التغير المناخي يشكل خطورة متزايدة على مرضى الجهاز التنفسي

موجات الحرارة وحرائق الغابات تزيدان من مشكلات التنفس لدى الملايين من البشر.
الأربعاء 2023/09/06
مرضى الانسداد الرئوي المزمن أكثر عرضة للخطر

يدق خبراء الصحة ناقوس الخطر بخصوص تأثير تغير المناخ على مرضى الجهاز التنفسي وخصوصا المصابين بمشكلات في الرئة. ويرى الخبراء أنه من المرجح أن يساهم تغير المناخ في زيادة عبء أمراض العدوى كما يحتمل ارتفاع وتيرة أمراض الجهاز التنفسي بسبب التغيرات في نوعية الهواء، داعين إلى العمل على الحد من الانبعاثات المسببة للاحترار العالمي والتخفيف من آثار تغير المناخ.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - صرّح خبراء أوروبيون في أمراض الجهاز التنفسي أن المرضي الذين يعانون من مشكلات في الرئة مثل الربو والداء الرئوي الانسدادي المزمن يواجهون خطورة متزايدة جراء تغير المناخ. وكشف تقرير أعده فريق من الباحثين تابع للجمعية الأوروبية لأمراض الجهاز التنفسي أن ظواهر تغير المناخ مثل موجات الحرارة والفيضانات وحرائق الغابات تزيد من مشكلات التنفس لدى الملايين من البشر حول العالم، لاسيما الرضع والأطفال والمسنين.

ودعت الجمعية، التي تضم أكثر من 30 ألف خبير في أمراض الجهاز التنفسي من 160 دولة، البرلمان الأوروبي وحكومات العالم إلى العمل على الحد من الانبعاثات المسببة للاحترار العالمي والتخفيف من آثار تغير المناخ.

وصرحت الباحثة زورانا أندرسون رئيس لجنة البيئة والصحة بالجمعية قائلة إن “تغير المناخ يؤثر على صحة الجميع، ولكن مرضى الجهاز التنفسي هم من أكثر الفئات تضررا، فالأشخاص الذين يعانون من مشكلات في التنفس هم أكثر حساسية من غيرهم بفارق كبير من التغيرات المناخية، حيث أن الأعراض المرضية التي يعانون منها تتفاقم، وقد تصبح مميتة بالنسبة إلى بعضهم”. وأضافت في تصريحات نقلها الموقع الإلكتروني “ميديكال إكسبريس” المتخصص في الأبحاث الطبية “تلوث الهواء يدمر رئاتنا بالفعل، ولكن تأثير تغير المناخ أصبح خطرا رئيسيا لمرضى الجهاز التنفسي”.

◙ من بين الظواهر التي تؤثر على مرضى الجهاز التنفسي الحرارة الشديدة وزيادة مسببات الحساسية في الهواء مثل حبوب اللقاح

وبحسب التقرير، من بين الظواهر التي تؤثر على مرضى الجهاز التنفسي الحرارة الشديدة وزيادة مسببات الحساسية في الهواء مثل حبوب اللقاح، فضلا عن موجات الجفاف وحرائق الغابات، التي تؤدي إلى قفزات في معدلات التلوث، والعواصف الترابية، والأمطار الغزيرة والفيضانات، التي تزيد من معدلات الرطوبة والفطريات في المنازل. وقالت أندرسون “من منطلق عملنا كأطباء وممرضين متخصصين في أمراض الجهاز التنفسي، لا بد من إدراك هذه المخاطر الجديدة وبذل كل ما في استطاعتنا للمساعدة في تخفيف معاناة المرضى”.

ووفقا لباحثين بريطانيين، يعاني عدد متزايد من راكبي الدراجات النارية من أمراض الجهاز التنفسي أو تهيج الجلد والعين جراء غازات العادم السامة. وفي المدن الأفريقية تمثل ملوثات الهواء مشكلة كبيرة منذ فترة طويلة؛ فقد وصفت الأمم المتحدة مؤخرا تلوث الهواء في العواصم الكبرى في القارة بأنه “خطر غير مرئي”. ووفقا لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن عدد الوفيات المبكرة المرتبطة بتلوث الهواء في أفريقيا قد يرتفع إلى 1.6 مليون حالة وفاة سنويا بحلول عام 2063.

