البرلمان الليبي يرفض تدخل ويليامز في قراراته

طرابلس - يواجه مقترح المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا ستيفاني ويليامز بشأن الوساطة بين المعسكرين المتنازعين في البلاد، رفضا واسعا داخل البرلمان الليبي الذي اعتبره تدخلا في قرارات المجلس.
وكانت المستشارة الأممية لدى ليبيا اقترحت الجمعة تشكيل لجنة من 6 أعضاء من البرلمان، ومثلهم من المجلس الأعلى للدولة، على أن تجتمع في الخامس عشر من مارس الحالي في أي مكان يجري التوافق عليه، بعد موافقة الطرفين للعمل لمدة أسبوعين بهدف وضع قاعدة دستورية تفتح الطريق نحو إعداد البلاد لإنجاز مطلب أكثر من مليونين ونصف المليون.
وأكد رئيس البرلمان الليبي خلال لقائه في مدينة القبة (شرق) ويليامز، "عدم قبوله التدخل في قرارات مجلس النواب وأن قرارات المجلس غير قابلة للتصديق من أي جهة كانت"، بحسب ما نقل عنه المتحدث باسم المجلس عبدالله بلحيق عبر صفحته في فيسبوك.
وشدد صالح على "قانونية الإجراءات المتخذة من مجلس النواب في ما يتعلق بالتعديل الدستوري الثاني عشر".
وينص التعديل الثاني عشر من المادة الثلاثين من الإعلان الدستوري، الذي نال ثقة البرلمان في فبراير الماضي، على تشكيل لجنة من 24 خبيرا يتم اختيارهم مناصفة بين مجلسي النواب و"الأعلى للدولة" (نيابي استشاري)، لمراجعة المواد محل الخلاف في مسودة مشروع الدستور المنجز وإجراء التعديلات خلال 45 يوما.
كما شدد صالح على قانونية "تشكيل الحكومة الجديدة، عقب انتهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية في الرابع والعشرين من ديسمبر 2021".
ويتمسك رئيس الحكومة الليبية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة باستمرار حكومته، مشددا على أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منبثقة عن برلمان جديد منتخب من الشعب. كما طالب وزراءه، أثناء افتتاح اجتماع لمجلس الوزراء في العاصمة طرابلس، بـ"عدم الالتفات إلى الشائعات التي يجري ترويجها، واتخاذ قراراتهم بجرأة وشجاعة".
واستعرض صالح، خلال اللقاء مع ويليامز وعبر التسجيل المرئي، "صحة تصويت المجلس على منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة باشاغا"، بعد أن شكك الدبيبة في ذلك واتهم البرلمان بالتزوير.
ويأتي موقف البرلمان من المبادرة الأممية مخالفا لموقف الأعلى للدولة الذي أعلن الأحد قبوله لمقترحها، وأنه يعتزم في جلسته المقبلة انتخاب أعضاء لجنة للتشاور مع مجلس النواب في طبرق (شرق)، حول وضع قاعدة دستورية منظِمة للانتخابات القادمة.
وكانت ويليامز قد التقت برئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح وقالت في تغريدة عبر تويتر إنها "ناقشت معه بالتفصيل المبادرة التي أطلقتها بشأن تشكيل لجنة مشتركة من مجلسي النواب والدولة، للخروج بالقاعدة الدستورية اللازمة لضمان إجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن".
وأضافت المبعوثة "جددت دعوتي إلى الحفاظ على الهدوء، كما أكدت كذلك أهمية التعاون بين المؤسسات الليبية من أجل تحقيق الاستقرار الدائم".
وتابعت "اتفقنا على أن إجراء الانتخابات في الوقت المناسب وفق قاعدة دستورية سليمة هو السبيل الأمثل للمضي قدما، ويعكس الطموحات الحقيقية للشعب الليبي، لاسيما 2.8 مليون ليبي تسجلوا للتصويت".
ويبدو أن مقترح ويليامز لا يحظى بقبول شق كبير من أعضاء مجلس النواب الليبي، حيث أعلن 93 برلمانيا الاثنين رفضهم، معتبرين في بيان لهم أن مبادرتها "تعدّ مسارا موازيا غير مبرر، خصوصا بعدما تم التوصل إليه من اتفاق ليبي - ليبي بين البرلمان والمجلس الأعلى للدولة حدد معالم المسار الدستوري ومواعيده وأولوياته بكل وضوح، للوصول إلى انتخابات في أقرب وقت ممكن".
وأكد عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي الاثنين صحة بيان موقّع من قبل 93 عضوا من مجلس النواب بشأن مبادرة ويليامز.
وقال العرفي في تصريحات صحافية إن ويليامز تناقضت، حيث باركت الاتفاق بين لجنتي خارطة الطريق بين النواب والأعلى للدولة، ومن ثم طرحت مبادرة.
وأوضح العرفي أنهم ماضون بخارطة الطريق وبتعديل المادة 12 والحكومة الجديدة. وذكر أنهم حاليا يفكرون بتعهدات الحكومة الجديدة وتوحيد المؤسسات بالكامل.
ونوه النائب بأنه "لا علاقة لليبيين بمعركة كسر العظم بين السويحلي والمشري والسيطرة على مفاصل المجلس الأعلى للدولة، الوفاق والتوافق حدث ونحن نريد السير قدما دون تدخلات أجنبية".
وأكد أنه "يجب وضع حد للميليشيات المسلحة"، مضيفا "نريد ليبيا من دون كتائب مسلحة خارج المؤسسة العسكرية والأمنية، ولا نريد أن يستمر نهج الميليشيات، خصوصا أنها باتت تتغول وتقتل المواطنين على مرأى ومسمع الجميع، وآخرها الجريمة التي وقعت بمدينة مصراتة، سواء كانت مشرعنة أو غير مشرعنة".
ولفت إلى أنه لن تكون هناك أي جلسات للمجلس خلال هذا الأسبوع، وفي حال تم تحديد موعد للجلسة القادمة سيتم الإعلان عنها.
وفشلت الانتخابات الليبية التي كان من المقرّر إجراؤها في شهر ديسمبر من العام الماضي، بسبب خلافات بين المعسكرات السياسية المتنافسة على القاعدة الدستورية والقانونية للانتخابات، ليعيّن البرلمان حكومة جديدة بقيادة فتحي باشاغا، رغم رفض الحكومة الحالية التخلّي عن السلطة، ويعلن على خارطة طريق تنتهي بإجراء انتخابات خلال 14 شهرا، بعد تعديل الدستور.
وأدّت هذه الخلافات والانقسامات إلى مخاوف من حدوث تصعيد، قد يفضي إلى عودة الاقتتال والأعمال العدائية، إذا ما قرر رئيس الحكومة الجديدة باشاغا التحرك لدخول طرابلس ومباشرة مهامه، بينما يمتنع الدبيبة المدعوم من ميليشيات مسلّحة عن تسليم السلطة، وهدّد باستهداف أيّ تحرك حكومي يقترب من المقرات الحكومية.