التواجد في الهواء الطلق يقلل مستويات الكورتيزول وتوتر العضلات

التعرض اليومي للضوء الطبيعي يساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ.
الأحد 2023/11/12
ينصح بالقيام بالأنشطة الجسدية في المساحات الخضراء

يشير خبراء اللياقة البدنية وخبراء الصحة إلى تأثير قضاء الوقت في الهواء الطلق والمناطق الخضراء على الصحة الجسدية والعقلية، لافتين إلى أنه قد تكفي 15 دقيقة فقط في الطبيعة للشعور ببعض التوازن النفسي، ذلك أن التواجد في الهواء الطلق يقلل مستويات الكورتيزول وتوتر العضلات. كما أن التعرض اليومي للضوء الطبيعي يساعد على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ، ويمكّن من الحصول على فيتامين “د”.

لندن - أظهرت الدراسات العلمية أن التواجد في الطبيعة له تأثير إيجابي على الجسم عن طريق تقليل مستويات الكورتيزول وتوتر العضلات وتعزيز أنظمة القلب والأوعية الدموية، حيث يخفض التواجد في الطبيعة معدل ضربات القلب وضغط الدم، ما قد يؤدي إلى انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب.

ويمكن أن يساعد الهواء الطلق أيضا على زيادة مستوى فيتامين “د”، وهو أمر مهم للعظام وخلايا الدم والجهاز المناعي.

وتم ربط الوصول المنتظم إلى المساحات الخضراء بانخفاض مخاطر الإصابة بالاكتئاب وتحسين التركيز والانتباه. كما يساعد التعرض اليومي للضوء الطبيعي على تنظيم دورات النوم والاستيقاظ.

ولا تتطلب الاستفادة من التأثير الإيجابي الفريد للطبيعة الكثير من المجهود، إذ أوضحت أستاذة علم النفس بجامعة ترينت الكندية ليزا نيسبت أن “مجرد الوجود في الأماكن الطبيعة والتمشية قليلا يمكنهما تحسين الحالة المزاجية للشخص وتعزيز شعوره بالسعادة، حتى ولو لم يكن ذهنه حاضرا تماما ومنشغلا بشيء آخر”.

أشار واين جوناس، أستاذ في كلية الطب بجامعة جورج تاون، إلى أن القيام بالأنشطة الجسدية بالمساحات الخضراء، مثل المشي والجري وركوب الدراجات، يؤثر إيجابيا على الصحة الجسدية بصور مختلفة.

الأشخاص الذين يقضون وقتا أطول في الخارج، يتمتعون بصحة أفضل، ويصبحون أكثر نشاطا مقارنة بالآخرين

وأوضح أن ممارسة هذه الأنشطة أو غيرها في الأماكن الطبيعية تخفف الإحساس بالألم الجسدي، وتحسن وظائف المخ، وتبطئ الشيخوخة وأمراض القلب، وتساعد على خفض هرمون الكورتيزول (هرمون التوتر) وتقلل معدل ضربات القلب.

وتناولت العديد من الأبحاث تأثير المساحات الطبيعية على كافة نواحي حياة الأفراد، وكيف أنه ليس فقط ممتعا، بل هو ضروري من أجل صحتهم الجسدية والنفسية والعقلية ولإعادة التوازن إلى حياتهم المزدحمة والمشتتة، ولا تزال الأبحاث مستمرة.

وأظهر استطلاع للرأي أن الذين يقضون وقتا أطول في الخارج يتمتعون بصحة أفضل، ويصبحون أكثر نشاطا وإنتاجية من أولئك الذين لا يفعلون ذلك.

ووجدت الدراسة الجديدة، استنادا إلى الاستطلاع، أن الذين أمضوا 20 ساعة أو أكثر أسبوعيا في مساحة خضراء أو طبيعية كانوا أكثر إنتاجية بنسبة 41 في المئة في اليوم المتوسط من أولئك الذين يقضون أقل من 30 دقيقة أسبوعيا في الخارج.

وثلاثة أرباع البالغين يزعمون أن قضاء الوقت في الطبيعة أو المساحات الخضراء يمنحهم دفعة من السعادة طوال اليوم.

وأظهرت الدراسة التي أجريت على 2000 شخص بالغ أن 79 في المئة منهم قالوا إنها تجعلهم يشعرون بصحة أفضل وأكثر نشاطا.

ويعد العقل الأكثر صفاء (44 في المئة)، والنوم بشكل أكثر صحة (28 في المئة)، والشعور بتوتر أقل (38 في المئة)، من بين أهم الفوائد الصحية التي أبلغ عنها المشاركون من الخروج في الهواء الطلق، فضلا عن الشعور بالتحسن جسديا وعقليا (70 في المئة).

