البرهان في القاهرة وحميدتي في طرابلس مع انسداد أفق الحوار بينهما

الرئيس المصري يبحث مع قائد الجيش السوداني الوضع السياسي في الخرطوم، فيما يلبي قائد قوات الدعم السريع دعوة رئيس حكومة الوحدة الوطنية الليبية.
الخميس 2024/02/29
البرهان يسعىمن القاهرة إلى تلميع صورته المهترئة داخليا وخارجيا

القاهرة  - استقبل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الخميس قائد الجيش السوداني عبدالفتاح البرهان في قصر الرئاسة بالقاهرة لإجراء مباحثات ثنائية، فيما يجري قائد قوات الدعم السريع الجنرال محمد حمدان دقلو مباحثات في العاصمة الليبية.

وتأتي هذه المباحثات في كل من القاهرة وطرابلس مع فشل جميع المبادرات الدولية والإقليمية في عقد لقاء بين الجنرالين بسبب تعنت البرهان ورفضه أي تفاوض مع قائد الدعم السريع خارج السودان، فقد قال في خطاب أمام قواته في 31 يناير الماضي، إن التفاوض لوقف الحرب "يكمن داخل السودان ولن نسافر للالتقاء بأي شخص بالخارج".

ونشرت الرئاسة المصرية مقطع فيديو يظهر استقبال السيسي للبرهان بمطار القاهرة، فيما أفاد بيان صادر عن المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المستشار أحمد فهمي بأن الرئيس السيسي "أكد خصوصية العلاقات الأخوية التاريخية بين مصر والسودان، مشدداً على حرص مصر على تعزيز التعاون المشترك بين البلدين بما يساهم في تحقيق مصالح الشعبين الشقيقين".

ووأضاف البيان أن "اللقاء شهد استعراض تطورات الأوضاع في السودان، والجهود الرامية لتسوية الأزمة الجارية بما يضمن استعادة الاستقرار، ويحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية ومؤسساتها، ويلبي تطلعات الشعب السوداني الشقيق نحو تحقيق الأمن والاستقرار".

وقد شدد الرئيس السيسي على حرص مصر على أمن السودان الشقيق، ومواصلة تقديم الدعم الكامل لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي بالسودان، ودعم وحدة الصف السوداني وتسوية النزاع القائم، انطلاقاً من الارتباط الوثيق بين الأمن القومي للبلدين. كما أكد استمرار مصر في الاضطلاع بدورها في تخفيف الآثار الإنسانية للنزاع على الشعب السوداني. وفق البيان.

وأضاف المتحدث الرسمي أن رئيس مجلس السيادة السوداني أكد تقدير بلاده الكبير للدعم المصري في ظل الظروف الحالية التي يمر بها السودان، مشيراً إلى أن هذا الدعم يعكس الروابط التاريخية الممتدة التي تجمع بين البلدين الشقيقين، والتي انعكست في الدور المصري في استقبال المواطنين السودانيين وتخفيف آثار الأزمة.

كما تناول اللقاء آخر مستجدات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك الأوضاع في قطاع غزة، حيث تم تأكيد ضرورة وقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل فوري، كما تم التوافق على استمرار التشاور المكثف والتنسيق المتبادل في هذا السياق خلال الفترة المقبلة لما فيه المصلحة المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.

وكانت مصر أولى محطات البرهان الخارجية عندما غادر السودان للمرة الأولى في أغسطس الماضي، منذ بداية الحرب وبعد أربعة أشهر من ملازمته مقرّ قيادته في الخرطوم والذي كان يتعرّض لحصار وهجمات متتالية من قوات الدعم السريع.

وبدت زيارة البرهان الثانية لمصر أنها محاولة لتلميع صورته التي تهاوت في الداخل والخارج وتبرئة نفسه من أي علاقة مع فلول الرئيس السابق عمر حسن البشير، وهي الفكرة التي تحرج المصريين الذين يريدون ألا يظهروا في صورة من يقف في صف الإخوان.

وتأتي زيارة البرهان بعد يومين من رحلته إلى طرابلس، والتي التقى فيها رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة وذلك في محاولة من قبله للإيهام بأنه منفتح على أي مبادرات للتسوية، في ظل ضغوط عليه من المرجح أن تتصاعد في الفترة المقبلة، لاسيما بعد رفضه التعاون مع الأمم المتحدة في ملف المساعدات الإنسانية.

ولا يعرف أجندة زيارة البرهان للقاهرة في ظل الخسائر الميدانية للجيش السوداني والمكاسب التي حققتها قوات الدعم السريع وحولتها إلى الطرف الأقوى في الحرب.

وفي الأثناء وصل قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي) إلى طرابلس، بحسب المتحدث باسم الحكومة الليبية المقالة من البرلمان.

وذكرت تقارير إعلامية ليبية أن دقلو سيلتقي رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة.

وكان الدبيبة قد دعا حميدتي خلال اتصال هاتفي السبت الماضي إلى زيارة طرابلس، كما أعلن عن طرحه مبادرة لـ"إحلال السلام ووقف إطلاق النار في السودان" بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقال المكتب الحكومي إن المكالمة الهاتفية تناولت "ضرورة تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية لإحلال السلام والاستقرار في السودان الشقيق"، وإن دقلو أعرب عن امتنانه لهذه الدعوة ولجهود الدبيبة الرامية إلى دعم الأمن والاستقرار في السودان، مؤكدا ترحيبه بالدعوة.

وبدوره تحدث حميدتي عن زيارته المزمعة إلى ليبيا، وقال في منشور عبر إكس "تلقيت اتصالا من رئيس حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا عبدالحميد الدبيبة، حيث ناقشت معه تطورات الأوضاع في السودان ورؤيتنا لحل الأزمة من جذورها وإعادة بناء السودان على أسس جديدة عادلة".

وأضاف "تطرقنا في الحديث إلى الجهود التي بذلت من أجل إنهاء الحرب والوصول إلى سلام في البلاد"، مردفا "شكرت الدبيبة على دعوته لنا لزيارة ليبيا والتي سنلبيها في القريب العاجل، كما شكرته على مبادرته وجهوده في دعم الاستقرار والسلام في السودان والذي ينعكس على أمن واستقرار المنطقة".

ويرى مراقبون أن زيارة دقلو إلى طرابلس تكشف عن حسن نواياه لإحلال السلام في البلاد، وقد سبق أن مد يديه للسلام في أكثر من مناسبة وأعرب خلال جولته التي زار فيها أكثر من دولة أفريقية عن استعداده للحوار مع البرهان من أجل وقف الحرب وإعادة الاستقرار للبلاد.

كما عرض خلال محادثة هاتفية مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رؤيته لإنهاء الحرب في السودان، وبدء التفاوض لحل الأزمة من جذورها، وما أطلق عليه "إعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة عادلة، تحقق الأمن والاستقرار والسلام الشامل والدائم".

وتدور الحرب في السودان بين البرهان ونائبه السابق دقلو منذ نيسان/أبريل وخلّفت آلاف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف قتيل في مدينة واحدة في إقليم دارفور (غرب، وفق تقديرات خبراء من الأمم المتحدة.

كما أدى القتال إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين سوداني داخل البلاد وإلى دول الجوار.

ودخل مصر منذ بدء الحرب في السودان 460 ألف شخص، بحسب احصاءات الأمم المتحدة.