البرلمان اللبناني يُؤجل الانتخابات البلدية عاما إضافيا

بيروت - أقرّ مجلس النواب اللبناني، الخميس، اقتراح قانون تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31 مايو 2025، في تصويت شابه الكثير من الجدل بعد أن أعلنت النائبة بولا يعقوبيان عدم اكتمال النصاب وانسحابها من الجلسة بمعية مجموعة من النواب.
وتجري الانتخابات البلدية والاختيارية في لبنان كل ست سنوات. وتمّت آخر مرة عام 2016، وكان من المفترض حصولها عام 2022، إلا أن البرلمان أقرّ تأجيلها لمرتين منذ ذاك الحين جراء تداعيات الانهيار الاقتصادي المستمر منذ أكثر من أربع سنوات، في بلد نادراً ما تُحترم فيه المهل الدستورية.
وأفادت الوكالة أن مجلس النواب أقرّ "تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية القائمة حتى تاريخ أقصاه 31/5/2025".
وجاء في الأسباب الموجبة للتمديد أن الاستحقاق "يأتي في ظرف أمني وعسكري وسياسي معقّد نتيجة العدوان الاسرائيلي المفتوح على لبنان".
وتشهد الحدود الجنوبية تبادلاً للقصف بشكل شبه يومي بين حزب الله وإسرائيل منذ بدء الحرب في قطاع غزة قبل أكثر من ستة أشهر. وأرغم التصعيد أكثر من 92 ألف شخص على النزوح خصوصاً من القرى الحدودية منذ السابع من أكتوبر، وفق منظمة الهجرة العالمية. ولم يتمكنوا من العودة إلى بيوتهم حتى الآن.
وتمّ إقرار التمديد رغم اعتراض كتل برلمانية على رأسها كتلة حزب القوات اللبنانية ونواب مستقلين، بينما أيّده حزب الله وحلفاؤه والتيار الوطني الحر الذي يتزعمّه الرئيس السابق ميشال عون.
وأعلن النواب نجاة صليبا، وبولا يعقوبيان، وياسين ياسين، وابرهيم منيمنة، وفراس حمدان، وملحم خلف، انسحابهم من الجلسة التشريعية، معتبرين أنّها "غير دستورية".
وقالوا في بيان "مرّ على تواجدنا داخل هذه القاعة 462 يوماً، بناءً على دعوة موجّهة من الدستور نفسه الى كلّ نواب هذا المجلس، على أثر خلو سدة الرئاسة، لنجتمع فوراً وبحكم القانون لننتخب رئيساً. للأسف، وعلى الرغم من صراحة نص الدعوة الدستورية الملزِمة والوجوبية والآمرة للحضور الى القاعة لإتمام هذا الاستحقاق الأهم في الجمهورية، نرى أنّ هناك تمادياً في الاستنكاف والعصيان على أحكام الدستور. وهذه الممارسات الظالمة بحق الناس ليست إلاّ تعليقا لأحكام الدستور، وهي بالتأكيد أشد ظلماَ بحقّ أهل الجنوب الذين يتعرّضون لأعتى عدوان عسكري، وهم بأمس الحاجة لإعادة انتظام الحياة العامة، كي تتمكن الدولة فعلاً، وبقيادة رئيس انقاذي، من الوقوف إلى جانبهم والالتفات الى حاجاتهم وحاجات كلّ اللبنانيين".
وأكد النواب أنّه "لا لزوم أنْ نكرِّر الموقف الدستوري الثابت بأنّ لا إمكانية لإجراء جلسات تشريعية بظلّ أحكام الدستور الواضحة لهذه الناحية.
وشددوا على أن "الأولوية اليوم قبل الغد هي لانتخاب رئيس، وبهكذا موقف نتحدّى ونواجه عدوان العدو بالإضافة الى سائر الوسائل الممكنة. ففي الحرب، يكون القتال أيضاً بتحصين جبهتنا الداخلية. لذا، وبما أنّ هذه الجلسة التشريعية هي غير دستورية، ولأننا نتضامن مع أهلنا في الجنوب الذين هم بأمس الحاجة لإنتخاب رئيس، قررنا الانسحاب من هذه الجلسة".
وكان رئيس البرلمان نبيه بري أكد في وقت سابق أنه لا يمكن استثناء الجنوب من الانتخابات البلدية، بعد مطالبات أبرزها من القوات اللبنانية بإجراء الاستحقاق في موعده.
وقال رئيس حزب القوات سمير جعجع في تعليق على منصة "إكس"، "حَرَم محور الممانعة (حزب الله وحلفاؤه) والتيار الوطني الحر اللبنانيين مرة من جديد فرصة انتخاب سلطات محلية"، مشيرا الى أن البلديات هي السلطات الوحيدة "التي بقيت تقريبا وحدها مع الناس تحاول معالجة ما استطاعت من مشاكلهم بعد الانهيار والشغور وعدم الاستقرار".
وانتقد تحالف الإصلاح لانتخابي بشدة قرار المجلس النيابي تمديد ولاية المجالس البلدية والاختيارية للمرة الثالثة. وقال في بيان إن "هذا السيناريو كنا قد حذّرنا منه مرارًا وتكرارًا، وكان من الممكن تفاديه لو كانت هناك نية سياسية جدية بإجراء الانتخابات".
وفي المقابل، برر رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل، المصادقة على مقترح التمديد بالخشية من الفراغ، في الوقت الذي كان يكرس بنفسه الفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية.
وقال باسيل "كنّا أمام خيارين، إمّا الفراغ أو الذهاب إلى انتخابات لن تحصل". وأضاف " لا نستطيع أن نُحمّل وزير الداخلية المسؤولية كاملة لأنّه يعتبر أنّ لا جوّ سياسيّاً في البلد يسمح بإجراء الانتخابات"، مشيراً إلى أنّه "تأكدنا أنه على المستوى المالي لم تُصرَف السلف، وعلى الصعيد اللوجستي لم تُوزَّع لوائح الشطب، ولم يُجهَّز أي عمل مركزي لإنجاز الانتخابات".
وتابع "كنّا ذاهبين إلى الفراغ، وأي كلام عكس ذلك يعني التهرّب من المسؤولية".
وكان وزير الداخلية والبلديات بسام مولوي حدد موعد إجراء الانتخابات في محافظة بيروت ومحافظتي البقاع وبعلبك الهرمل بتاريخ 31 مايو المقبل، كإجراء إداري في حال فشل التصويت على التأجيل في الجلسة البرلمانية اليوم الخميس.
وقد استبق الوزير مولوي اتخاذ هذه الخطوة، بالتوقيع الأسبوع الماضي على قرار دعوة الهيئات الانتخابية البلدية والاختيارية في دوائر محافظة لبنان الشمالي ودوائر محافظة عكار للانتخاب، وذلك بتاريخ 19 مايو المقبل.
وتلعب المجالس البلدية دوراً بارزاً في توفير الخدمات الأساسية للسكان. لكن دورها تراجع كثيراً خلال السنوات الماضية على وقع الانهيار الاقتصادي الذي يعصف بالبلاد منذ 2019 وتضاؤل الاعتمادات الممنوحة لها من أجل القيام بمهامها واستقالة العديد من أعضائها.
وليس تأجيل مواعيد الاستحقاقات الدستورية أمراً جديداً في الممارسة السياسية في لبنان. وغالبا ما يؤخر نظام التسويات والمحاصصة القائم بين القوى السياسية والطائفية، القرارات المهمة، وبينها تشكيل حكومة أو انتخاب رئيس، وهو منصب شاغر منذ قرابة السنتين، أو الانتخابات البرلمانية.