التوتر النفسي المستمر.. مخاطر وحلول

التوتر المزمن يدمر العقل والجسد وينبغي اتخاذ خطوات للتحكم فيه.
السبت 2025/04/12
الاسترخاء العضلي مفيد للصحة النفسية

برلين - حذرت البروفيسورة آن كاسبر من خطورة التوتر النفسي المستمر على النفس والجسد على حد سواء؛ حيث إنه يرفع خطر الإصابة بالاحتراق النفسي والاكتئاب إلى جانب العديد من المشاكل العضوية مثل أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم واضطرابات النوم.

وأوضحت أستاذة علم النفس العملي والتنظيمي في جامعة برلين الحرة أنه يمكن مواجهة التوتر النفسي المستمر من خلال ممارسة الرياضة وممارسة تقنيات الاسترخاء مثل اليوجا والاسترخاء العضلي التقدمي.

ومن المهم أيضا خلق التوازن بين الحياة الوظيفية والحياة الشخصية، وذلك من خلال وضع حدود واضحة المعالم بين العمل والحياة الشخصية؛ حيث ينبغي بعد الانتهاء من العمل وفي أوقات الفراغ الاهتمام بالهوايات الشخصية ومقابلة الأصدقاء والذهاب إلى السينما أو المسرح مثلا.

وإذا لم تفلح هذه التدابير في مواجهة التوتر النفسي المستمر، فينبغي حينئذ استشارة طبيب نفسي؛ حيث يمكن الخضوع لما يعرف بالتدريب على إدارة التوتر المعرفي السلوكي، والذي يتم فيه التدريب على تغيير أنماط التفكير والسلوك.

ويقوم هذا التدريب على فكرة أن الأشخاص، الذين يميلون إلى رؤية الجانب الإيجابي، هم أكثر قدرة على التكيف في المواقف العصيبة ويستجيبون لأعباء العمل والحياة الشخصية باستراتيجيات مواجهة أفضل.

ويشير خبراء “مايو كلينيك” إلى أن التوتر المزمن يدمر العقل والجسد وينبغي اتخاذ خطوات للتحكم فيه.

التوتر النفسي المستمر يرفع خطر الإصابة بالاحتراق النفسي والاكتئاب إلى جانب العديد من المشاكل العضوية مثل أمراض القلب

ويرى الخبراء أن الجسم مصمم لمواجهة التوتر بأساليب تهدف إلى حمايته من تهديدات الحيوانات المفترسة وغيرها مما قد يعرضه للاعتداء. وإن كانت مثل هذه التهديدات قد باتت نادرة اليوم، فإن ذلك لا يعني أن الحياة خالية من التوتر.

ويواجه الأشخاص على الأرجح الكثير من متطلبات الحياة كل يوم. فقد يكون عليهم مثلاً تولي الكثير من الأعمال أو سداد الفواتير أو توفير الرعاية لأسرتهم، وفق الخبراء. ويتعامل الجسم مع هذه المهام اليومية باعتبارها تهديدات تستهدفه. وقد يشعر نتيجةً لذلك كما لو كان عرضة باستمرار للاعتداء. لكن يمكنه مقاومة ذلك الشعور.

وينصح الخبراء الشخص بفهم الاستجابة الطبيعية للضغط النفسي، فعندما يواجه تهديدًا محتملاً، كأن ينبح كلب ضخم عليه وهو يتجوّل في الصباح على سبيل المثال، تُطلق منطقة صغيرة موجودة في قاعدة الدماغ، تُعرَف بمنطقة تحت المهاد (الوطاء)، نظام إنذار في الجسم. ومن خلال الإشارات العصبية والهرمونية، يدفع هذا النظام الغدد الكظرية، الموجودة فوق الكليتين، إلى زيادة إفراز الهرمونات، مثل الأدرينالين والكورتيزول.

فالأدرينالين يُسبب زيادة سرعة ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم ويمنح المزيد من الطاقة. أما الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الأساسي، فيرفع مستوى السكر، المعروف أيضًا بالغلوكوز، في مجرى الدم ويعزِّز استخدام الدماغ للغلوكوز ويزيد من توفر المواد التي تعمل على ترميم الأنسجة في الجسم.

ويبطئ الكورتيزول أيضًا الوظائف الضارة أو غير الضرورية للتعامل مع موقف يستدعي الاختيار بين الهروب أو المواجهة. ويعمل على تغيير استجابات الجهاز المناعي وتثبيط الجهاز الهضمي والجهاز التناسلي وعمليات النمو. ويتواصل نظام الإنذار الطبيعي المعقد هذا أيضًا مع مناطق الدماغ التي تتحكم في الحالة المزاجية والدوافع والخوف.

ويعوق نظام استجابة الجسم للتوتر عادةً قدرة الشخص على ممارسة حياته بشكل طبيعي. وبمجرد تجاوز التهديد المحتمل، تعود الهرمونات إلى مستواها الطبيعي. وعندما تنخفض مستويات الأدرينالين والكورتيزول، فإن سرعة ضربات القلب وضغط الدم يعودان إلى مستوياتهما الطبيعية، وتعود الأنظمة الأخرى بالجسم إلى نشاطها المعتاد.

ولكن عند استمرار العوامل المسببة للتوتر مع الشعور الدائم بأن الشخص عرضة للهجوم، فإن استجابة الهروب أو المواجهة ستظل قائمة.

يمكن أن يسبب التحفيز طويل المدى لنظام الاستجابة للتوتر والتعرُّض المفرط للكورتيزول وغيره من هرمونات التوتر الأخرى اضطرابًا لجميع عمليات الجسم تقريبًا. وذلك يجعل الشخص أكثر عرضةً للإصابة بالعديد من المشكلات الصحية، بما في ذلك القلق.

15