التوتر النفسي المستمر يؤذي الجسد والنفس

برلين - يؤذي التوتر النفسي المستمر الجسد والنفس على حد سواء؛ حيث أنه يتسبب في إضعاف جهاز المناعة ويرفع خطر الإصابة بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية من ناحية، ويمهد الطريق للإصابة بالاكتئاب من ناحية أخرى.
وأوضح الدكتور رالف سور، رئيس مؤسسة المعرفة الصحية الألمانية، أن التوتر النفسي المستمر يدفع المرء لإتباع سلوكيات وعادات غير صحية مثل قلة النوم والتدخين وتناول الطعام بشكل سريع أو تناول طعام غير صحي، مما يؤدي إلى إضعاف جهاز المناعة، ومن ثم يصبح المرء أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المُعدية.
وأضاف سور أن التوتر النفسي المستمر يؤدي إلى متاعب الجهاز الهضمي، والتي تتمثل في الإسهال وحرقة المعدة ومتلازمة القولون العصبي.
كما يؤثر التوتر النفسي المستمر بالسلب على الجهاز الحركي؛ حيث أنه يؤدي إلى الإصابة بالشد العضلي وآلام الظهر والانزلاق الغضروفي.
من جانبها أشارت الدكتورة مازدا أدلي إلى أن التوتر النفسي المستمر يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، والذي يرفع بدوره خطر الإصابة بأزمة قلبية أو سكتة دماغية.
التوتر النفسي المستمر يؤدي إلى متاعب الجهاز الهضمي، والتي تتمثل في الإسهال وحرقة المعدة ومتلازمة القولون العصبي
وأضافت الطبيبة النفسية الألمانية أن التوتر النفسي المستمر يدفع الجسم إلى تخزين المزيد من السكر والدهون ويعزز فرص مقاومة الأنسولين، مما يمهّد الطريق للإصابة بداء السكري من النوع الثاني وارتفاع مستوى الكوليسترول الضار بالدم وتضيق الأوعية الدموية.
من ناحية أخرى، أشارت أدلي إلى أن التوتر النفسي المستمر له بطبيعة الحال تأثير سلبي على الذهن والنفس؛ حيث أنه يؤدي إلى ضعف التركيز ومشاكل الذاكرة، كما أنه يرفع خطر الإصابة باضطرابات الخوف والقلق ونوبات الذعر، فضلا عن أنه يمهد الطريق للإصابة بالاكتئاب.
ولتجنب هذه المخاطر الصحية الجسيمة، ينبغي مواجهة التوتر النفسي المستمر من خلال ممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوغا والتأمل وتمارين التنفس وتمارين الانتباه، كما أن المواظبة على ممارسة الرياضة تساعد على التخلص من التوتر النفسي.
ومن المفيد أيضا ممارسة الهوايات ومقابلة الأصدقاء؛ حيث يساعد ذلك على تعزيز المشاعر الإيجابية، ومن ثم الشعور بالاسترخاء النفسي.
وإذا لم تفلح هذه التدابير في مواجهة التوتر النفسي المستمر، فينبغي حينئذ استشارة طبيب نفسي للخضوع للعلاج النفسي؛ حيث يساعد العلاج السلوكي المعرفي على تغيير طرق التفكير وأنماطه، التي تعزز التوتر النفسي مثل السعي الدائم إلى الكمال.
كما يمكن أيضا الخضوع للعلاج بالأدوية النفسية مثل المهدئات ومضادات الاكتئاب.
ويمنع التوتر الأشخاص من إنجاز المهام اليومية، ويحدث الإجهاد السيء عندما يتراكم الكثير من الضغط حولهم، وبمجرد أن يشعر الجسم بوجود الكثير من الضغط فإنه يبدأ في الانهيار مما يؤدي إلى ظهور أعراض مثل التعرق، والقلق، والصداع، وسرعة التنفس.
