البطريرك يتحدّى عون: الجيش اللبناني جيش الديمقراطية

بيروت - صعّد البطريرك الماروني بشارة الراعي الأحد في موقفه من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي كان دعا الجيش إلى السيطرة على المتظاهرين وفتح الطرقات التي يسدونها.
وجاء تصعيد الراعي الذي كان دعا إلى “حياد لبنان” وإلى مؤتمر دولي بإشراف الأمم المتحدة لمعالجة الأزمة التي يمرّ فيها بقوله “لسنا نفهم كيف أنّ السلطة تحوّل الدولة عدوّة لشعبها. والجيشُ هو القوّةُ الشرعيّةُ الـمُنوطُ بها مسؤوليّةُ الدفاعِ عن لبنان، فلا يجوزُ تشريعُ أو تغطيةُ وجودِ أيِّ سلاحٍ غيرِ شرعيٍّ إلى جانب سلاحِه. والجيشُ هو جيشُ الوطنِ اللبنانيّ كلّه، ولا يحقّ أن يَجعلَه البعضُ جيشَ السلطة. والجيشُ هو جيشُ الديمقراطيّةِ ولا يحقّ لأحد أن يحوّلَه جيشَ التدابيرِ القمعيّة”.
وفسّرت أوساط سياسية لبنانية هذا الموقف بأنّه دعم واضح لقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي كان أكّد رفض الجيش الدخول في أيّ مواجهة مع المواطنين الذين يحتجّون على تدهور الظروف المعيشية وارتفاع سعر الدولار إلى ما يزيد على 12 ألف ليرة لبنانية بعدما كان يوازي 1500 ليرة.
ودعا البطريرك الماروني الشباب اللبنانيين “الثائرين” إلى “توحيد الصفوف”.
وقال الراعي “إن شابات لبنان وشبابه الثائرين هم أمل الغد. لذا ندعوهم إلى توحيد صفوفهم وتناغم مطالبهم واستقلالية تحركهم، فتكون ثورتهم واعدة وبناءة. ولعلهم بذلك يستحثون الجماعة السياسية وأصحاب السلطة على تشكيل حكومة استثنائية”.
ومنذ أسبوعين، تصاعدت الاحتجاجات الشعبية في لبنان رفضاً لتردي الأوضاع المعيشية، في ظل أزمة اقتصادية طاحنة.
ونصب المتظاهرون خيمة بلاستيكية صغيرة في ساحة الشهداء، للمرة الأولى منذ إزالة الخيام من الساحة عقب تفشي كورونا في مارس 2020.
وقال الراعي إن “شعب لبنان برهن عبر انتفاضته أنه شعب يستحق وطنه”، داعياً إياه إلى “النضال من أجل أن يستعيد لبنان هويته الأصلية كمجتمع مدني، ومن أجل إفراز منظومة قيادية وطنية جديدة قادرة على تحمل مسؤولية هذا الوطن وقيادة شعبه نحو الازدهار والاستقرار والحياد”.
وفي موازاة كلام البطريرك الماروني، سعى صهر رئيس الجمهورية جبران باسيل إلى إعادة تعويم نفسه سياسيا بطرحه مخاوف تعفيه من الردّ عن الأسئلة المتعلّقة بالأسباب التي تدفعه إلى وضع عراقيل في وجه تشكيل حكومة لبنانية برئاسة سعد الحريري.
ولاحظت الأوساط السياسية اللبنانية إثارة باسيل، رئيس التيّار الوطني الحر بعبع الفيدرالية معتبرا أنّ “التيار يتخوف من اعتماد الفيدرالية، ليس لأنها لا يمكن أن تكون حلاّ للبلدان الشبيهة بلبنان، وهي كذلك، بل لأنّ نسيج شعبنا وتداخله الجغرافي قد يحوّلانها إلى فرز طائفي طوعي للسكان، وهذا ما قد يجعلها نوعا من التقسيم المقنع وهو مرفوض منّا حتما”.
وبدا كلام صهر رئيس الجمهورية أقرب إلى الهروب إلى الأمام من وجهة نظر أحد النوّاب اللبنانيين.
وقال النائب في تصريح لـ”العرب” مفضّلا عدم ذكر اسمه إنّ “صهر رئيس الجمهورية يلجأ إلى إثارة مواضيع لا علاقة لها بالواقع ولا بالأزمة العميقة التي يعيشها لبنان وذلك لإثبات أنّه لا يزال موجودا على الخارطة السياسية اللبنانيّة”.
وأقر باسيل بأن النظام السياسي في بلاده “عجز عن قيادة الدولة والمجتمع”. متحدثا عن وجود “انهيار كبير في المال والاقتصاد، وأزمة سقوط النظام بأخلاقياته السياسية وعجزه عن قيادة الدولة والمجتمع”.
وأضاف “هذا السقوط يدفع الحزب إلى مراجعة عميقة لخياراته وممارساته”.
وأكد تصميم حزبه على “إعادة النظر في وثيقة التفاهم التي وقعها مع حزب الله عام 2006، ومراجعتها بنيّة تطويرها”.

وفي فبراير 2016، وقع الوطني الحر وحزب الله تفاهما للتعاون المشترك، أبرز بنوده “قانون الانتخاب”، و”العلاقات اللبنانية السورية”، و”حماية لبنان”، و”بناء الدولة”.
وتعليقا على تصريحات باسيل اعتبر الأمين العام للمؤتمر الدائم للفيدرالية ألفرد رياشي، أن رئيس التيار الوطني الحر يحتاج إلى “تثقيف سياسي” بشأن موضوع الفيدرالية.
وقال رياشي في بيان “تساؤلات باسيل لا تمتّ للواقع التعددي بصلة حيث يتبين لنا أنه بحاجة للكثير من التثقيف السياسي، ونحن واثقون بقواعد التيار حيث نحثهم كما الكوادر على التغيير ذلك أن هنالك العديد من الهامات التي تتمتع بالرؤية والثقافة السياسية من أمثال الدكتور ناجي حايك حيث يمكن أن يمثلوا التيار خير تمثيل”.
وأكد على أنه “غاب عن باسيل أن النظام الفيدرالي – الاتحادي يمنع التقسيم الذي كاد يتسبب فيه النظام المركزي البالي وكان من آخر تجارب هذا النظام في حرب التحرير والتي انتهت بمأساة تجاه الشرفاء من أبطال الجيش اللبناني في عام 1990”.