التصوير الشعاعي يعالج المشاكل الصحية لرواد الفضاء

الماسحات الضوئية بالموجات فوق الصوتية المستخدمة في محطة الفضاء الدولية لأغراض التشخيص هي تقنية التصوير الطبي الوحيدة المعتمدة في الفضاء.
الخميس 2023/10/19
كلما كانت الأجهزة صغيرة كانت أخف في الاستخدام

باريس - يُشكّل بُعد المسافات عائقاً أمام إمكان إعادة رواد الفضاء إلى الأرض إذا تعرضوا لمشاكل صحية خلال مشاركتهم في الرحلات المستقبلية إلى القمر وربما يوماً ما إلى المريخ، ولكن في ظل استحالة إجراء عمليات جراحية في الفضاء، يكيّف علم الأشعة أدواته لإتاحة استخدامها في الجاذبية الصغرى.

وقال البروفيسور فنسان فيدال الذي ابتكر “صندوق أدوات” للتصوير الطبي سمّاها “صندوق الأشعة تحت الحمراء للمريخ” أو “ميتبو” إن “العمليات الجراحية في الفضاء غير ممكنة، وبالتالي فإن التقنية الوحيدة التي لدينا لعلاج المرضى هي الأشعة التداخلية” القائمة على تقنيات قليلة الإزعاج ولا تسبب إرباكاً كبيراً لناحية المساحة المتوافرة لها.

وتُشكّل الماسحات الضوئية بالموجات فوق الصوتية المستخدمة في محطة الفضاء الدولية لأغراض التشخيص تقنية التصوير الطبي الوحيدة المعتمدة في الفضاء. لكنّ التحدّي بالنسبة إلى البعثات إلى النجوم البعيدة، يكمن في استخدام التقنية لعلاج احتباس البول، أو إخراج حصوة مرارة أو القيح من الخراج حول التهاب الزائدة الدودية.

وأوضح البروفيسور فيدال أن العمل جارٍ مع الشركات المصنّعة على تطوير أجهزة يمكن توجيهها بواسطة الموجات فوق الصوتية، وتتيح دخول الجسم للتصريف، باستخدام المجسات والمصارف والقسطرة.

الأمر سيعود بفائدة مباشرة أيضاً على المرضى على الأرض، سواء في ظروف الرعاية الصعبة أو أثناء المهام الإنسانية

أما الأمين العام للجمعية الفرنسية للأشعة آلان لوتشياني فقال “علينا توفير استقلالية لرواد الفضاء في إدارة المضاعفات المحتملة بأنفسهم”، مع العلم أن وقت الاتصال بين المريخ والأرض يمكن أن يستغرق ما يصل إلى 45 دقيقة.

وأجريت في الصيف تجربة علمية لمدة أسبوعين في ظروف قاسية في جبال الآلب السويسرية، أُطلقت عليها تسمية مشروع “أسكليبيوس 3”. وهدفت التجربة داخل منشأة معزولة إلى محاكاة مهمة إلى القمر وتطوير طب الفضاء، على قول أحد رواد الفضاء الشباب الذين شاركوا فيها باتيست روبينو موانيه (25 عاماً).

وبعد تدرّبه على التصريف الموجّه بالموجات فوق الصوتية على بطن بلاستيكي، أظهر مهارته خلال المؤتمر الفرانكفوني للتصوير بالأشعة هذا الأسبوع في باريس، إذ أجرى ثقباً في المرارة باستخدام جهاز لوحي بشاشة تعمل باللمس وجهاز محمول للموجات فوق الصوتية مزود بنظام توجيه صممته شركة “كانون”، من دون إحداث أي ثقب في أعضاء أخرى.

وأكد فيدال أن الخطوات الجراحية لم يسبق إطلاقاً أن نُفذت في الفضاء. وأضاف “إذا شاركنا في رحلة الجاذبية الصغرى العام المقبل، فستكون المرة الأولى التي تُنفّذ فيها الخطوة في الجاذبية الصغرى”.

وتابع “ستكون الخطوة التالية لاختبار جدوى الممارسة عام 2024 لحملة طيران الخريف التي تقام في ظل انعدام الجاذبية، وهي رحلة تستنسخ تأثير الجاذبية الصغرى لمدة 22 ثانية. وسيتطلب ذلك تقسيم العملية إلى ثلاث مراحل مدة كل منها 22 ثانية، وهو ما يشكّل تحدياً من حيث السرعة والدقة”.

وقالت المسؤولة عن الصحة على القمر في معهد طب الفضاء وعلم وظائف الأعضاء التابع للمركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية في وكالة الفضاء الفرنسية إن الجسم يفقد نقاطه المرجعية أثناء الجاذبية الصغرى، وتتأثر دقة خطواته العملية.

Thumbnail

ومنذ عام 2020، تعمل جمعية الأشعة الفرنسية مع المركز الوطني الفرنسي للدراسات الفضائية والشركات المصنعة لتكييف حلول التصوير مع القيود القائمة في المركبات الفضائية عندما تكون خارج المدار.

وأوضح البروفيسور فيدال من مستشفى لا تيمون الجامعي في مرسيليا أنها ليست بالضرورة ابتكارات تكنولوجية مذهلة ولكن ثمة حاجة إلى إعادة النظر في المعدات. وأضاف “في الجاذبية الصغرى، عندما تضع إبرة في الخراج، ينتشر السائل في كل أنحاء الكبسولة، لذلك ثمة حاجة إلى صمام للتصريف”.

وينبغي كذلك أن تكون كل الأدوات مزوّدة بوسيلةً للربط بالإضافة إلى مصدر طاقة مستقل، بحسب الخبراء الذين يهدفون إلى التوصل إلى حل وسط بشأن الحجم والوزن والطاقة الكهربائية.

وأوضح لوتشياني أن الهدف هو “أن نكون قادرين على تصغير الأجهزة، وأتمتة أنظمة التوجيه، وجعلها أخف وزناً وأسهل في الاستخدام”، مؤكداً أن الأمر سيعود بفائدة مباشرة أيضاً على المرضى على سطح الأرض، سواء في ظروف الرعاية الصعبة أو أثناء المهام الإنسانية، كما في مناطق العمليات العسكرية مثلاً.

15