ولا ينمو عدد السكان في أيّ جزء آخر من العالم (باستثناء آسيا) بنفس السرعة التي ينمو بها في مدن أفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أفريقيا هي القارة التي بها أعلى معدل نمو سكاني على الإطلاق. ووفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، سينتقل بحلول عام 2050 ما يقرب من مليار شخص إلى المدن في أفريقيا، التي يئن سكانها الآن بالفعل تحت وطأة التكدس المروري في ظل شبكات طرق داخلية غير كافية على الإطلاق.

وقبل اليوم العالمي لنقاوة الهواء، الذي يحل في السابع من سبتمبر الجاري، يشعر نجونجانج واندجي دانوب، الخبير في إدارة جودة الهواء بأفريقيا لدى معهد ستوكهولم للبيئة في نيروبي، بالقلق إزاء هذا التطور.

ويقول الخبير “تعد حركة المرور أحد الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع مستوى تلوث الهواء في المدن الأفريقية”. وبوجه عام، لا يزال تلوث الهواء في الأماكن المغلقة هو الأكثر خطرا في القارة، خاصة في المناطق الريفية، حيث لا تزال العديد من الأسر تطهو طعامها على مواقد مكشوفة. ورغم ذلك، رصد علماء تراجعا في عدد الوفيات الناجمة عن تلوث الهواء في الأماكن المغلقة، لأن التحول إلى مواقد الغاز وفر حلا سريعا للمشكلة. في المقابل يتزايد خطر تلوث الهواء الناجم عن الانبعاثات المرورية باطراد.

◙ تغير المناخ يساهم في زيادة عبء أمراض العدوى، كما يحتمل ارتفاع وتيرة أمراض الجهاز التنفسي بسبب التغيرات في نوعية الهواء

وتساهم دراجات الأجرة النارية بجزء لا يستهان به في الانبعاثات بالمدن. وجاء في دراسة إحصائية للعوامل المناخية المؤثرة على أمراض الجهاز التنفسي أنه من المرجح أن يساهم تغير المناخ في زيادة عبء أمراض العدوى، كما يحتمل ارتفاع وتيرة أمراض الجهاز التنفسي بسبب التغيرات في نوعية الهواء وفي توزيع بعض نواقل المرض، إذ يعد الجهاز التنفسي من أهم الأجهزة الموجودة في جسم الإنسان لأنه يزود الجسم وخلاياه بالأوكسجين المهم لنشاطاته فضلاً عن تخليص الجسم من ثنائي أوكسيد الكاربون، وبات من المعروف والمقبول أن تفاوت درجة الحرارة والرياح المحملة بالأتربة والرطوبة وغيرها من التغيرات تؤثر في الكائنات الحية لاسيما الإنسان.

ودعت الدراسة التي نوقشت في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة بغداد إلى التقليل من تأثير المناخ في صحة الإنسان ولاسيما أمراض الجهاز التنفسي. فلا بد من العمل على الحد من انبعاث الغازات التي تسبب الاحتباس الحراري وذلك باستعمال مصادر الطاقة المتجددة والتي لا تعمل على انبعاث ثاني أوكسيد الكاربون. والعمل على نشر التوعية والبرامج التثقيفية بالأخطار الناجمة عن تغير المناخ على صحة الإنسان وعلى كيفية الحد من انتقال بعض الأمراض وطرائق الوقاية والعلاج.

وضرورة الحماية من تغير المناخ لكونها جزءا من نهج أساس ووقائي للصحة وليست غاية في ذاتها ولا مطلباً يزاحم غيره من المطالب، وذلك عن طريق اتخاذ إجراءات قوية بشأن التكيف والتخفيف لحماية الصحة من تغير المناخ. ومن أهم الإجراءات تشكيل لجان متخصصة ابتداء من مكافحة الأمراض المحمولة والنواقل مروراً بتوفير المياه النقية وصولاً إلى تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التي تلوث البيئة وتلحق الضرر بالصحة، وعلى الجميع أن يساعد في تحسين الصحة الآن وعلى الحد من سرعة التأثر بتغير المناخ في المستقبل.

16