مجرد الوجود في الأماكن الطبيعة والتمشية قليلا يمكنهما تحسين الحالة المزاجية للشخص وتعزيز شعوره بالسعادة

وفي حين أن أولئك الذين يقضون وقتا أطول مما يرغبون في الداخل غالبا ما يشعرون بالبطء (37 في المئة)، والتعب (25 في المئة)، والعزلة (16 في المئة).

وتأتي هذه الدراسة بعد أبحاث سابقة أجريت عام 2022، والتي وجدت أن قضاء الوقت في الطبيعة يمكن أن يفيد الصحة والرفاهية على المدى الطويل.

وقالت لويز ماكاثي، مديرة جمع التبرعات في مؤسسة “شاريتيز توقاذر”، “فضلا عن مساعدتنا على التواصل مع العالم الطبيعي، توفر التجارب الخارجية فرصة نحتاجها بشدة لتخفيف الضغط، ويمكن أن تحدث فرقا كبيرا في صحتنا العامة”.

ووجدت الدراسة أيضا أنه بالإضافة إلى الشعور بصحة أفضل، فإن أولئك الذين يقضون وقتا أطول في الطبيعة هم أكثر عرضة لتبني سلوكيات مفيدة للبيئة.

وتشمل هذه السلوكيات تناول نظام غذائي يعتمد أكثر على النباتات (18 في المئة)، واختيار المشي أو ركوب الدراجة بدلا من القيادة (31 في المئة)، وإعادة التدوير بشكل أكبر (55 في المئة).

وقال 54 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إن مواقفهم تجاه البيئة تأثرت بقضاء الوقت في الهواء الطلق، كما أن 13 في المئة بدؤوا في التقاط القمامة أثناء المشي.

وأشار الثلثان إلى أن قضاء الوقت في الهواء الطلق يجعلهم يهتمون أكثر بصحتهم، حيث يشعر 46 في المئة بالاسترخاء و42 في المئة بأنهم أكثر هدوءا.

الذين يقضون وقتا أطول في الطبيعة هم أكثر عرضة لتبني سلوكيات مفيدة للبيئة

وكشفت الدراسة، التي أجريت عبر “وان بول”، أيضا أن أفضل الأمور المتعلقة بالتواجد في الخارج هي الهواء النقي (64 في المئة)، والمناظر الطبيعية (47 في المئة)، ورؤية الحيوانات والحياة البرية (46 في المئة).

ومع ذلك، على الرغم من الاستمتاع بالتواجد في الخارج، فإن عدم الوصول إلى المناطق الخضراء والحدائق الجذابة كان عائقا أمام قضاء المزيد من الوقت في الطبيعة لواحد من كل 10 أشخاص.

ولمعرفة كم من الوقت يحتاج الفرد لقضائه في الطبيعة للحصول على هذه الفوائد الفريدة، وجدت دراسة نشرتها مجلة “نيتشرث” شملت أكثر من 20 ألف شخص بالمملكة المتحدة، أن قضاء ساعتين على الأقل خلال الأسبوع في أماكن طبيعية كان له تأثير إيجابي ملحوظ على الصحة الجسدية والنفسية.

ويمكن قضاء هذه الفترة في جلسة واحدة، أو تقسيمها على مدار الأسبوع.

وإذا لم يتمكن الشخص من قضاء كل هذا الوقت، قد تكفيه 15 دقيقة في الطبيعة، وهو ما وجدته دراسة قامت بها مجموعة من الباحثين في فنلندا، حيث وجدوا أن المشاركين بدؤوا بالشعور ببعض التوازن النفسي بعد 15 دقيقة فقط من الجلوس في الحدائق أو الغابات.

ولا يقتصر التعرض للطبيعة على الذهاب إلى المناطق الخضراء فقط، إذ إن لبقية المظاهر الطبيعية من البحار والأنهار والجبال تأثيرا إيجابيا كبيرا أيضا، بينما أشارت دراسة علمية نشرتها منصة “ساينس دايركت” وبحثت مجموعة متنوعة من البيئات، إلى أن المساحات المائية يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي أكبر.

كما أظهرت أبحاث أخرى، قامت بها كلية نيبون الطبية في اليابان، أن المشي في الأماكن الطبيعة وخاصة المساحات الخضراء والغابات يساعد على تعزيز الخلايا القاتلة الطبيعية “أن.كيه”، وهي نوع من خلايا الدم البيضاء التي تدعم جهاز المناعة وترتبط بانخفاض خطر الإصابة بالسرطان.

كما أن لهذه الخلايا دورا في مكافحة العدوى واضطرابات المناعة الذاتية، والحماية من أمراض القلب والسكري.

14