التكنولوجيا تقضي على عصا نقل الحركة

لندن - تجاوزت شركات صناعة السيارات مرحلة صناعة مركبات تكون وظيفتها الأولى التنقل، لتخوض سباقا فيما بينها لتوظيف التكنولوجيا وتطوير أسلوب الحياة العصري في الموديلات الحديثة وجعلها وسيلة تنقل ذكية تركز على الراحة والأمان والأداء وخفض التوتر.
ويولي المستقبل المزيد من الاهتمام والعناية بكافة التفاصيل الميكانيكية من خلال تطويعها لتتلاءم مع عصر التكنولوجيا.
وتركز فرق التصميم في الشركات على أساليب جديدة في ابتكار سيارات تستغني نهائيا عن تجهيزات كانت إلى وقت قريب ضرورية.
ومن بين تلك التجهيزات عصا نقل الحركة، التي كانت في يوم من الأيام أحد أهم تجهيزات السيارة مثلها مثل المقود وآلة التنبيه، لكن في الآونة الأخيرة غربت شمسها وكتبت الأزرار فصل نهايتها.
ويؤكد أليستار ويلان، رئيس قسم التصميمات في شركة جاغوار البريطانية العريقة، أن عصا نقل الحركة تشهد مرحلة الاحتضار الآن.
وقال “لقد شهدت السنوات الأخيرة طفرة متسارعة في عدد أجهزة نقل الحركة الأوتوماتيكية، كما أن السيارات الكهربائية قد اقتحمت الأسواق العالمية، وكلاهما قد جعلا من عصا نقل الحركة تجهيزة زائدة عن الحاجة”.
يقود المبتكرون في شركات صناعة السيارات خطوط الهجوم الأولى في معركتهم الطويلة لتغيير شكل الجيل القادم من المركبات في كل تفاصيلها بالاعتماد أكثر على ما توفره التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لتصل هذه المرة إلى عصا نقل الحركة التي يتوقع خبراء اندثارها خلال سنوات قليلة
وترتبط عصا نقل الحركة، في العادة، بصندوق التروس من الأسفل وتكون موجودة بين المقعدين الأماميين أو خلف المقود مباشرة وبها مقاسات وأحجام مختلفة حسب نوع الموديل.
والهدف الأساسي من استخدام العصا هو تغيير السرعات بشكل يعطي عزما أكبر للسيارة في حالة الرغبة في زيادة السرعة والعكس كذلك.
ومرت هذه الأداة بتطورات تاريخية كثيرة منذ ظهورها لأول مرة قبل أكثر من قرن، ففي البدايات الأولى لعالم السيارات لم تكن عصا نقل الحركة موجودة، رغم وجود علبة التروس في وقت مبكر.
وكان تغيير السرعة في سيارة مرسيدس سامبليكس موديل 1902، على سبيل المثال، يتم عبر قابض وقضيب خارج السيارة.
ونسبت وكالة الأنباء الألمانية إلى الخبير مايكل بلاج، من كلاسيك سنتر بمرسيدس بنز، قوله إن “العناصر كانت كبيرة للغاية وأكثر تعقيدا، لكن مع تقليل حجم التقنية وتبسيطها أصبح من الممكن إدخالها إلى المقصورة الداخلية لتصبح مكونا لا غنى عنه في القرن الماضي كله”.
ولم يكن ظهور عصا نقل الحركة يقتصر على وظيفة تدخل السائق لتغيير السرعة فحسب، بل كان مرتبطا بدرجة كبيرة بعامل الراحة النفسية أثناء عملية القيادة على الطرقات وخاصة في المسافات القصيرة.
ويرى لوكا بورجوجنو، مدير قسم التصميمات في شركة بينينفارينا الإيطالية أن هذا الظهور لم يكن بسبب الضرورة الوظيفية فقط، لكنه أيضا يعد أمرا هاما لنفسية قائد السيارة حيث أن الإمساك بمقبض التروس يمنح الشعور بالسيطرة على السيارة أو على الأقل على المحرك.
لكنه أشار إلى أن الوضع اليوم اختلف كثيرا بسبب القفزة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها العالم ويحاول المصنعون الاستفادة منها لزيادة مبيعاتهم.
وقال بورجوجنوا إن “ما يحصل الآن يرجع إلى سبب تقني، حيث كان من الواجب في الماضي أن يتعرف قائد السيارة على التعشيقة الحالية للسيارة عن طريق النظر إلى عصا نقل الحركة، لكن اليوم يكفي معرفة الوضع، الذي تكون عليه السيارة بي أو.آر.أو.أن.أو.دي”.
وتعتمد الشركات في الوقت الحاضر على حلول صغيرة ومخفية بذكاء في نظام السيارة لنقل الحركة الأوتوماتيكي.
وباتت عصا نقل الحركة لدى مرسيدس صغيرة مثل عصا إشارات تغير الاتجاه، كما باتت مركبة على مقود السيارة، ومع السيارات الكهربائية ليس هناك حاجة لأكثر من زر (دي) للقيادة و (آر) للرجوع إلى الخلف و(بي) لصف السيارة.
ويمكن تثبيت هذه الأزرار في أي مكان، وبالتالي تجريب شيء جديد، وإيجاد مساحة في الكونسول الأوسط لحامل أكواب مثلا.
وتعتمد سيارة جاجوار آي-بيس الكهربائية على ثلاثة أزرار لنقل الحركة وحامل شحن لاسلكي للهاتف الذكي.
وعلى الرغم من الحرية، التي بات يتمتع بها المصممون، إلا أنهم لا يرغبون في إطلاق رصاصة الرحمة على العصا المعتادة، كما لو كانوا يرغبون في وداع أخير.
وسيظهر في سيارة بي.أم.دبليو على سبيل المثال للمرة الأولى في الفئة الثامنة الجديدة والموديلات الكبيرة إكس 5 وإكس 7 مقبض زجاجي مثبت على عصا ناقل الحركة الأوتوماتيكي.
وهناك ثلاثة أنواع من ناقل الحركة في السيارات، ويعتبر ناقل الحركة اليدوي من أقدمها، فهو ناقل الحركة التقليدي الذي يعتمد على خبرة السائق في تغير حركة العصا في الكونسول الوسطي لتعطي العزم المناسب للسيارة خلال القيادة.
وأما النوع الثاني فهو ناقل الحركة الأوتوماتيكي، وإذا تم إلقاء الضوء على السيارات التي تعمل بهذه التقنية حاليا، فسيتبين أنها كانت في الغالب تعمل بناقل الحركة اليدوي.
وفي هذه السيارات لا توجد عصا لنقل الحركة أو دواسة الدربياج وإنما فقط يوجد ناقل حركة لتحديد حركة السيارة إذا كانت للأمام أو للخلف أو للركن.
ويعتبر ناقل الحركة استيب ترونيك الأكثر تطورا بين التوعين السابقين، لأنه يجمع بين مميزات ناقل الحركة الأوتوماتيكي وناقل الحركة اليدوي.
ويعمل هذا الناقل في الأساس كناقل حركة أوتوماتيكي ولكن يمكن بمنتهى البساطة تحويله إلى ناقل حركة يدوي حيث يمكنك التحكم فيه من خلال تحريكه إلى الأمام لتزيد العزم وقت زيادة السرعة أو تحريكه للخلف لتقلّل العزم والسرعة.