التذوق المجاني يسيل اللعاب لشراء الوجبة

فيلادلفيا (الولايات المتحدة) - تعددت طرق الدعاية للمنتجات في مختلف أنحاء العالم، لاجتذاب الزبائن وإقناعهم بشراء المنتجات، وأهمها الإعلانات الخلابة الملفوفة بالرقص والغناء والمرح في مختلف وسائل الإعلام، ولكن في مجال الأطعمة ظهر أسلوب مختلف وعلى درجة كبيرة من التأثير، وهو توزيع عينات مجانية من الأغذية والمشروبات، ليتذوقها الزبائن ولتكون الخطوة التالية هي الشراء.

ولأكثر من 20 عاما، ظل صوت توم كيوريتو يجلجل في الهواء، لاجتذاب المارة من الزوار الذين يمرون عبر ممشى من الممرات الخشبية، بمنتجع وايلدوود ومدينة أوشن سيتي بولاية نيوجيرسي الأميركية.

ويصيح كيوريتو بلكنة أوروبية "تعالوا واحصلوا على عينة من العصائر البولندية المثلجة من متجر بوليش ووتر آيس، لدينا مجموعة من النكهات الرائعة، المانجو والكرز والتوت الأزرق والشوكولاتة، وغيرها من العصائر ذات المذاق الرائع".

امنحوه فرصة التذوق وعندما يريد المزيد سيكون البائع على بعد خطوات جاهزا

ويظهر الإجهاد التام على حباله الصوتية من كثرة الصياح. وذكرت صحيفة فيلادلفيا إنكوايرر في تقرير لها، أن عدد متاجر العصائر البولندية المثلجة، أصبح الآن 15 متجرا من بينها أربعة في الممرات الخشبية بمنتجع وايلدوود، واثنان بالممرات الخشبية في أوشن سيتي، وشيدت كلها على أكتاف العمال من الشباب الغض، الذين يوزعون ملاعق بيضاء صغيرة، ومعها قطعا من الفاكهة المجمدة، التي تحافظ على تماسك الكاستر اللين الناعم دون إضافة أي ألبان إليها، ووفقا لتقديرات كيوريتو، يوزع كل متجر في كل مساء وعلى مدار 12 ساعة، ما يتراوح بين ألفين و5 آلاف عينة مجانية على المارة.

ولكن جائحة كورونا ضربت المشهد بقوة، ومع الخوف من نشر العدوى، وأيضا من احتمالات مواجهة دعوى قضائية، ألغت المتاجر هذه الوسيلة الدعائية التي ذاعت شهرتها، وأوقفت توزيع العينات المجانية خلال موسم 2020.

ويقول كيوريتو صاحب الشركة التي تدير المتاجر، "يعني ذلك توفير من 300 إلى400 دولار كانت تذهب إلى العمالة"، ويدير كيوريتو المتاجر الكائنة على الممرات الخشبية، والتي يستأجر امتياز العلامة التجارية الخاصة بها بأسلوب الفرانشايز، ويشير إلى أن هذه الأرقام لا تتضمن تكلفة الإنتاج أو مصاريف الآلات.

ويدير صاحب الامتياز جوردان جوردانوف، ثلاثة أكشاك ليبيع هذه النوعية من العصائر والمثلجات، وهي مقامة على الممرات الخشبية بمنتجع وايلدوود، بينما يدير أودي هايوت متجرا واحدا، واستعدادا لموسم 2021 طرح جوردانوف سؤالا مهما حول الجدوى الاقتصادية لتوزيع العينات المجانية. ويقول السؤال "هل تستحق عملية الترويج هذه للمنتجات كل هذا الجهد؟".

وعادة ما تكون ثمة فائدة عملية لهذا الأسلوب، المتمثل في منح بائع التجزئة منتجات أو خدمات مجانية لزبائن محتملين، خاصة في مجال تجارة التجزئة في الأطعمة والمشروبات، وهو أسلوب واضح وبسيط يقول، “امنحوهم فرصة للتذوق، واتركوهم وهم يرغبون في الحصول على المزيد، وعندما يريدون المزيد سيكون البائع على بعد خطوات جاهزا".

ومنذ عدة سنوات كان منظر الباعة الذين يوزعون العينات المجانية، جزءا لا يتجزأ من المناظر الجمالية المحيطة بالممرات الخشبية، حيث كانت أصواتهم تلهج بعبارات المديح والثناء على السلع التي يروجونها، وينتهجون أساليب متعددة لإقناع الزوار والذين يمضون العطلات، بتذوق المنتج قبل الإقبال على شرائه.

غير أن الأحوال تغيرت ولم تعد الظروف طبيعية، وأثناء تباطؤ المبيعات في الموسم، ومع إطلال حالة من الركود برأسها، رأت بعض المتاجر المقامة على الممرات الخشبية، إمكانية خفض التكلفة عن طريق إلغاء العينات المجانية، ومثل هذا القرار كان دافعه أولا جائحة كورونا، ولكن دافعه الآن هو خفض التكلفة.

غير أن جوردانوف يود التحدث بكلمات واضحة. ويقول في رسالة بالبريد الإلكتروني، "إننا لم نعد نقدم عينات مجانية، وهي لن تعود مرة أخرى". وهو ليس وحده الذي يؤكد هذا الاتجاه.

ويشير تقرير لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، إلى أنه لا يوجد دليل يؤكد إمكانية انتشار فايروس كورونا من خلال الأطعمة، غير أن هذه الوكالة الفيدرالية لم تقدم أي تفاصيل حول توزيع العينات الغذائية.

وذكرت هيئة الصحة بولاية نيوجيرسي، أن قواعد بيع الأطعمة بالتجزئة في الولاية، لا تفرق بين التعامل مع عينات الأغذية، وبين الأطعمة التي تباع في المتاجر، ومن بين القواعد التي يجب مراعاتها، أن يغسل الباعة المتجولون أيديهم قبل التعامل مع العينات، واستخدام القفازات التي تستعمل لمرة واحدة، وأدوات مثل أعواد خشبية صغيرة ليستعملها الزبائن في التقاط الأطعمة، وتلزم القواعد أيضا الباعة المتجولين بعدم لمس الأطعمة بأيديهم العارية، إلى جانب استخدام أكواب وملاعق وغيرها من الأدوات التي تستخدم لمرة واحدة، في توزيع العينات.

غير أن بعض الشركات لا زالت تواصل نشاط توزيع العينات المجانية، رغم المتاعب الاقتصادية. ويقول صاحب متجر "كريزي جانكي بيتزا"، الذي طلب أن يتم تعريفه باسم "مستر إتش" فقط، إنه فكر في عدم تقديم العينات المجانية هذا العام، بسبب تداعيات جائحة كورونا، ولكنه شعر بأنه من الضروري استخدام العينات كوسيلة لإغراء الزبائن المحتملين للشراء. ويضيف "إنني افتتحت متجر البيتزا هذا العام فقط، وأريد من الزبائن أن يتذوقوا الطعام الذي أقدمه، إنها طريقة فعالة للغاية".

وانطلاقا من هذا المفهوم، قرر مؤخرا صاحب امتياز العلامة التجارية "بوليش ووتر آيس"، الكائن بالقرب من شارع روبرتس، إحياء تقليد توزيع العينات المجانية من الأطعمة والمشروبات، ومواصلة تقديمها على الممشى الخشبي.