البلغة والشربيل.. أحذية تقليدية مغربية تجمع الجمالية بالأصالة

الرباط - يحضر المغربي المناسبات الدينية والأعياد وحتى المناسبات الوطنية، والأعراس مرتديا ملابس تم إنتاجها من قبل صُنَّاع تقليديين. البلغة وهي الحذاء التقليدي للمغاربة، والشربيل أي الحذاء التقليدي للنساء، والإدوكان وهو نعل مميز، مصنوع من جلد الماعز، ويكون مرتفعا ومدببا من الأمام، ومزينا برموز أمازيغية. ويستخدم فيه اللون الأصفر للرجال عادة والأحمر للنساء، ويمتاز بكونه مناسبا للاستخدام في المناطق الجبلية، والجلباب (رجالي ونسائي). وللنساء، التكشيطة، والقفطان، والكندورة، والدراعة وغيرها من الملابس الزاهية الألوان.
وما يفعله عدد كبير من المغاربة يوم الجمعة، إنهم يرتدون عادة الجلباب المغربي ويحتذون البلغة، ويضعون الطربوش على رؤوسهم عند حضورهم إلى الجوامع لأداء صلاة الجمعة كل أسبوع. ويفعلون الشيء ذاته في عيد الفطر والأضحى، والمولد النبوي الشريف والأعراس.
ولا يمكن للسيدات المغربيات الحضور إلى الأعراس من دون ارتداء ملابسهن التقليدية، ويعتبرن مَنْ ترتدي ملابس أوروبية في هذه المناسبات، كالتنورة والقميص والسروال الجينز خروجاً عن المألوف ومجلبة للنحس.
ويعتقد المغاربة أن ارتداء الملابس التقليدية المغربية، كالجلباب والقفطان والتكشيطة والبلغة والشربيل في هكذا مناسبات يجلب الحظ ويطرد النحس، فيكسبون المزيد من الإعجاب من قبل الحاضرين، لما في هذه الأزياء من جمالية فضلا عما تشعه من أصالة.
وتمثل الصناعات التقليدية في المغرب مصدراً مهما لدخل نسبة ثلث السكان في المملكة، وتمثل إنتاجيَّته من الدخل القومي للمغرب 20 بالمئة، كما أنها ثاني أكبر قطاع مشغل لليد العاملة بعد قطاع الزراعة، حسب نشرة “رؤية 2015” التي أصدرتها وزارة الصناعة التقليدية المغربية.
وتلفت نظر الوافد إلى سوق دار غلف بمدينة الدار البيضاء الأنواع العديدة المعروضة، من إنتاج حرفة الخرازة كالبلغة والشرابيل وبقية الصناعات الجلدية. وهذه الألبسة التقليدية تباع في أغلب أسواق المدينة القديمة من الدار البيضاء، وفي مدن أخرى كفاس ومراكش والصويرة والرباط.
السيدات المغربيات لا يمكنهن الحضور إلى الأعراس دون ارتداء ملابسهن التقليدية، ويعتبرن ارتداء ملابس أوروبية في هذه المناسبات، كالتنورة والقميص والسروال الجينز خروجا على المألوف ومجلبة للنحس
يقول المعلم الشاب سليم الأمراني، وهو صاحب ورشة صغيرة، لتصنيع وبيع البلغة والشربيل بسوق درب غلف بالدار البيضاء للعرب “طوّر الصانعون التقليديون المغاربة الأزياء التقليدية باستمرار لمواكبة أذواق الشباب” ووضح، أنَّهم طوروا على سبيل المثال “الشربيل” النسائي، الذي كانت تنتعله الجدات، وقد كان من دون كعب عال. فوضعوا للشربيل المعاصر كعباً عالياً أو متوسطاً، مما جعل الأقل طولاً من النساء اللائي ينتعلنه أكثر اهتماماً باستخدامه مع الزي التقليدي المصمم للطويلات عادة”.
وكذلك جاء تطويرهم لنوعيات التبطين المستخدم للبلغة الرجالية والنسائية، وبنوعيات جديدة لم تعتدها صناعة البلغة من قبل، كما يقول المعلم سليم، كالتغليف بقماش سراويل الجينز، وكذلك استخدام التغليف بنسيج وألوان الزربية المغربية التقليدية، واستيرادهم لأنواع من الخيوط الذهبية، والفضية الزاهية من أسبانيا وإيطاليا لانجاز شربيل تقليدي مطرز بهذه الخيوط، ويُدعى بالصقلي.
المعلم الأمراني كانت يداه لا تكفان عن العمل، وهو يتكلم عن عمله بصناعة البلغة الرجالية والنسائية. الأبيض والأصفر والرمادي للرجال، أما اللون الأحمر فهو يخصصه عادة لبلغة النساء، وكذلك بقية الألوان الزاهية تكون مخصصة للنساء، ويستخدم كل لون منها مع لون ما ترتديه السيدة من ملابس. وهو يبرع بإنتاج أنواع من هذه البلغة كالدانبيرة، الكناوية، المطبوعة، المقشرة، الصقلية، البطانية، الأندلسية وإدوكان”.
وهو يرى أن المستقبل لهذا الإنتاج التقليدي، ما دام الشباب يتعلمون من آبائهم، وأجدادهم حرفهم ومهاراتهم فهم حسب رأيه “قادرون على مواكبة الزمن والتطور”. ولفت المعلم سليم النظر إلى شربيل نسائي مصنوع في مشغله، من هذا النوع زاهي الألوان بتطريز ذهبي، وفضي في غاية الجمال والأناقة والإتقان.
يقول المعلم سليم إنَّه تعلم مهنته من أبيه، الذي كان أحد الصانعين التقليدين الماهرين في مدينة فاس للبلغة الفاسيّة، وهي تعد بحق أفضل أنواع البلغات في كل المغرب، لأنَّها معمولة بواسطة شباب استقوا أسرار الصنعة من الآباء الذين بدورهم تعلموها من الأجداد. لكنه جاء إلى درب غلف، قبل سنوات قليلة ليفتتح هذا المشغل الصغير، لأن فاس لم تعد المكان المناسب لتسويق ما ينتجه الصانع التقليدي، لكثرة المعروض وقلة الزبائن.
ويشير بشير الداموني (30 عاما) وهو موزع للجلود ولأنواع أخرى من البضائع التقليدية بين فاس وعدة مدن مغربية، كالدار البيضاء ومراكش والصويرة، إلى أن “الأسعار بالمفرد لأنواع البلغة تحددها الجودة للمنتج، التي تتعلق بمهارة الصانع، ونوعية الجلد والمواد المستخدمة في صناعته، فهناك بلغات لا تتجاوز أسعارها ستة دولارات، وهناك أخرى تصل أسعارها إلى خمسين ومئة دولار”.