وهذا النوع من التوتر النفسي يمكن أن يؤثر تأثيراً كبيراً على الصحة الجسدية والعقلية للشخص المصاب به.
وقد يأتي التوتر النفسي بأشكال عديدة، ويؤثر على الناس من جميع الأعمار، وعلى جميع مناحي الحياة.
وبشكل عام، هناك أشخاص أكثر عرضة للإصابة بالتوتر، ولديهم أيضاً قدرة أقل على التعامل مع الضغوط التي تفرضها الحياة اليومية، وقد يصلون إلى مستويات أعلى من الإجهاد. ومن هؤلاء: الأشخاص الذين لا يحصلون على دعم اجتماعي كاف، والأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية، أو الذين يحصلون على قسط غير كاف من النوم.
ووفق خبراء مايو كلينيك، يواجه العديد من الأشخاص الكثير من متطلبات الحياة كل يوم. فقد يكون عليهم مثلاً تولّي الكثير من الأعمال أو سداد الفواتير أو توفير الرعاية لأسرهم. ويتعامل جسمهم مع هذه المهام اليومية باعتبارها تهديدات تستهدفهم. وقد يشعرون نتيجةً لذلك كما لو كانوا عرضة باستمرار للاعتداء. لكن يمكنهم مقاومة ذلك الشعور، ولا ينبغي أن يدعوا التوتر يؤثر على حياتهم.
وعندما يواجه الأشخاص تهديدًا محتملاً، تطلق منطقة صغيرة موجودة في قاعدة الدماغ، تُعرَف بمنطقة تحت المهاد (الوطاء)، نظام إنذار في الجسم. ومن خلال الإشارات العصبية والهرمونية، يدفع هذا النظام الغدد الكظرية، الموجودة فوق الكليتين، إلى زيادة إفراز الهرمونات، مثل الأدرينالين والكورتيزول.
فالأدرينالين يُسبب زيادة سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم ويمنح المزيد من الطاقة. أما الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الأساسي، فيرفع مستوى السكر، المعروف أيضًا بالغلوكوز، في مجرى الدم ويعزِّز استخدام الدماغ للغلوكوز ويزيد من توفر المواد التي تعمل على ترميم الأنسجة في الجسم.
ويبطئ الكورتيزول أيضًا الوظائف الضارة أو غير الضرورية للتعامل مع موقف يستدعي الاختيار بين الهروب أو المواجهة. ويعمل على تغيير استجابات الجهاز المناعي وتثبيط الجهاز الهضمي والجهاز التناسلي وعمليات النمو. ويتواصل نظام الإنذار الطبيعي المعقد هذا أيضًا مع مناطق الدماغ التي تتحكم في الحالة المزاجية والدوافع والخوف.
ويعيق نظام استجابة الجسم للتوتر عادةً قدرة الفرد على ممارسة حياته بشكل طبيعي. وبمجرد تجاوز التهديد المحتمل، تعود الهرمونات إلى مستواها الطبيعي. وعندما تنخفض مستويات الأدرينالين والكورتيزول، فإن سرعة ضربات القلب وضغط الدم يعودان إلى مستوياتهما الطبيعية، وتعود الأنظمة الأخرى بالجسم إلى نشاطها المعتاد.
ولكن عند استمرار العوامل المسببة للتوتر مع الشعور الدائم بأن الشخص عرضة للهجوم، فإن استجابة الهروب أو المواجهة ستظل قائمة.
ويمكن أن يسبب التحفيز طويل المدى لنظام الاستجابة للتوتر والتعرُّض المفرط للكورتيزول وغيره من هرمونات التوتر الأخرى اضطرابًا لجميع عمليات الجسم تقريبًا. وذلك يجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بالعديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك القلق، والاكتئاب، ومشكلات الهضم، والصداع، وشد في العضلات وألم بها، ومرض القلب والنوبات القلبية وارتفاع ضغط الدم والسكتة الدماغية، ومشكلات النوم، وزيادة الوزن، ومشكلات في الذاكرة والتركيز.