التزوير والحرب الأهلية عنوان صراع المالكي مع الصدر

بغداد - رفع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، من منسوب التنافس الانتخابي مع التيار الصدري، عندما استخدم كلمة “التزوير” و”الحرب الأهلية”، في إشارة إلى صراع حاد بين الكتل الشيعية المتنافسة في الانتخابات البرلمانية المؤمل إجراؤها في العاشر من أكتوبر المقبل.
وحذر المالكي في إشارة إلى التيار الصدري، من محاولات تزوير الانتخابات، مؤكدا أن الأمم المتحدة ومن خلال “الآلاف من المراقبين ربّما”، لن تعطي الشرعية للعملية الانتخابية حال رصد تزوير أو تلاعب.
يأتي ذلك في وقت تعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي خلال لقاء مع ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت بضمان نجاح وتأمين المشاركة الشعبية الفعّالة في الانتخابات، بما يضمن أن تكون نتائجها المعبّر الحقيقي عن الإرادة الحرة للشعب العراقي.
وقال المالكي الذي رأس الحكومة العراقية على مدار دورتين شهدت انهيارا اقتصاديا وتفاقم مستوى الفساد واستحوذ تنظيم داعش الإرهابي على ثلث أراضي العراق “من خلال المراقبة سيكون للأمم المتحدة كلام، إذا شاهدوا تزويرا وتلاعبا لن يعطوا الشرعية”.

وذكر رئيس ائتلاف دولة القانون الذي يقود حملة إعلانية ينفق عليها مبالغ طائلة منذ أسابيع أن “الوضع خلال انتخابات أكتوبر يختلف تماما عما كانت عليه أوضاع اقتراع 2018؛ لأن القضية تطورت، وربما ستزج الأمم المتحدة بالآلاف من المراقبين في العراق”.
وسبق للمالكي أن رفع شكوى متهما جهات منافسة بتزوير الانتخابات التي جرت عام 2018 وجاء بالمرتبة الخامسة، إلا أنه عزا سحب شكواه لاحقا إلى إبلاغه بأن مجرد إعادة الانتخابات ستؤدي إلى حرب أهلية.
وتعبر أوساط سياسية وشعبية عراقية عن مخاوفها من أن استخدام المالكي لكلمتي “التزوير” و”الحرب الأهلية” وخصوصا مع فرقاء من داخل الأحزاب الشيعية، إشارة غير مطمئنة للسلم الأهلي.
ووصف المالكي الصدريين بالمرعوبين من ائتلافه، وأن حظوظهم انخفضت إلى الربع، مشيرا إلى أن النتائج لن تأتي وفق حساباتهم.
ورد التيار الصدري على تصريحات المالكي، مؤكدا أنه وصل إلى “سن اليأس السياسي ولا نعتبره خصما لنا”.
وقال عضو التيار عصام حسين في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام محلية إن “نوري المالكي فقد نجوميته التي كان يتغنى بها، لم يعد (نجم شباك) ومن الأفضل له أن يتقاعد”.
ويجمع مراقبون سياسيون عراقيون على أن عداء المالكي ومقتدى الصدر لا يخضع للمعايير السياسية التقليدية، فهو ثابت ولا يمكن أن يطرأ عليه أي تغيير.
ويعزون ذلك إلى أن أسباب العداء ليست مرتبطة بواقعة بعينها. فهما كائنان متنافران، يحمل كل واحد منهما للآخر قدرا من الكراهية يود معها لو محاه من الأرض.
وينتمي المالكي الذي يعتبر نفسه عراب البيت الشيعي إلى جيل سياسي غاب معظم أفراده عن المسرح السياسي، وهو يمثل طريقة في التفكير السياسي الملغوم طائفيا لم يعد لها مكان في عراق ما بعد داعش.
ويهب ذلك التصور السياسي عن المالكي، زعيم التيار الصدري مواقع متقدمة في التوقعات خصوصا مع التكهنات التي تتحدث عن الاتفاق مع الكاظمي على التجديد له في دورة رئاسية جديدة.
في المقابل فإن الصدر لا يزال يملك المسافة الآمنة التي تضمن له الحركة بخفة بين جمهوره المأخوذ بتقلباته باعتبارها نوعا من الحيوية السياسية، وليس من المستبعد أن يرضي الأميركيين بتأييده استمرار الكاظمي في ولاية ثانية. وستكون تلك الخطوة بمثابة الضربة القاضية التي ستنهي حياة المالكي السياسية.
ولم يعد غالبية السياسيين العراقيين والمراقبين يتفقون على وجود ما كان يسمى بالبيت الشيعي، الذي جمع الأحزاب والتيارات الشيعية في تكتل طائفي بعد احتلال العراق عام 2003.
إلا أن المحللة السياسية العراقية رشا العزاوي عزت صراع الصدر والمالكي إلى تحشيد انتخابي يتخلله استعراض إعلامي.

عصام حسين: نوري المالكي وصل إلى سن اليأس السياسي وعليه أن يتقاعد
ورفضت العزاوي في تصريح لـ”العرب” اعتبار السجالات الإعلامية بينهما إشارة أو دليلا على تصدع ما يعرف بالبيت الشيعي، إذ سبق وأن تحالف الفرقاء في كتلة موحدة سرعان ما فُضت بعد تشكيل حكومة “الكتلة الأكبر”.
وقالت “الصراعات بين الكتل الشيعية في البرلمان لم تعد تتمحور حول الزعامات المطلقة كما كانت، بل هناك تبلور خجول لتيارين متناقضين داخل البيت الشيعي أحدهما يزعم أنه يؤيد سلطة الدولة والآخر مجموعة كتل وأحزاب تؤيد أجنحتها العسكرية الخاصة ونفوذها وسلطتها قبل أي شيء آخر”.
واتسعت ظاهرة حرق وإتلاف الدعايات الانتخابية التابعة لمرشحي ائتلاف دولة القانون والتيار الصدري في المدن الأخيرة على وقع التنافر الحاد بين الطرفين.
ووجهت المرشحة عن تحالف المالكي حنان الفتلاوي رسالة إلى زعيم التيار الصدري، قالت فيها إن “مجموعة من المحسوبين على التيار الصدري قاموا بتهديد أصحاب البنايات والمحلات الرافعين لصوري بحرق محلاتهم في حال لم يقوموا برفع الصور”، داعية الصدر إلى “ضبط هذه المجاميع”.
وقام مجهولون، بحرق صور الدعاية الانتخابية للفتلاوي في دائرتها الانتخابية بمحافظة بابل، إضافة إلى حرق وتشويه صور أخرى في دوائر انتخابية بالعاصمة بغداد.