التطرف الإسلامي يهدد أكثر بلدان العالم سعادة

بعد سنوات من هجوم مزدوج بدوافع إسلامية استهدف كوبنهاغن لا يزال التهديد الإرهابي ضدّ الدنمارك خطرا رغم الاستراتيجيةُ التي تنتهجها الدولة لمنع التطرف العنيف.
السبت 2021/02/13
الإرهاب أوجد شرخا بين المجتمع الدنماركي والأقليات

كوبنهاغن- أعلنت السلطات الدنماركية الجمعة أنّها أوقفت 13 شخصا في مداهمات نفّذتها بين السبت والاثنين في ضواحي كوبنهاغن بشبهة التحضير لهجوم بمتفجرات ذي دوافع إسلامية متطرفة.

وأوضحت الاستخبارات الدنماركية في بيان أنّها تشتبه في أنّ سبعة من هؤلاء الموقوفين “حصلوا على موادّ ومكوّنات متفجّرات، فضلا عن أسلحة”، أو تآمروا للحصول عليها. وأضافت أنهم موقوفون أيضا بشبهة “التخطيط لشنّ هجوم إرهابي أو أكثر أو المشاركة في محاولة عمل إرهابي”.

ووفقا للبيان، فإنّ ستّة أشخاص آخرين “على علاقة بالقضية” سيمثلون الخميس أمام قاض في هولبايك بضاحية كوبنهاغن.

تحتل الاستراتيجيةُ الدنماركية لمنع التطرف العنيف مكانة قوية في الإطار الأوسع نطاقا لمنع الجريمة في الدولة

وقالت الشرطة في ألمانيا الخميس إن ثلاثة أشقاء من سوريا اعتقلوا مطلع الأسبوع، اثنان في ألمانيا وواحد في الدنمارك، للاشتباه في الإعداد بشكل مشترك لهجوم بمواد ناسفة.

ولم تحدّد السلطات الدنماركية أو الألمانية الأهداف المحتملة للهجوم الذي كان الموقوفون يعدّون له، ولا أوضحت ما إذا كانوا يعتزمون تنفيذه في الدنمارك أو ألمانيا.

وقال وزير العدل الدنماركي نيك هيكروب في تغريدة “لسوء الحظ، تظهر القضية أنّ التهديد الإرهابي ضدّ الدنمارك لا يزال خطرا”، متوجها بالشكر للشرطة الدنماركية وللسلطات الألمانية.

وتعتبر الاستخبارات الدنماركية التي أحبطت اعتداءات عدة في السنوات الأخيرة، مرتبطة خصوصا بالرسوم الكاريكاتورية للنبي محمد، أنّ خطر تعرّض الدنمارك لهجوم لا يزال “مرتفعا” بعد ستّ سنوات من هجوم مزدوج بدوافع إسلامية استهدف كوبنهاغن.

نيك هيكروب: التهديد الإرهابي ضد الدنمارك لا يزال مرتفعا
نيك هيكروب: التهديد الإرهابي ضد الدنمارك لا يزال مرتفعا

وتتميز الدنمارك عن سواها من الدول الأوروبية بفوزها بلقب “الدولة الأكثر سعادة في العالم” مرات عدة في “تقرير السعادة العالمي” الصادر عن شبكة الأمم المتحدة لحلول التنمية المستدامة.

ويعني هذا أن مواطني هذه الدولة الاسكندنافية، البالغ عدد سكانها حوالي خمسة ملايين نسمة، يتمتعون بمستوى معيشي جيد واقتصاد متين، إلا أن احتلال البلاد للمرتبة الثانية بعد بلجيكا من حيث عدد المواطنين الذين انضموا إلى القتال في صفوف داعش يطرح تساؤلا هاما: ما الذي يدفع الدنماركيين إلى التطرف؟

ولم تشهد الدنمارك أحداثا إرهابية أليمة تذكر على أراضيها في فترة ما بعد 11 سبتمبر 2001 لتمهد استقبال الأفكار المتطرفة أو الإرهابية، لكنها تعرضت إلى نوع من الحرب الباردة مع العالم الإسلامي على أعقاب نشر صحيفة “يولاند بوستن” الدنماركية لرسوم كاريكاتيرية عن النبي محمد في 2005.

واعتبر العالم الإسلامي آنذاك أن الرسوم مسيئة إلى الإسلام وولّد نشرها في إحدى أهم الصحف الوطنية الكثير من النقمة في قلوب المسلمين، وبالتالي أوجد شرخا بين المجتمع الدنماركي والأقليات التي تعيش فيه.

وبعد قصة الرسوم تغيرت أشياء عديدة وبدأت الدولة تتغاضى عن حركات إسلامية باتت تظهر داخل البلاد وتسمح لطقوس دينية لم يكن مرحبا بها من قبل أن تمارس، إضافة إلى تغيير في الشارع، ما مهد للراديكالية والتطرف.

ووفرت الدنمارك ملاذا آمنا للكثيرين ممن تعرضت بلدانهم لأوضاع سياسية واقتصادية صعبة كالعراق ولبنان والصومال وإيران وباكستان والبوسنة وأفغانستان. وعلى الرغم من اندماج أغلبية هؤلاء الوافدين بالمجتمع، إلا أن بعضهم مازال يشعر بالعزلة.

ويعتقد البعض أن الفقر هو أحد العوامل التي تدفع بالناس إلى الانضمام للمنظمات الإرهابية، لكن تقريرا على مجلة التايم يفيد بأن الانضمام إلى داعش والجماعات المتطرفة الأخرى لا ينبثق بالضرورة عن المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي المتدني للفرد، فيما يبدو أن ما يدفع الدنماركيين للانضمام إلى مجموعات إرهابية لا علاقة له بالحالة الاجتماعية.

تتميز الدنمارك عن سواها من الدول الأوروبية بفوزها بلقب “الدولة الأكثر سعادة في العالم” مرات عدة في “تقرير السعادة العالمي”

وكونها دولة رائدة في تصميم خطط عمل وقائية، تحتل الاستراتيجيةُ الدنماركية لمنع التطرف العنيف مكانة قوية في الإطار الأوسع نطاقا لمنع الجريمة في الدولة.

وعلاوة على ذلك، فإن نطاقَ هذه الاستراتيجية أوسعُ بكثير مقارنة بمثيلاتها في الدول الإسكندنافية الأخرى، لأنها تستهدف احتواءَ الفكر المتطرف والقضاء عليه تماما، وليس العنف المسلح فحسب.

وتعتبر الصلة بين التطرف والجريمةِ طريقا ذا اتجاهين، حيث ينظر إلى التطرف على أنه مقدمة للنشاط الإجرامي، في حين يعتقد أن العضوية في الدوائر الإجرامية تُسهل العضويةَ في الجماعات المتطرفة نظرا للروابط الناشئة والمتبادلة بين الجانبين خاصة العلاقات المالية.

5