التمريض ملجأ الأفغانيات الباحثات عن وظائف

أعداد متزايدة من النساء المهنيات يلتحق بدورات التمريض والتوليد حيث سئمن البقاء في منازلهن منذ استيلاء طالبان على السلطة قبل عامين.
الأحد 2023/08/20
فرصة العمل الوحيدة

لندن - قررت الخبيرة الاقتصادية السابقة شبانة صديقيان إعادة التدريب على التمريض، بعد عقد من إلقاء المحاضرات في جامعة أفغانية. وهي لم تكن تتخيل هذا التغيير الوظيفي لكنه سيسمح لها بالخروج من المنزل مرة أخرى.

وتلتحق أعداد متزايدة من النساء المهنيات بدورات التمريض والتوليد، حيث سئمن البقاء في منازلهن منذ استيلاء طالبان على السلطة قبل عامين. وهن يحتجن اليوم إلى المال بعد أن فقدن وظائفهن.

وقالت صديقيان إن التمريض هو المهنة الوحيدة تقريبا التي لا تزال متاحة للنساء اللاتي يعشن “تحت الإقامة الجبرية”، حيث يفرض الزعماء الإسلاميون المتشددون في البلاد قيودا أكثر صرامة على حرياتهن. وأضافت “هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكنني بها مساعدة عائلتي ماليا ومساعدة نفسي في الحصول على وظيفة والخروج من المنزل لبضع ساعات”.

ما يقرب من 90 في المئة من المتدربات يأتين من خلفيات مهنية غير مرتبطة من بينهن موظفات ومعلمات وصحافيات
◙ ما يقرب من 90 في المئة من المتدربات يأتين من خلفيات مهنية غير مرتبطة من بينهن موظفات ومعلمات وصحافيات

وتبلغ نيلاب عزيزي من العمر 30 عاما، وهي أم لثلاثة أطفال، وكانت تعمل في مشروع مساعدات دولية، وتسعى للعودة إلى حياتها المهنية السابقة وتتطلع إلى المشاركة في دورة تمريض مدتها ثلاث سنوات والتي تنطلق في سبتمبر.

وقالت “حاولت لأكثر من عام العودة إلى العمل، لكن طالبان أغلقت كل باب في وجوه النساء. يشبه البقاء في المنزل وعدم العمل الموت التدريجي". ومنعت إدارة طالبان الفتيات من الالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات ومعظم الوظائف، بما في ذلك العمل في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية. لكن هذا الحظر لا ينطبق على القطاع الصحي.

وتحدثت رويترز إلى 10 ممرضات ومتدربات في جميع أنحاء البلاد قلن إنهن غيرن وظائفهن أو علمن أن صديقات لهن أو زميلات فعلن ذلك. وأكّد خالد فردوس، وهو الرئيس التنفيذي لمعهد طبي خاص في مدينة مزار شريف بشمال البلاد يعمل مع وزارة الصحة، تضاعف عدد طلاب التمريض والمشرفين على التوليد في الدورات منذ منتصف 2021.

وقال إن ما يقرب من 90 في المئة يأتين من خلفيات مهنية غير مرتبطة، ومن بينهن موظفات ومعلمات وصحافيات وطالبات. ويتواصل منع الفتيات من مزاولة التعليم الثانوي، وتخشى وكالات الإغاثة أن فرص طلبات دراسة القبالة والتمريض ستتقلص خلال السنوات القادمة مع تداعيات وخيمة على الرعاية الصحية في أفغانستان في المستقبل. ولم ترد وزارة الصحة على طلب للتعليق.

وكانت صديقيان، البالغة من العمر 36 عاما، عميدة لكلية الاقتصاد في جامعة خاصة في مدينة هرات الغربية عندما استولت طالبان على السلطة في 15 أغسطس 2021. وانتُزعت صورتها من لوحة الموظفين في اليوم التالي. ثم شغل رجل منصبها بعد أسابيع قليلة. وأصبحت منذ ذلك الحين ربة منزل.

ودفعتها الموارد المالية المتضائلة والإحباط من سجن المنزل إلى التسجيل في دورة تمريض تنطلق في سبتمبر. وتتدرب إحدى شقيقاتها بالفعل على التوليد بعد أن اضطرت إلى التخلي عن شهادتها الجامعية في الأدب.

وقالت صديقيان التي كانت تكسب 400 دولار في الشهر إن “كل يوم يمثل صراعا ماليا وعاطفيا”. وتتوقع أم الثلاثة أطفال أن تكسب حوالي 150 دولارا شهريا من التمريض وتأمل في توفير ما يكفي لإرسال بناتها للدراسة في الخارج. وقالت صديقيان إنها شعرت بالغضب لأن كل معارفها وخبراتها قد تلاشت، لكنها تخطط لاعتماد مهاراتها القيادية في حياتها المهنية الجديدة لدعم الممرضات الأخريات.

◙ الأزمة الاقتصادية في أفغانستان وسحب مساعدات التنمية الدولية إثر استيلاء طالبان على السلطة تركا قطاع الصحة المثقل بالأعباء يكافح للبقاء

وتعتبر عزيزي التمريض أكثر ملاءمة لوظيفتها السابقة في توعية العائلات في مزار شريف والقرى المحيطة بالرعاية الصحية، حيث تسجّل أفغانستان أحد أعلى معدلات وفيات الأمهات والأطفال في العالم، بموت امرأة كل ساعتين أثناء الحمل أو الولادة.

وتأمل عزيزي أن تساعدها مهنة التمريض في مواصلة رفع مستوى الوعي حول أهمية الرضاعة الطبيعية وتغذية الأطفال ومخاطر زواج الأطفال، التي ترتفع في أفغانستان وتزيد من مخاطر مضاعفات الولادة ووفيات الأمهات.

وتركت الأزمة الاقتصادية في أفغانستان وسحب مساعدات التنمية الدولية إثر استيلاء طالبان على السلطة قطاع الصحة المثقل بالأعباء يكافح للبقاء. ويواصل المانحون الدوليون تمويل الخدمات الصحية الأساسية، ولكن الفجوات لا تزال واسعة، وخاصة في المناطق الريفية. وغادر العديد من المهنيين الصحيين البلاد كجزء من هجرة الأدمغة.

ويوجد في أفغانستان حوالي 4400 مرفق صحي، وفقا للبيانات الرسمية، تديرها في الغالب منظمات غير حكومية وطنية أو دولية. لكن العديد من العيادات تفتقر إلى العاملين المهرة والمعدات والأدوية. ويبدو البعض منها في المناطق الريفية شبه مغلق بينما يزداد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى العلاج مع ارتفاع معدلات سوء التغذية بسبب ارتفاع معدلات الفقر.

◙ مهنة لم يخترنها طوعا
◙ مهنة لم يخترنها طوعا 

15