التهجير وحل الدولتين يسيطران على مؤتمر ميونخ للأمن

ميونخ(ألمانيا)- مثلت الحرب في غزة وتداعياتها الإقليمية عنصرا رئيسيا في اهتمامات مؤتمر ميونخ للأمن 2024. وتركزت النقاشات حول المخاوف من التهجير وكذلك فرص حل الدولتين كخيار ضامن للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل.
وعبر وزراء خارجية مجموعة السبع السبت عن قلقهم إزاء خطر التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين من قطاع غزة والعواقب المحتملة لشن عملية عسكرية إسرائيلية في رفح.
وقالت إيطاليا، التي تتولى حاليا رئاسة مجموعة السبع، في بيان “دعا (وزراء الخارجية) إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الأزمة الإنسانية الكارثية في غزة، ولاسيما معاناة 1.5 مليون مدني لجأوا إلى رفح، وعبّروا عن قلقهم العميق إزاء العواقب المدمرة المحتملة على السكان المدنيين جراء عملية عسكرية إسرائيلية شاملة أخرى في تلك المنطقة”.
واجتمع وزراء خارجية بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة في ميونخ السبت.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن أمام إسرائيل “فرصة استثنائية” في الأشهر المقبلة لتطبيع العلاقات مع جيرانها العرب، مؤكدا أيضا ضرورة إقامة دولة فلسطينية.
وأشار بلينكن إلى وجود جهود حقيقية تقودها دول عربية لتعزيز السلطة الفلسطينية حتى تكون أكثر فعالية في تمثيل الفلسطينيين.
وقال بلينكن خلال حلقة نقاشية بمؤتمر ميونخ للأمن ”كل الدول العربية تقريبا تريد الآن بصدق دمج إسرائيل في المنطقة لتطبيع العلاقات.. وتقديم التزامات وضمانات أمنية حتى تشعر إسرائيل بالمزيد من الأمان”.
وأضاف “أعتقد كذلك بوجود ضرورة ملحة أكثر من أي وقت مضى للمضي قدما نحو إقامة دولة فلسطينية تضمن أيضا أمن إسرائيل”.
◙ بلينكن يؤكد وجود جهود حقيقية تقودها دول عربية لتعزيز السلطة الفلسطينية حتى تكون أكثر فعالية
وتعمل إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن على إبرام صفقة ضخمة من شأنها أن تشهد تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل. وتسعى المملكة ودول عربية أخرى إلى إقامة دولة فلسطينية في إطار هذه الصفقة.
وتعمل واشنطن أيضا على التوصل إلى اتفاق لتأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين اقتادهم مسلحو حماس إلى قطاع غزة في هجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل، وهو أحد أكثر الهجمات دموية على إسرائيل منذ عقود.
ويُنظر إلى صفقة الرهائن والهدنة الإنسانية على أنهما ستساعدان في تقدم المحادثات بشأن اتفاق التطبيع بين السعودية وإسرائيل، والتي جُمّدت فور وقوع الهجوم لكنها استؤنفت في الأشهر الأخيرة.
وحضّ الرئيس الأميركي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الخميس على عدم شن هجوم على رفح من دون خطة موثوقة لحفظ سلامة المدنيين، وفق ما أفاد البيت الأبيض.
لكن نتنياهو يصر على المضي في عملية “قوية” في رفح لتحقيق “النصر الكامل” على حماس.
وأكّد وزير الخارجيّة الإسرائيلي الجمعة أنّ إسرائيل ستنسّق مع مصر قبل العمليّة العسكريّة في رفح.
وقال يسرائيل كاتس خلال مؤتمر الأمن في ميونخ المنعقد في جنوب ألمانيا إنّ “مصر حليفتنا. لدينا اتّفاق سلام مع مصر وسنعمل بطريقة لا تضرّ بالمصالح المصريّة”.
وقال بايدن إنّه أجرى محادثات “مطوّلة” مع نتنياهو حول الحاجة إلى هدنة جديدة في غزّة لاستعادة الرهائن المتبقّين.
وأوضح “يجب أن يكون هناك وقف مؤقّت لإطلاق النار لإخراج السجناء وإخراج الرهائن”.
من جانبه، قال المستشار الألماني أولاف شولتس خلال مؤتمر ميونخ للأمن إن بلاده تدعو إسرائيل إلى الالتزام بالقانون الدولي في الصراع في غزة وعدم فتح جبهة ثانية على حدودها الشمالية مع لبنان. وأضاف أنه يجب منع إيران من استغلال الصراع لتوسيع نفوذها.
◙ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تعمل على إبرام صفقة ضخمة من شأنها أن تشهد تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إنه لتحقيق حل الدولتين، يجب أن يكون هناك ضمان بأن هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حماس على إسرائيل لن يحدث مرة أخرى أبدا.
واجتمع مسؤولون بارزون من الولايات المتحدة ودول عربية وأوروبية في ميونخ الجمعة لبحث التقدم بشأن صياغة خطة لغزة بعد الحرب وربط ذلك بجهود تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية.
وكان بلينكن ووزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ووزراء خارجية الأردن وقطر وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا من بين الذين اجتمعوا على هامش مؤتمر ميونخ السنوي للأمن.
وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى إن الاجتماع هدف إلى مشاركة نتائج المناقشات التي أجرتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية والعربية بخصوص غزة بعد الحرب، بالإضافة إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية وزيادة اندماج إسرائيل في المنطقة والضمانات الأمنية والطريق نحو إقامة دولة فلسطينية وسبل إصلاح السلطة الفلسطينية.
ودب خلاف بين الدول الغربية والعربية بخصوص الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني ودعا معظم هذه الدول إلى محاولة تخفيف الوضع الإنساني في قطاع غزة.
لكن مع تزايد عدد القتلى في صفوف المدنيين، يقول مسؤولون إن هناك ضرورة ملحة لمناقشة موعد التوصل إلى وقف طويل لإطلاق النار.
وتقود واشنطن محادثات مع حلفائها من الدول العربية بالتوازي مع المفاوضات الرامية إلى تأمين إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين الذين اختطفهم مسلحو حماس في هجومهم على إسرائيل. وتقول السلطات الإسرائيلية إن الهجوم تسبب في مقتل 1200 شخص في واحدة من أكثر الهجمات دموية على إسرائيل منذ عقود.
ويقول مسؤولون أميركيون إن اتفاق الرهائن ضروري للمضي قدما في مفاوضات سياسية أوسع نطاقا. ومن شأن الاتفاق أن يؤدي إلى إطلاق سراح باقي الرهائن وعددهم 133 وتحقيق هدنة طويلة لوقف القتال الذي أودى بحياة أكثر من 28 ألف فلسطيني.
وقال دبلوماسي أوروبي حضر وزير خارجية بلاده الاجتماع “الأميركيون يعملون مع العرب ومن الجيد أن نسمع ما سيقولونه… إنه أمر مفيد لأن الجميع يحاول تحريك الأمور. هناك حاجة ملحة أكثر بسبب الهجوم الوشيك على رفح”.
ومع توجيه الإدارة الأميركية دعما كبيرا لإسرائيل واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية فيها، تحرص بعض الدول الأوروبية على الاستفادة من علاقتها القوية مع الدول العربية للتوصل أيضا إلى مبادرات مشتركة.