البرلمان الليبي يسحب الثقة من حكومة عبدالحميد الدبيبة

قرر مجلس النواب الليبي سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، وسط رفض المجلس الأعلى للدولة إجراءات السحب، معتبرا هذا الإجراء باطلا لمخالفته الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي.
طبرق (ليبيا) – صوّت مجلس النواب الليبي الثلاثاء بالأغلبية على سحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بعد ستة أشهر من منحها الثقة لممارسة مهامها، وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال، وهو ما يرفضه الإخوان في ليبيا.
وأكد المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، أن النواب صوتوا بأغلبية تسعة وثمانين نائبا على قرار سحب الثقة من الحكومة خلال جلسة الثلاثاء، التي شارك فيها 113 نائبا.
وأضاف “سحب الثقة لا يحتاج إلى تصويت الغالبية الموصوفة وهي 120 صوتا، بل الغالبية المطلقة التي يمثلها وفق الوضع الحالي للنواب ستة وثمانون صوتا”.
وأشار إلى أن “المرحلة التالية ستكون تشكيل حكومة تصريف أعمال وأن الحكومة ستستمر في تسيير أعمالها اليومية كحكومة تصريف أعمال”.
واستأنف البرلمان الليبي جلسته بعد أن قرر أمس تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع الحكومة “في الاتفاقيات والتكليفات والقرارات التي اتخذتها في عدد من الملفات، على أن تنجز اللجنة أعمالها في غضون أسبوعين”.
ولم تنتظر رئاسة المجلس نتائج التحقيق وأدرجت بند التصويت على سحب الثقة من الحكومة في جدول أعمال جلسة الثلاثاء، بعد أن فشلت الاثنين في طرحه للتصويت لغياب النصاب القانوني.
وأصدر البرلمان عدة قرارات متلاحقة بشأن الحكومة، منها عقد جلسة لتقييم ردود الدبيبة وفريقه الوزاري على أسئلة النواب، وأخرى بشأن النظر في طلب تقدم به خمسة وأربعون نائبا لسحب الثقة من الحكومة.
وأعلنت رئاسة المجلس عن تشكيل لجنة برلمانية للتحقيق مع الحكومة، قبل أن تعلن أمس بشكل مفاجئ عن سحب الثقة منها دون انتظار نتائج تحقيق اللجنة البرلمانية.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم المجلس الأعلى للدولة محمد بن عبدالناصر عن رفض المجلس الأعلى لقرار مجلس النواب بسحب الثقة من حكومة الوحدة الوطنية، مؤكدا أن المجلس يعتبر أن القرار باطل لمخالفته الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي “وكل ما يترتب عليه باطل”.
وبشأن الجدل الحاصل حول حقيقة توفر نصاب سحب الثقة من الحكومة، قال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب لوسائل إعلام ليبية، “إن عملية التصويت تمت برفع أيدي النواب المشاركين في الجلسة وبلغ عددهم 89 نائبا”، مؤكدا أنه النصاب الذي تنص عليه لوائح المجلس الداخلية لسحب الثقة من الحكومة.
وفي بيان مقتضب لبليحق عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، فإن حكومة الوحدة الوطنية ستستمر في “تسيير أعمالها اليومية كحكومة تصريف أعمال”.
والأسبوع الماضي، لفت رئيس مجلس النواب عقيلة صالح إلى أن خمسة وأربعين نائبا تقدموا وفقا للقانون بعد الاستماع إلى إجابات الحكومة بطلب لسحب الثقة منها.

عبدالله بليحق: الحكومة ستستمرّ في تسيير أعمالها كحكومة تصريف أعمال
وأضاف عقيلة صالح أن المادة 194 من اللائحة الداخلية تنص على أن المجلس لا ينظر إلى طلب سحب الثقة إلا إذا تقدم ربع أعضاء المجلس وهو ما تم ولا ينظر إلى الطلب إلا بعد ثمانية أيام من تقديمه، ولا يتم أخذ الرأي فيه إلا بعد يومين من عرض الطلب، و”إذا قرر البرلمان سحب الثقة بأغلبية أعضائه عدّت مستقيلة وتستمر في تسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة”.
وعرفت العلاقة بين الحكومة والبرلمان خلافات عدّة، بدأت بامتناع مجلس النواب عن المصادقة على مقترح الميزانية المقدم من الحكومة لأكثر من مرة، في حين اتهم الدبيبة المجلس بـ”عرقلة الحكومة بشكل مستمر ومتعمّد لأسباب واهية وغير صحيحة”، على خلفية مطالبته بالمثول أمامه للاستجواب حول تقصير حكومته في أعمالها.
وكانت لجنة الحوار الوطني الليبية المكونة من خمسة وسبعين شخصا برعاية الأمم المتحدة، انتخبت في الخامس من فبراير مجلس رئاسيا جديدا برئاسة محمد المنفي، وعبدالحميد دبيبة رئيسا للحكومة، هدفهم الرئيسي هو تهيئة البلاد لإجراء الانتخابات في الرابع والعشرين من ديسمبر القادم.
وفي العاشر من مارس الماضي، منح البرلمان حكومة الدبيبة الثقة بأغلبية 132 عضوا.
وكان مجلس النواب استجوب الحكومة في طبرق في جلسة الثامن من سبتمبر الجاري، حيث تمت مناقشة موضوعات الدفاع والكهرباء والنفط.
وأكد النائب في البرلمان الليبي محمد العباني في تصريحات سابقة أنّ “سحب الثقة من الحكومة الليبية، سيحوّلها إلى حكومة تسيير أعمال، وسيؤخر استحقاق الرابع والعشرين من ديسمبر، حيث ستُجرى خلاله الانتخابات الرئاسية والتشريعية”.
وطلب المجلس الأعلى للدولة في ليبيا من البرلمان الاثنين، تأجيل الانتخابات الرئاسية لمدة عام على الأقل، وذلك في غياب توافق حاليا على القانون الانتخابي.
وتسود خلافات سياسية في ليبيا منذ إعلان عقيلة صالح مُصادقته على قانون للانتخابات الرئاسية، الذي صدر في التاسع من سبتمبر الجاري.
وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري خلال مؤتمر صحافي في العاصمة طرابلس “لا نعترف بأن مجلس النواب صادق على قانون انتخابات الرئيس الذي تمّ دون تصويت قانوني أو توافق، ويشاطرنا في ذلك عدد من نواب”.
وسبق أن لوّح رئيس مجلس النواب، بإمكانية نظر المجلس في مسألة سحب الثقة من الحكومة، منتقدا “أداء الحكومة في ما يتعلق بتوحيد المؤسسات، وتوفير متطلبات المواطنين من الغذاء والدواء والكهرباء، والمصالحة الوطنية، والاستعداد للانتخابات”.
ولم تستبعد وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش في أواخر أغسطس احتمال تأجيل الانتخابات في حال تأخر مجلس النواب في إقرار القانون الانتخابي.