التصدي للطائرات المسيّرة في محيط المطارات لا يزال في بداياته

لا حلول جاهزة لمعالجة المشكلات التي تتسبب بها الطائرات المسيّرة في محيط المطارات.
الأحد 2018/12/23
معادلة مستحيلة

باريس - لا تزال تقنيات التصدي للطائرات المسيّرة في محيط المطارات تخطو خطواتها الأولى بحسب خبراء، فيما تشكل الحوادث المتزايدة في هذا الإطار ضغطا إضافيا وآخرها ما شهده مطار غاتويك قرب لندن في الأيام الماضية.

وقال وزير النقل البريطاني كريس غرايلينغ لهيئة “بي.بي.سي”، “لا حل تجاريا جاهزا من شأنه معالجة كل المشكلات تلقائيا”، مشيرا إلى أن هذه التقنيات “ظهرت للتو”.

واستأنف مطار غاتويك نشاطه عصر الجمعة بعدما اضطرت السلطات القائمة عليه إلى وقف تسيير الرحلات في هذا المرفق الخميس وبعد ظهر الجمعة بسبب الظهور المتقطع لطائرات مسيّرة غامضة.

وسجلت السنوات الأخيرة ازديادا كبيرا في الحوادث المتصلة بالطائرات المسيّرة، ففي 2016 أحصت الوكالة الأوروبية للسلامة الجوية 1400 حادثة من هذا النوع في أوروبا في مقابل 606 بين 2011 و2015.

وفي 2016، اضطر مطار دبي الدولي إلى وقف رحلاته ثلاث مرات بسبب طائرات مسيّرة ترفيهية كانت تشكل خطرا على طائرات الركاب التجارية. كذلك تجنبت طائرة تابعة لشركة “إير فرانس” حادث اصطدام مع طائرة مسيّرة كانت تحلق على مسافة قريبة جدا على علو 1600 متر قرب مطار رواسي-شارل ديغول.

وفي حال اصطدام طائرة مسيّرة بأخرى تجارية أو شفطها من قبل محرك الطائرة، يأتي الخطر الأساسي من بطارية الليثيوم (وهي مادة شديدة الاشتعال) الخاصة بالطائرة المسيّرة.

وقال مدير مطار غاتويك ستيوارت وينغايت “من غير المقبول أن تتسبب طائرات مسيّرة بإغلاق جزء حيوي من بنانا التحتية الوطنية”، داعيا مجمل الأطراف في القطاع إلى مجابهة هذا “التحدي” على قطاع الطيران “سريعا”.

أقر أعضاء البرلمان الأوروبي قواعد سلامة مشتركة لبلدان الاتحاد الأوروبي بشأن استخدام الطائرات المسيّرة. ويخضع الاتحاد حاليا إلى تشريعات مختلفة تبعا للبلدان، إلا أن القواعد الجديدة تنتظر الموافقة الرسمية من الوزراء الأوروبيين قبل الدخول حيّز التنفيذ.

وفي فرنسا، وضعت المديرية العامة للطيران المدني خارطة تفاعلية للمناطق التي يحظر فيها تسيير طائرات من دون طيّار بما يشمل المطارات. وتقام تجارب على الأنظمة المضادة للطائرات المسيّرة حاليا في بعض من أكبر مطارات العالم وفق لوكاس لوبيل مؤسس شركة “سيربير” الناشئة المتخصصة في التصدي للطائرات المسيّرة.

السنوات الأخيرة سجلت ازديادا كبيرا في الحوادث المتصلة بالطائرات المسيّرة، ففي 2016 أحصت الوكالة الأوروبية للسلامة الجوية 1400 حادثة من هذا النوع في أوروبا في مقابل 606 بين 2011 و2015

وفي مطار رواسي- شارل ديغول قرب باريس، يجري حاليا تقييم نظام للحماية عن بعد من الطائرات المسيّرة التي قد تستخدم لغايات الأذى. لكن في ظل الضجيج الكبير في المطارات والحساسية الفائقة لناحية مسائل السلامة وحالة الإشباع التي بلغها نظام الاتصالات، تشكّل تقنيات التصدّي للطائرات المسيّرة تحديا تقنيا حقيقيا.

وثمة تقنيات رصد موجودة بينها عبر الرادار والتقنيات البصرية والسمعية والموجات الراديوية، لكن فور رصد الطائرات المسيّرة ثمة مشكلة متصلة بوسائل تعطيلها (عن طريق التشويش على الموجات مثلا). وهذه الوسائل محظورة في البلدان المتطورة إلا في حالات استثنائية، بسبب خطورتها وتعقيداتها.

وأوضح لوبيل “في الواقع، هذا الأمر أشبه بمعادلة مستحيلة”، مضيفا أن “التصدي عن طريق الليزر والمدافع المضادة للطيران والنسور، كل هذه التدابير هي في الواقع من ضروب الخيال العلمي. من المستحيل استخدامها في مطار أو موقع حساس أو في بيئة حضرية مع كل التعقيدات التي يشكلها ذلك”.

وعلى صعيد الرصد، يهيمن استخدام تحليل الموجات الراديوية على السوق وفق لو بيل، الذي أوضح أن هذه التقنية “تقوم على الاستماع للاتصالات الدائرة في المحيط والتركيز على نطق الموجات المستخدمة من الطائرات المسيّرة”.

وأضاف “هي الوحيدة التي تسمح ليس برصد طائرة مسيّرة وتحديد موقعها فحسب، بل أيضا الجهة التي تسيّرها” في اللحظة التي تشغّل فيها نظام التحكّم عن بعد. غير أن المشكلة تكمن في وقت التفاعل لرصد آلية تحلق بسرعة 60 كيلومترا في الساعة بخط مستقيم مع الالتفاف على كل أنظمة السلامة.

وقد وُضع نظام للنسور المدربة على اعتراض الطائرات المسيّرة في قاعدة 118 الجوية في مون دو مارسان الفرنسية، وهو مستوحى من تجربة مشابهة في هولندا. غير أن طموحات هذا البرنامج قد تتقلص إثر حادثة في الربيع تسبب فيها نسر بجرح فتاة بعدما جذبته سترة كانت مربوطة حول وسطها وظنّ أنها طائرة من دون طيار.

6