التغيرات المناخية تتسبب بتراجع إنتاج الزيتون في سوريا

أثّرت التغيرات المناخية بسبب ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة، ومعدل الأمطار والجفاف على إنتاج الزيتون في سوريا، ما أدى إلى تراجعه. و أثّرت أيضا، التعديات الكبيرة التي طالت أشجار الزيتون من الحرق إلى القص والقلع وقطع المياه بشكل كبير جداً على الأشجار في عموم المناطق. كما أن الحرب وسيطرة الجماعات الإرهابية على مناطق الإنتاج عوامل ساهمت في تراجعه.
دمشق - تراجع إنتاج سوريا من الزيتون وزيته بشكل كبير هذا العام نظرا للتغيرات المناخية التي أدت إلى تدني نوعية الزيتون، وقلة إنتاج الزيت في عموم مناطق السيطرة والقطع الجائر لأشجار الزيتون ووقوع تلك الحقول في مناطق خطوط التماس في محافظات حلب وإدلب وحماة.
الزيتون في سوريا يعد من المحاصيل الإستراتيجية بل يعتبر من السلع الزراعية التي تتصدر قائمة الصادرات قبل اندلاع الأزمة منتصف شهر مارس 2011 حيث أحدث له مكتبا خاصا في وزارة الزراعة السورية، واختيرت محافظة إدلب التي تعتبر عاصمة الزيتون مقرا لمكتب الزيتون، كما أحدثت كلية جامعية متخصصة بزراعة الزيتون للإشراف ومتابعة أمور زراعته وأبحاثه.
وأوضحت مديرة مكتب الزيتون في وزارة الزراعة السورية المهندسة عبير جوهر التي تتخذ من مدينة حماة مقرا مؤقتا للمكتب باعتبار محافظة إدلب خارج سيطرة الحكومة السورية أن “إنتاج البلاد هذا العام بلغ حوالي 711 ألف طن بنسبة انخفاض 28 في المئة عن الموسم الماضي حيث يذهب 80 في المئة من الإنتاج إلى العصر، أي ما يعادل 569 ألف طن ينتج عنها 91 ألف طن من الزيت، ويذهب حوالي 20 في المئة من إنتاج الزيتون إلى المائدة، ويبلغ عدد أشجار الزيتون في سوريا بحسب آخر إحصائية أكثر من 100 مليون شجرة منها 90 مليون شجرة مثمرة… 61 مليون شجرة مثمرة في مناطق سيطرة الحكومة السورية”.
وكشفت المهندسة جوهر أن نسبة “الزيت حسبت على أساس 16 في المئة وهي نسبة قليلة بسبب التغيرات المناخية الزائدة. وتراجع الإنتاج يُعزى إلى التغيرات المناخية التي تصيب معظم دول إنتاج الزيتون في مناطق حوض البحر المتوسط بما فيها سوريا.. وتؤثر التغيرات المناخية من ارتفاع وانخفاض درجات الحرارة، ومعدل الأمطار والجفاف، والحرارة الزائدة في أوقات حرجة من عمر نمو الموسم، وفترة انخفاض درجات الحرارة في وقت العقد والإزهار، إضافة إلى ارتفاع الحرارة في فترة نضوج الثمار بشكل كبير على كمية الزيت وإنتاجية الزيتون”.
وحول إنتاجية مناطق زراعة الزيتون وتوزيع مناطق السيطرة، أوضحت مديرة مكتب الزيتون أن “محافظتي حلب وإدلب تعادلان نصف إنتاج سوريا من الزيتون أي 49 في المئة وأغلبها خارج سيطرة الحكومة السورية”.
