التحطيب الجائر يهدد البساتين في جنوب سوريا

السويداء (سوريا) – لم يبرر أبووليد، الرجل الستيني، كل ما يقال حول قيام بعض الأشخاص بقص الأشجار المعمرة التي تشكل الغطاء الأخضر في محافظة السويداء (جنوب سوريا) بحجة البرد القارس وقلة وقود التدفئة، معربا عن تخوفه من امتداد هذا الاعتداء إلى البساتين المزروعة بأشجار التفاح والزيتون في جبل السويداء.
وقال أبووليد، الذي يملك أكثر من 20 دونما من الأراضي المزروعة بشتى أنواع الأشجار المثمرة، لوكالة أنباء “شينخوا” إن “الاعتداءات المتكررة على الغابات الطبيعية في السويداء تشكل خطرا على البيئة وعلى حياة الناس، وتحرمهم من التمتع بالمناظر الجميلة”، مؤكدا أن قص الأشجار المعمرة بهذا الشكل الجائر يثير القلق.
وتابع قائلا “أخشى أن يمتد هذا التحطيب الجائر إلى بساتين المزارعين الخاصة”، مبينا أن بعض البساتين تم فيها قص البعض من الأشجار المثمرة.
وتشهد الغابات الطبيعية في محافظة السويداء منذ عدة سنوات اعتداءات من قبل بعض الأشخاص الذين يقصون أشجار السنديان الطبيعية، بقصد المتاجرة بها في السوق السوداء، الأمر الذي أثار غضب واستياء غالبية الناس، لأن هذا الفعل مدان وغير مبرر.
ويتخذ هؤلاء الأشخاص من نقص وقود التدفئة وعدم قيام الحكومة السورية بإعطاء المواطنين كميات كافية من مادة المازوت في المناطق الباردة ذريعة لتبرير قطعهم الأشجار.
وكانت مديرية الزراعة في السويداء قد أكدت منذ شهر تقريبا تعرض بعض المواقع الحراجية في محافظة السويداء لاعتداءات بالقطع الجائر، مشيرة إلى أن حوالي 460 شجرة من أشجار الصنوبر والأرز والسرو المعمرة تعرضت للقطع.

وبدوره أشار أبوإياد (58 عاما) -وهو مزارع سوري آخر في محافظة السويداء- إلى أن بعض المسلحين يقومون ليلا بقص الأشجار المثمرة في منطقة ظهر الجبل (شرقا)، مبينا أن هذا الفعل سيقود إلى كارثة طبيعية وخسارة المزارعين لأشجارهم التي بذلوا مجهودات كبيرة على مدى سنوات وسنوات حتى أصبحت مثمرة.
وقال أبوإياد وعلامات القلق ترتسم على وجهه “أقوم بحراسة البستان نهارا خشية قدوم بعض ضعاف النفوس إلى البساتين لقص الأشجار التي قضيت سنوات وسنوات وأنا أهتم بها كي تصبح معمرة ومثمرة”، مشيرا إلى أنه يسمع أصوات المناشير الكهربائية وهي تقوم بقص الأشجار.
وأعرب أبوإياد عن أسفه لانتشار هذه الظاهرة الوافدة على المجتمع، مؤكدا أن هذه الأشجار هي الرئة التي يتنفس بها الناس خلال فصلي الربيع والصيف، وتشكل مقصدا سياحيا لغالبية الناس، كما أنها مصدر رزق للناس.
ودعا إلى فرض عقوبات صارمة على كل شخص يقوم بقص شجرة من أي مكان، لأن الشجرة روح ويجب التعامل معها برفق.
وفي إحدى الغابات في ريف السويداء الجنوبي الشرقي يقوم عدد من الشبان في قرية أم الرمان بحماية الغابة ليلا من الأشخاص الذين يحاولون قطع أشجار السرو والسنديان بقصد المتاجرة بها وتحقيق الربح دون النظر إلى الفائدة التي تحققها المساحات الخضراء، معرضين أنفسهم للخطر وإطلاق النار من قبل هؤلاء الأشخاص.
وقال زياد العودة -وهو شاب متطوع من أهالي قرية أم الرمان- ” لم أتحمل رؤية تناقص عدد الأشجار المزروعة في الغابة التي قام آباؤنا بزراعتها قبل عشرات السنين، فقررت أن أنضم إلى فريق القرية لحماية الغابة من الزوال”.
وأكد أنه بالرغم من كل ذلك يقوم هؤلاء الأشخاص بقص الأشجار ليلا، وأحيانا يطلقون النار على كل من يحاول منعهم، الأمر الذي يشكل خطورة على أرواح الناس الذين يحاولون الحفاظ على الأشجار.
كما لم تسلم أشجار الحدائق من أيدي هؤلاء العابثين بالثروة الحراجية، إضافة إلى المقاعد الخشبية التي وضعت بداخلها، والذريعة التي يبررون بها قيامهم بتلك الأعمال هي البرد القارس ونقص الوقود وعدم توفر التدفئة في المنازل.
وعلى الجانب الآخر يطلق ناشطون وأصدقاء البيئة صرخة فزع لوقف هذه الاعتداءات على الغابات الطبيعية، كما يقومون بحملات لزرع مئات الآلاف من الأشجار في الأماكن التي تعرضت للقص بهدف إعادة الألق إلى تلك المساحات التي كانت تشكل متنفسا لمعظم الأهالي في تلك المنطقة.

