"التجارة الإلكترونية وثقافة الاستهلاك".. ربط محكم بين التسويق والدعاية

التجارة الإلكترونية تسهم في توسيع دائرة حجم التبادل التجاري بين دول العالم في سوق إلكترونية تنافسية واسعة لمختلف السلع والخدمات.
الاثنين 2018/10/01
العالم بمثابة سوق إلكترونية تنافسية واسعة لمختلف السلع والخدمات

القاهرة – هناك قضية مهمّة باتت تطرح نفسها على ساحة الجدل النظري والواقع الفعلي، وهي عملية التسويق إلكترونيا وأثرها على تنامي ثقافة الاستهلاك في المجتمع المصري، وقد حاول كتاب “التجارة الإلكترونية وثقافة الاستهلاك” للكاتبة مي أسامة إبراهيم، الربط بشكل منهجي محكم بين التسويق الإلكتروني وما يستخدمه من أسلوب جديد في الدعاية والإعلان.

ولا شك أنه مع تطور أساليب الاتصال وأشكال التسوق، بدءا من المجال الواقعي إلى العالم الافتراضي الأكثر انتشارا وتأثيرا في الوقت الراهن، نجد أن التجارة الإلكترونية قد أسهمت في توسيع دائرة حجم التبادل التجاري، وأصبح العالم بمثابة سوق إلكترونية تنافسية واسعة لمختلف السلع والخدمات، ومجالا خصبا للاستفادة منها كآلية حديثة لزيادة حجم التجارة الخارجية، غير أنه اتضح أن رموز السلع التجارية أضحت هي الأهم من السلع ذاتها؛ حيث أصبح الإعلان عن السلعة وترويجها وترغيب الجماهير فيها -بغض النظر عن جودة السلعة أو نوعيتها أو الحاجة إليها- هي الإطار الحاكم والوسيلة المثلى لاستنزاف فائض القيمة عند الشعوب النامية والجري وراء أنماط السلع الاستهلاكية والكمالية.

والعالم يشهد اليوم ثورة هائلة متطورة في مجالات المعلومات والاتصالات، حيث أصبح أشبه بقرية صغيرة تنتقل عبرها ومنها المعارف بيسر وسهولة متعدية الحواجز الطبيعية والجغرافية وتحولت الأسواق إلى سوق واسعة النطاق يلتقي فيها المنتجون والمسوقون والمستهلكون على شبكات الإنترنت وهو ما يعرف بالتجارة الإلكترونية، والتي تعتبر من المتغيرات العالمية التي فرضت نفسها بقوة، وأصبحت إحدى دعائم النظام الاقتصادي العالمي الجديد، الذي يركز على الاستخدام المتزامن للإنترنت والتجارة الإلكترونية.

عمليات تجارية بأقل جهد وأدنى تكاليف وأقصر وقت
عمليات تجارية بأقل جهد وأدنى تكاليف وأقصر وقت

وقد أسهمت التجارة الإلكترونية في توسيع دائرة حجم التبادل التجاري بين دول العالم وأضحى العالم في سوق إلكترونية تنافسية واسعة لمختلف السلع والخدمات، وأصبحت مجالا خصبا أمام الدول للاستفادة منها كوسيلة حديثة لزيادة حجم تجارتها الخارجية، وتحقيق معدلات نمو أعلى في اقتصادياتها حيث عملت التجارة الإلكترونية على سهولة إنجاز العمليات التجارية بأقل جهد وأدنى تكاليف وأقصر وقت وتوسيعها على نطاق الأسواق التجارية بعد أن تميزت بالعالمية والانتشار بين جميع الدول وإلغاء القيود على عرض المنتجات في أي دولة.

كما تؤدي إلى توفير خيارات للتسويق واختيار المنتجات والخدمات بصورة أكبر بالنسبة للمستهلكين، وتعتبر شبكة الإنترنت الدعامة الأساسية للبنية التحتية للتجارة الإلكترونية، حيث تدعم الإنترنت التسوق والإعلان والمبيعات بعدة طرق، فقد تصل الزبائن بمواقع الشركات لإيجاد معلومة عن المنتج أو لاستعراض أفضل الأسعار قبل الشراء، وكذلك قدمت مؤسسات التسوق والمبيعات معلومات عن منتجاتها وخدماتها على الإنترنت موضحة خدماتها والتحسينات في منتجاتها الحالية وأيضا ما توفره من تخفيضات في أسعارها فقد أصبحت الإنترنت أداة قوية للتجارة.

ونتيجة للتطور التقني والتكنولوجي لم تبق الأساليب الإعلامية جامدة، بل تغيّرت وتطورت وزادت تقنياتها خصوصا مع دخول الإنترنت، وفي وسط زخم التغيّر الكوني ومن خلال ثورة الاتصالات وشبكة المعلومات والتطور الذي طرأ على مجالات التسويق والإعلان، وهو التطور الذي جعل العديد من شعوب العالم، رغم المسافات الشاسعة بين المصنعين والراغبين في الشراء، تطمح إلى امتلاك السلع المعلن عنها بوسائل فنية غاية في الدقة والتحديث وتملك آليات الترغيب والتشويق لتتشكل رموز ثقافية من نوع جديد، وأصبحت الهرولة نحو السلعة سمة العصر العولمي، أو هرولة السلع نحو البشر هي نتاج وسائل الاتصال الحديثة.

وأثر ذلك بشكل سلبي في شرائح المجتمع، تلك الشرائح التي تأثرت ظروفها المعيشية، وأنماط سلوكيات أبنائها بالعديد من الأحداث والقرارات التي تتخذ بعيدا عنهم دون مشاركتهم فيها، قرارات تتم صياغتها في بؤر التكتلات الاقتصادية العملاقة على الصعيد الدولي.

ولعبت الشركات متعددة الجنسيات، بما تملك من وسائل معرفية وأساليب إعلامية وإمكانيات تكنولوجية غير مسبوقة، دورا بالغ الخطورة والتأثير في صناعة الاستهلاك وفن الترويج المبهر للسلع على الصعيد الدولي. وخلقت ثقافة قادرة على امتصاص فائض القيمة في كل دول العالم، وكذلك امتصاص كل ما يقدم في الأسواق من سلع ترفيه خصوصا في دول العالم الأقل تطورا وإمكانيات.

وفي تحليل ظاهرة “ثقافة الاستهلاك” ونمو “المجتمع الاستهلاكي” يكاد يتفق الباحثون والمهتمون بقضايا الواقع ومشكلاته، خصوصا رجال الفكر الاجتماعي، على أن العالم يسوده نوع من الثقافة المعولمة الغازية المتناقضة، ثقافة تجمع بين “الحرية المطلقة لدول الشمال” و”التقيد المخطط لدول الجنوب” إن صح التعبير، ثقافة كونية متجددة لم يعد فيها الدرس الاقتصادي التقليدي هو القادر على تفسير مسار العلم وسلوكيات البشر.

12