البرلمان يتحدى قيس سعيد بالتصويت على إلغاء الإجراءات الاستثنائية

تونس - صوت 116 نائبا من البرلمان التونسي المعلق الأربعاء على إلغاء القرارات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس سعيد في تحدّ لرئيس الجمهورية الذي اتخذ تلك الإجراءات في الخامس والعشرين من يوليو الماضي.
وتحدى البرلمان التونسي المجمدة أعماله واختصاصاته بمقتضى الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها رئيس الجمهورية قيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو الماضي سعيد بعقده لجلسة الأربعاء في محاولة لإلغاء تلك القرارات.
وحضر نحو 120 عضوا في البرلمان الجلسة الافتراضية بعد دعوة وجهها مكتب البرلمان الذي يرأسه راشد الغنوشي الذي يرأس البرلمان وحركة النهضة الإسلامية أيضا.
وتمثل الجلسة أكبر تحد للرئيس الذي وصف البرلمان بأنه "من الماضي" وأصدر في وقت متأخر من الاثنين تحذيرا صارما بأن القوات والمؤسسات ستصد من يدفعون الشعب للقتال الداخلي في رسالة واضحة للبرلمان المعلق.
وقال الرئيس سعيد "تونس لها سيادة الدولة في الخارج وسيادة الشعب في الداخل، ومن يريد أن يعبث بها أو أن يصل إلى الاقتتال الدّاخلي، فهناك قوات ومؤسسات ستصدّهم عن مآربهم (دون أن يسمي من يقصد)".
واعتبر أن “اجتماع الاثنين أو الاجتماعات التي ستتم الدعوة إليها هي محاولات بائسة بسبب خوف البعض من الذهاب إلى صناديق الاقتراع في الفترة المقبلة".
الجلسة تعتبر أكبر تحد للرئيس الذي وصف البرلمان بأنه من الماضي وأصدر تحذيرا صارما بأن القوات ستصد من يدفعون الشعب للقتال الداخلي
ورفضت عدة قوى سياسية ونقابية عودة البرلمان حيث تقدمت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي الأربعاء بطلب قضائي ثان يستهدف وقف الجلسة وجلسة أخرى مبرمجة في الثاني من أبريل.
وطالب رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل نورالدين الطبوبي الرئيس سعيد بحل البرلمان، معتبرا أن ذلك هو الحل، رافضا السعي لإدخال البلاد في متاهات صراع شرعيات.
وبدأت الجلسة متأخرة ساعة عن الموعد المحدد سلفا. وقالت تقارير محلية وأشخاص آخرون في تونس إن الاتصال على منصتي زوم وتيمز للاتصال المرئي والسمعي في تونس توقف مؤقتا، لكن لم يتضح ما إذا كانت المشكلة مرتبطة بالوضع السياسي.
ونفى وزير تكنولوجيات الاتصال نزار بن ناجي تعطيل تطبيقات التواصل عن بعد بهدف التشويش على الجلسة العامة للبرلمان المجمدة أشغاله، خلافا لما تمّ تداوله. ونفى بن ناجي تورّط وزارته في مثل هذه الأعمال، قائلا "بالعكس نحن نعدّ لمنظومات ومنصات كي نحلّ المشاكل لا لنصنعها".
ورأس الجلسة طارق الفتيتي نائب رئيس البرلمان، الذي قال إن 120 نائبا شاركوا فيها. واعتبرت أوساط سياسية تونسية أن الجلسة التي أثارت مخاوف من نزاع شرعيات في البلاد على غرار السيناريو الليبي، أن الجلسة لن تغير شيئا على أرض الواقع خاصة بعد تلويح الرئيس سعيد بقوة الدولة في مواجهة خطوات البرلمان.
وقالت يمينة الزغلامي وهي عضو في البرلمان المجمد عن حركة النهضة الإسلامية "سنمضي قدما في الجلسة المتوقعة ولسنا خائفين من الدفاع عن مؤسسة شرعية". وأضافت "لم يسحب الناس ثقتهم منا. الرئيس أغلق البرلمان بدبابة".
وحزب النهضة أكبر حزب في البرلمان إذ يستحوذ على ربع المقاعد، وزعيمه الغنوشي من أكثر الشخصيات التي لا تحظى بثقة التونسيين بحسب استطلاعات الرأي.
ونشب الخلاف بين الغنوشي وسعيد بعد محاولته التطاول على صلاحيات الرئيس التونسي، خاصة عندما قام بتحركات خارجية أثارت معارضة متزايدة له في البرلمان وتسببت في محاولات جادة من النواب للإطاحة به من رئاسة مجلس النواب.
قوى رفضت عودة البرلمان حيث تقدمت عبير موسي بطلب قضائي ثان يستهدف وقف جلسة أخرى مبرمجة في أبريل
ولم يُكتب لتلك المحاولات النجاح قبل أن يتدخل الرئيس سعيد في الخامس والعشرين من يوليو ويطيح البرلمان ويحل الحكومة المدعومة من الإسلاميين.
وقد نبذت تونس الحكم الاستبدادي في ثورة 2011 وتبنت نهجا ديمقراطيا، لكن نظامها الذي يتقاسم السلطة بين الرئيس والبرلمان لم يجتذب تأييدا شعبيا بعد شلل سياسي وركود اقتصادي على مدى سنوات.
وانتُخب سعيد، الوافد الجديد في المجال السياسي وأستاذ القانون الدستوري السابق، في عام 2019 في جولة ثانية ساحقة أمام قطب إعلامي هو رئيس حزب قلب تونس نبيل القروي الذي كان يواجه تهما بالفساد. وتعهد سعيد آنذاك بتطهير الساحة السياسية.
ويتهمه منتقدوه وفي مقدمتهم حركة النهضة الإسلامية بالقيام بانقلاب الصيف في يوليو الماضي، لكنه يؤكد أن ما حدث كان تصحيحا لمسار الثورة، وأماط في ديسمبر اللثام عن خارطة الطريق ستفضي إلى انتخاب برلمان جديد في وقت لاحق هذا العام.
ومع اتجاه الاقتصاد نحو كارثة وسعي الحكومة لإنقاذ دولي وتلويح الاتحاد العام التونسي للشغل بإضراب في القطاع العام رفضا للإصلاحات الاقتصادية، يقول العديد من التونسيين إنهم أصيبوا بخيبة أمل من تركيز الرئيس على التغيير الدستوري وحسب.
ومع ذلك، بدا أن تحركات سعيد في الصيف الماضي حظيت بشعبية كبيرة في بلد سئم الخلافات السياسية التي اتسمت بها حقبة ديمقراطية نمت فيها الوظائف وتراجعت الخدمات العامة.