التقسيط المريح وسيلة الحكومة المصرية لجمع المستحقات من المواطنين

الأصوات المناوئة تجادل بأن الدستور أقر مجانية التعليم والدولة يفترض بها أن تُسقط حقها في مصروفات المدارس والكتب بعدما وصلت أسعارها إلى أرقام ضاعفت العبء على البسطاء.
السبت 2022/09/24
قرار تقسيط المبالغ المالية المستحقة على الناس، يشمل مصروفات الطلاب

القاهرة - كشف توجه الحكومة المصرية للتوسع في نظام تقسيط مستحقات الدولة عند المواطنين مدى شعورها بالغضب المتصاعد وسعيها إلى تهدئة حالة التذمر الصامت، والتي لا تحتاج إلى تقارير ترفعها أجهزة أمنية ورقابية إلى دوائر صناعة القرار، في ظل موجة غلاء في ارتفاع أسعار العديد من السلع.

وقرر عدد من المؤسسات الحكومية تقسيط المبالغ المالية المستحقة على الناس، وعلى رأسها مصروفات الطلاب، حيث بدأت المدارس الدولية عامها الدراسي الجديد، وستبدأ في الأول من أكتوبر المدارس الخاصة والحكومية، ويتم دفعها على مرات أطول على مدار العام الدراسي، مع تقسيط المصروفات الجامعية للطلاب على ألا تتحمل الأسر غرامات على التقسيط أو التأخير.

وترى دوائر سياسية أن الحكومة لم يعد أمامها سوى تقديم المزيد من التنازلات في مسألة تحصيل مستحقاتها عند المواطنين، لأن التشدد في جمعها دفعة واحدة بالتزامن مع الغلاء وصعوبات المعيشة في ظل أزمة اقتصادية خانقة يجلب ضدها المزيد من الغضب.

ولا يبدو تقسيط مستحقات الحكومة عند المواطنين مقنعا للأب عماد صبري، فهو لديه ثلاثة أطفال في مراحل تعليمية مختلفة، ويسكن في مبنى مخالف لاشتراطات البناء بحي دمنهور في محافظة البحيرة بشمال مصر، أي أنه مطالب بتحويل دخله الشهري من ورشة السيارات التي يعمل فيها إلى جمع أموال التقسيط لسداد “حق الحكومة“، كما يقول.

ويمتعض الكثير من المواطنين البسطاء في مصر من تعامل الحكومة مع بعض الفئات بطريقة انتقائية، فهي التي منحت المستثمرين ورجال الصناعة والمصدرين مزايا استثنائية خلال الأزمة الاقتصادية بتأجيل المستحقات المالية المفروضة عليهم، والضرائب المقرر على منشآتهم بينما لا تليّن مواقفها مع الشريحة السكانية الأكبر.

ويعتقد مؤيدو فكرة تقسيط المستحقات الحكومية أنها خطوة إيجابية تعكس شعورها بحجم المسؤولية الواقعة عليها تجاه محدودي ومتوسطي الدخل، ويؤكد خالد الشافعي رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية في القاهرة لـ”العرب” أن تأجيل سداد المستحقات عند محدودي ومتوسطي الدخل توجّه عقلاني لأن تكلفة الاستقرار لا تقدر بثمن والعناد خطر، ولم يكن هناك بديل عن مشاركة الحكومة في تحمل المسؤولية.

وبنت بعض الأصوات موقفها المناوئ بأن الدستور أقر مجانية التعليم، أي أن الدولة يفترض بها الالتزام بهذا النص خاصة في الأوقات الصعبة، لتُسقط حقها في مصروفات المدارس والكتب بعدما وصلت أسعارها إلى أرقام ضاعفت العبء على البسطاء الذين يلحقون أولادهم بمدارس حكومية.

ويصعب فصل قرار التوسع في نظام التقسيط عن شعور الحكومة بأن هذه الطريقة تكاد تكون الوحيدة أمامها للحصول على أيّ مبالغ مالية من المواطنين، مقابل الخدمات التي يحصلون عليها في ظل وجود حالة تعمد مجتمعي للهرب من دفع مستحقات الدولة في قطاعات حيوية، كالمصروفات والضرائب والغرامات، ما يزيد العبء على الموازنة العامة.

6