وأثرت التعديات الكبيرة التي طالت أشجار الزيتون من الحرق إلى القص والقلع وقطع المياه بشكل كبير جدا على الأشجار في عموم المناطق، وكشفت مديرة مكتب الزيتون أن التعديات كثيرة على أشجار الزيتون وتدهورها “بسبب الحرب وسيطرة الجماعات الإرهابية على مناطق الإنتاج الأساسية في حلب وإدلب وعمليات السرقة التي يقوم بها المستعمر التركي خاصة الزيتون، إضافة إلى تهجير السكان في ريفي حلب وإدلب من المناطق المحررة، التي سيطر عليها الجيش السوري، منذ عدة سنوات باعتبارها مناطق عسكرية وأدى قطع كبير في أشجار تلك المناطق إلى خسارة كبيرة في الإنتاج”.
وطالت عملية قطع الأشجار أغلب المناطق السورية بسبب ارتفاع أسعار المواد النفطية التي تستخدم في التدفئة، فقد اتهمت بيانات متكررة خلال السنوات الماضية صادرة عن مجلس منطقة عفرين التابع لوحدات حماية الشعب الكردي فصائل المعارضة بأنها أقدمت على قطع مساحات واسعة من مزارع الزيتون في منطقة عفرين بريف حلب الشمالي التي يمتلك بعضها مواطنون أكراد.
وأكد وزير الاقتصاد بالحكومة المؤقتة التابعة للمعارضة السورية الدكتور عبدالحكيم المصري أن “عمليات قطع الشجرة بغض النظر عن مالكها وقطع الأشجار في عفرين وما حولها، ليست بشكل ممنهج بل إن أغلب الروايات غير صحيحة والصور التي نشرت لقطع أشجار ونقلها إلى تركيا غير صحيحة وهل تركيا بحاجة إلى خشب وزيتون؟ وبعض الصور التي خرجت من عفرين على أن أشجارها قطعت وبعد التدقيق تبين أن صاحب الحقل هو من يقطع الأشجار لتغيير صنف الشجر أو لعمليات التقليم الاعتيادية السنوية”.
وقد أقرّ الوزير “بوجود تجاوزات ولكن ليست بالشكل الذي يروج له، ولا استهدفت فئة معينة، بل إن التجاوزات شملت كل الفئات، والهدف ليس صاحب الشجرة بل الشجرة ذاتها باعتبار أن الحطب يستخدم للتدفئة، وهو أقل ثمنا من الديزل، وهذا القطع ليس مركزا بشكل كبير على الزيتون بل طال أيضا الأشجار الحراجية في عفرين والباب وأعزاز وغيرها من مناطق شمال سوريا”.
وأضاف الوزير في حكومة المعارضة السورية “في المناطق التي هجرها أهلها وهي الآن تحت سيطرة قوات النظام في محافظات حماة وإدلب وحلب يتم قطع الأشجار بشكل كبير أبرزها الزيتون والفستق الحلبي. أما عن أعداد الأشجار التي قطعت فلا نملك أرقاما لكن الأعداد تقدر بالملايين من الأشجار بسبب قيام القوات الحكومية بقطع تلك الأشجار وبيعها حطبا في المناطق التي تحت سيطرتهم حتى إن قرى بكاملها قطعت أشجارها”.
واعتبر محمد عبدالرزاق من مدينة معرة النعمان أن “الأشجار في المناطق التي هجرها أهلها بعد سيطرة القوات الحكومية السورية في ريفي حلب وإدلب تعرضت لقطع كبير وأن قرى كثيرة قطعت أشجارها بشكل كامل سواء كانت زيتونا أو أشجارا أخرى”.
وأضاف عبدالرزاق “لدي مزرعة بمساحة 50 دونما شرق مدينة معرة النعمان بريف إدلب الشرقي بعد سيطرة القوات الحكومية بداية عام 2020، بعدها بعام قطعت كل الأشجار وأشاهد صور المزرعة عبر تطبيق ‘جوجل إيرث’ الآن طول الشجرة حوالي متر ونصف بعد إعادة نمو الشجرة من جذورها”.
ويضيف زاهر حسن من منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي الشرقي “مزارعنا التي هي تحت سيطرة فصائل المعارضة بريف إدلب الجنوبي الشرقي لم نعد نستطع الوصول إليها باعتبارها خطوط تماس.