشآت والمنازل لساعات طويلة، بسبب شح الوقود المخصص لتشغيل محطات التوليد، جراء عدم توفر النقد الأجنبي المخصص للاستيراد.

قدورة ليس وحده من يستعمل التوك توك لتسيير أعماله، يقول أديب قباني صاحب شركة متخصصة في تجهيزات عربات التوك توك، “لا إيجار شهري ولا ضرائب مالية ولا فواتير كهرباء، هذه بعض ميزات التوك توك، لذلك بات الكثيرون يفضلونه كمؤسسة تجارية متنقلة”.

وأضاف “يستخدم كمطعم متنقل أو كشك لبيع القهوة، أصبح وسيلة لنقل الركاب في المدن والبلدات”.

وقال قباني، إنه في ظل الصعوبات الاقتصادية التي تمر بها البلاد، بات التوك توك مصدر رزق الكثير من العائلات اللبنانية، فهو يستخدم كمطعم صغير أو لبيع القهوة أو المثلجات أو الذرة المشوية وغيرها.

من هنا، جاءت الفكرة لعدد من الشبان في منطقة البقاع وتحديداً للعمل على تنظيم تطبيق شبيه بتطبيقات “لوت” و”أوبر”، ويرى أصحابها أنها ضرورية لأن التوك توك أصبح وسيلة نقل أساسية ومُعتمدة خاصة في القرى اللبنانية.

Thumbnail
18