التغييرات الجينية المسؤولة عن السرطان تكتسب أثناء الحياة

ما انفك الأطباء يؤكدون على أن اتباع نمط حياة صحي، يقوم على النظام الغذائي المتوازن وممارسة الرياضة وعدم التدخين، يمكّن من تقليل خطر الإصابة بالسرطان. وقد توصلت الأبحاث الحديثة إلى اكتشاف أن 90 في المئة من التغييرات الجينية المسؤولة عن تطور السرطان يتم اكتسابها عن طريق الحياة ما يعني أن إمكانية القضاء على أنواع من السرطان مرتبطة بنمط غذائي صحي.
برلين – يعد السرطان من الأمراض الخطيرة، التي تهدد الحياة. وثمة عوامل ترفع خطر الإصابة به. وأوضح البروفيسور ماتياس هايكنفيلدر من المركز الألماني لأبحاث السرطان أن خطر الإصابة بهذا المرض قد يكون وراثيا، بمعنى أنه موروث من الوالدين عن طريق الجينات، ولكن يمكن أيضا اكتسابه في مسار الحياة خلال ظروف معينة.
وأضاف الطبيب الألماني أن هناك عوامل ترفع خطر الإصابة بالسرطان مثل التدخين، وفي الوقت ذاته هناك عوامل تحدّ من الخطر كتناول الخضروات بانتظام.
وأشار هايكنفيلدر إلى أنه من الناحية النظرية يمكن للتحليل التفصيلي حساب مخاطر مختلفة وفردية لكل شخص وكل نوع من أنواع السرطان. ومن الناحية المثالية، يجب فحص المعرضين لخطر الإصابة لأنواع معينة من السرطان بشكل متكرر. ويعتبر التشخيص المبكر أمرا في غاية الأهمية لمنع نمو السرطان وانتشاره لاسيما أن بعض أنواع السرطان ينشأ من مراحل ما قبل التسرطن، أي قبل تحوله إلى ورم خبيث، وينطبق هذا على سرطان القولون وسرطان الجلد وسرطان عنق الرحم.
وينصح الأطباء بفحص سرطان القولون من خلال تنظير القولون (الفحص المنظاري للقولون) ويمكن إزالة الأورام الحميدة أيضا قبل تطورها لمرحلة الورم الخبيث. وقد أصبح التنظير غير مؤلم بفضل التقنيات المتطورة.
يرفع استهلاك الدهون والسكريات خطر الإصابة بسرطانات الكبد والأمعاء والكلى نتيجة خلل في التمثيل الغذائي
أما فحص سرطان الجلد فيتطلب فحص الجلد كليا بالإضافة إلى فحص المناطق التي لا تتعرض للشمس إطلاقا، كالثنيات تحت الوركين أو حول الأعضاء التناسلية أو خلف الأذنين.
وبالنسبة لفحص سرطان الثدي (الماموغرافيا) فقد أصبح إجراء معروفا لدى معظم النساء، وهو التصوير الإشعاعي للثدي، إذ يعتبر الأكثر شيوعا في الوقت الراهن كوسيلة للكشف عن التغيرات المرضية في الأنسجة في وقت مبكر. وبخصوص فحص سرطان البروستاتا يقوم الطبيب بفحص غدة البروستاتا عن طريق استشعارها عبر المستقيم لفحص أي تغييرات في حجمها أو كشف أي أمور غير طبيعية. بالإضافة إلى ذلك، من الممكن إجراء الفحص عن طريق الموجات فوق الصوتية عبر المستقيم أيضا.
أما حالات سرطان عنق الرحم فتنجم في معظمها عن الفايروس الحليمي البشري الذي ينتقل عبر الاتصال الجنسي. وللكشف باكرا عن سرطان عنق الرحم فإن الفحص من شأنه أن يساعد في الكشف عن التغيرات التي أصابت عنق الرحم في المراحل الأولى قبل التسرطن، مما يضاعف فرص علاجها قبل أن تتحول إلى ورم خبيث.
ومن المعلوم أن التبغ والكحول والتعرض للأشعة فوق البنفسجية وبعض الفايروسات تزيد من خطر الإصابة، كما أن هناك العديد من التأثيرات المجهولة، التي لا يعرف الأطباء دورها. ومن جانبها أوضحت الدكتورة أوتي مونس، التي تعمل أيضا في مركز أبحاث السرطان، أن التدخين يعد عاملا قويا في الإصابة بسرطان الرئة.
وأضافت مونس أنه يمكن تقليل خطر الإصابة بنوع سائد من أنواع السرطانات كسرطان الثدي عن طريق اتباع نمط حياة صحي، والذي يقوم على النظام الغذائي المتوازن وممارسة الرياضة وعدم التدخين، مع العلم أيضا أن حوالي 90 في المئة من التغييرات الجينية المسؤولة عن تطور السرطان يتم حدوثها واكتسابها أثناء الحياة، لكن من الواضح أن العوامل الوراثية تلعب دورا مهما للغاية.
ويرى الأطباء أنه لا يزال من الممكن منع العديد من أنواع السرطان، وينطبق ذلك على 30 إلى 50 في المئة من الحالات. ويعتقد هايكنفيلدر أنه يمكن تجنب بعض أنواع السرطان تماما، على سبيل المثال سرطان عنق الرحم، والذي يحدث بسبب فايروسات الورم الحليمي البشري، والتي يوجد تحصين ضدها.
وأشارت مونس إلى أن الاكتشاف المبكر لسرطان القولون يزيد من فرص الشفاء منه بشكل كبير؛ حيث يتم اكتشاف مواضع الإصابة الأولية بالسرطان عن طريق المنظار وإزالة هذه الأورام في البداية. وتزيد التغذية غير الصحيحة من خطر الإصابة بأنواع معينة من السرطان، على سبيل المثال يرفع استهلاك الدهون والسكريات لفترات طويلة خطر الإصابة بالسرطان في الكبد والأمعاء والكلى؛ حيث يحدث خلل في التمثيل الغذائي وتموت الخلايا وتحدث الالتهابات، كما أن نقص الحركة وتناول الكحول يزيدان من الإصابة ببعض أنواع السرطان.
وتتمثل النصيحة الذهبية للوقاية من السرطان في التغذية الصحية والمتوازنة والمواظبة على ممارسة الرياضة والأنشطة الحركية لمدة لا تقل عن 150 دقيقة في الأسبوع، مع الإقلاع عن التدخين وشرب الخمر.
ولفحص مُؤشِّرات السرطان يتم تحليل عيِّنات اختبارات الدم التي تمَّ جمعها لتشخيص السرطان. وقد تُظهِر العيِّنات خلايا أو بروتينات سرطانية أو مواد أخرى تَنتُج بسبب السرطان. ويُمكن كذلك لاختبارات الدم أن تُعطِي الطبيب فكرة عن مدى كفاءة وظائف الأعضاء لدى المريض وما إذا كانتْ قد تأثَّرتْ بالسرطان أم لا.
ومن أنواع اختبارات الدم المستخدمة لتشخيص السرطان، تعداد الدم الكامل، واختبارات بروتينات الدم، واختبارات علامات الأورام، واختبارات خلايا الأورام المنتشرة. ويمكن استخدام اختبارات الدم المُطوَّرة حديثا في اكتشاف الخلايا التي انشقَّت عن موضع السرطان الأساسي وتطفو في مجرى الدم. وقد وافقت إدارة الغذاء والدواء الأميركية على اختبار واحد من اختبارات خلايا الأورام المنتشرة لمتابعة الحالات المصابة بسرطان الثدي أو القُولون أو المستقيم أو البروستاتا.