البرهان يطالب بالدعم الخارجي "دون إملاءات"

بورتسودان (السودان) - رحب رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، السبت، "بأي دعم خارجي لتطوير البلاد وإعادة الإعمار دون إملاءات"، معلنا "فتح المعابر الحدودية مع إريتريا". ويأتي هذا في وقت يسعى فيه البرهان للإيحاء بقدرته على الانفتاح على الخارج بعد زيارة سريعة إلى مصر لم تفض إلى أي نتائج. كما أنها لم تنجح في التغطية على الوضع الميداني الذي يجري في غير صالحه، ويعطي أولوية واضحة لصالح قوات الدعم السريع.
ويقول مراقبون إن حديث البرهان عن الدعم الخارجي هدفه الإيحاء بأن قائد الجيش ما يزال يحظى بالاهتمام الداخلي والخارجي. لكن الواقع يقول إن دول الإقليم أفريقيا وعربيا تقف على حياد وترفض استمرار الحرب وتطالب المؤسسة العسكرية بتسليم الحكم إلى حكومة مدنية، وهو ما يرفضه البرهان.
ولا يعرف إن كان البرهان سيكون قادرا على العودة إلى الخرطوم أم لا. وهو ما يعني أن على قائد الجيش أن يفكر في وضعه قبل الحديث عن مشاريع تبدو أكبر من الظروف التي يمر بها، ومنها الخسارات الميدانية، والانشقاقات في صفوف قواته، ومقتل قادة بارزين. وضيقت قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي) الخناق على الجيش السوداني وباتت تحاصره في أهم مواقعه في العاصمة الخرطوم، وآخرها مقر سلاح المدرعات، الذي سيكون سقوطه بيد قوات الدعم بمثابة هزيمة مدوية للجيش وحسم مبكر للحرب في السودان.
ويقول خبراء عسكريون إن وصول قوات الدعم إلى هذا الموقع يظهر أنها في موقع قوة من جهة، وإن ما تروّج له من تقدم ميداني بات أمرا حقيقيا. في المقابل، فإن خسارة الجيش لهذا الموقع ستعني نهاية للشعارات التي دأب على التلويح بها، والتي يوحي من خلالها بأنه في موقع قوة، وأنه يطارد فلول قوات الدعم.
ويضيف هؤلاء أن الطائرات المسيرة التابعة للجيش وقوات الدعم السريع وضعت الخرطوم تحت جحيم القذائف الصاروخية والقنابل، حيث تزايد الاعتماد عليها من قبل الجانبين في الآونة الأخيرة، ما ضاعف صعوبة حسم الصراع عسكريا، وأسهم في زيادة التعقيدات الميدانية في وقت ارتفع فيه صوت منظمات تحذر من حدوث مآسٍ إنسانية. وانقلبت توازنات الحرب لصالح قوات الدعم السريع مع نجاحها في كسب ثقة أغلب القبائل والحركات المسلحة التابعة لها، في المقابل خسر الجيش ثقة القبائل بسبب تحالفاته مع أنصار النظام السابق وقياديّي الحركة الإسلامية الذين هربوا من السجون.
وهيمنت قوات الدعم السريع على الأرض منذ اندلاع الحرب في السودان في 15 أبريل، في حين حافظ الجيش، الذي يمتلك طائرات حربية ومدفعية ثقيلة، على سيطرته على قواعده الرئيسية في العاصمة وفي الأجزاء الوسطى والشرقية من البلاد قبل أن يبدأ بخسارتها الواحدة تلو الأخرى. وخسر الجيش السوداني الكثير من الحلفاء خاصة من الحركات المسلحة والقبائل، وهو ما يمهد الطريق لسيطرة فعلية لقوات الدعم السريع.
وأعلنت حركة "تمازج" الخميس انحيازها إلى قوات الدعم السريع في الصراع الدائر بينها وبين الجيش السوداني، ما يؤشر على انعطافة هامة في الحرب الدائرة، لما تمتلكه الحركة التي تضم نحو 12 فصيلا مسلّحا من عتاد عسكري وقوات هامة، فيما يتزامن هذا التطور مع خسارة القوات المسلحة السودانية لأهم مواقعها الحيوية في العاصمة، بالإضافة إلى فقدانها السيطرة على العديد من الأقاليم بالبلاد.
وأكدت قوات الدعم السريع في بيان نشرته على صفحتها بموقع "إكس" أن "انحياز حركة 'تمازج' بكامل قواتها وعتادها العسكري سيشكل دفعة نوعية لقواتنا في معركتها ضد ميليشيا البرهان وفلول النظام البائد الذين أشعلوا هذه الحرب وتسببوا في دمار البلاد وأشاعوا فيها الظلم والفساد والمحسوبية طيلة الأعوام الثلاثين الماضية وما زالوا يحلمون بالعودة إلى السلطة على أكتاف القوات المسلحة".
وتابعت أن "الموقف الوطني العظيم الذي أظهرته حركة ‘تمازج’ وغيرها من الشرفاء في القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى وحركات النضال الثوري سيحسم هذه المعركة لصالح شعبنا ويؤسس لبناء دولة المواطنة والحقوق المتساوية التي تقوم على احترام تنوع الشعوب السودانية التي عانت من ويلات الظلم والتهميش”.
◙ وصول قوات الدعم إلى هذا الموقع يظهر أنها في موقع قوة من جهة، وإن ما تروّج له من تقدم ميداني بات أمرا حقيقيا
وجاء حديث البرهان عن الدعم الخارجي لدى زيارته إلى الفرقة “12” مشاة التابعة للجيش السوداني بمدينة سِنْكات بولاية البحر الأحمر (شرق)، وفق بيان مجلس السيادة الانتقالي. وقال البرهان "نرحب بأي دعم من الدول الشقيقة والصديقة يصب في تطوير الوطن وإعادة الإعمار"، قاطعا بـ"عدم قبول أي إملاءات". وأشار إلى أن "القوات المسلحة والشعب متفقون على دحر التمرد (قوات الدعم السريع)".
كما “أثنى على الاحترافية العالية لأفراد القوات المسلحة”، لافتا إلى “ضرورة مضاعفة الجهد من قبل المعاهد العسكرية لضمان زيادتها”، وفق المصدر ذاته. وفي زيارة أخرى إلى الفرقة "11" مشاة التابعة للجيش بولاية كسلا شرقي السودان، قال البرهان، السبت، إن “نهاية الحرب ستكون بحسم التمرد (في إشارة إلى الدعم السريع)، وتتحد في ذلك فكرة الجيش والشعب".
ومنذ منتصف أبريل الماضي، يخوض الجيش والدعم السريع اشتباكات لم تفلح سلسلة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل أغلبهم مدنيون، وأكثر من 4 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة. ويتبادل الجيش بقيادة البرهان والدعم السريع بقيادة حميدتي اتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب انتهاكات خلال الهدنات المتتالية.