البرلمان العراقي يقرّ تعديل قانون الانتخابات بعد طرد النواب المستقلين

النواب المستقلون يعتزمون الطعن لدى المحكمة الاتحادية العليا في أي مقررات تصدر عن هذه الجلسة بعد إخراجهم بالقوة من داخل القاعة في مخالفة للقانون والنظام الداخلي.
الاثنين 2023/03/27
الكتل المتنفذة نفذت ما ترنو إليه رغم الرفض السياسي والشعبي

بغداد – أقرّ البرلمان العراقي فجر الاثنين تعديلا لقانون الانتخابات البرلمانية، يشكّل عودةً إلى القانون الذي كان مرعيا قبل تظاهرات أكتوبر 2019، مثيراً غضب الأحزاب المستقلة والصغيرة التي ترى أنه يخدم مصالح الأحزاب الكبيرة، في جلسة شهدت حالة من الفوضى مع بداية انعقادها.

وكان من المقرر أن تعقد الجلسة السبت، وقد تم تأجيلها أولا حتى العاشرة والنصف مساءاً، إلا أن البرلمان لم ينجح بعقدها وفق الموعد الجديد بسبب عدم توفير النصاب القانوني، إثر مقاطعة الجلسة من قبل النواب المستقلين والتركمان، مما دفع رئاسة البرلمان إلى تأجيلها إلى الأحد.

ولم تعقد الجلسة إلا قبيل منتصف الليل، بسبب الخلافات السياسية، ومع بدء التصويت على فقرات القانون اعترض النواب المستقلون على آلية "سانت ليغو"، وتسبب ذلك بمشادات كلامية مع نواب "الإطار التنسيقي"، وسط حالة من الفوضى عمت القاعة، فاستدعى رئيس البرلمان محمد الحلبوسي عناصر الأمن لطرد النواب من القاعة، ومن ثم أحال عددا منهم إلى لجنة السلوك النيابي.

وعرض البرلمان الفقرات على التصويت تباعا، والتي تم التصويت عليها، ومنها الفقرة الخاصة باعتماد القاسم الانتخابي 1.7 في نظام "سانت ليغو"، التي يعتبرها المعارضون قانوناً فُصِّل على مقاس القوى النافذة في البلاد، حيث يعيد نظام الدائرة الواحدة، ويحرم الكتل الصغيرة من الأصوات.

كما صوت البرلمان على الفقرات التي تخص محافظة كركوك، وتلّزم الوزارات المعنية بتدقيق سجل الناخبين.

ووفقا لبيان صدر في الثالثة والنصف من فجر اليوم الاثنين بالتوقيت المحلي لبغداد، أكدت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، أن المجلس صوّت في "جلسته السادسة عشرة بحضور 218 نائبا، على قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب ومجالس المحافظات والاقضية رقم (12) لسنة 2018".

وأكد رئيس الكتلة التركمانية النائب أرشد الصالحي، في بيان، أن "التصويت على المادة الخاصة بمحافظة كركوك في قانون انتخابات مجالس المحافظات تمت بالتوافق بين القيادات التركمانية والعربية والكردية، وقد تفاهمنا من أجل كركوك، وتحملنا المسؤولية الوطنية، أجرينا التعديل الخاص بالمادة الخاصة بالمحافظة، بتفاهم وتعاون تام"، داعيا أهالي كركوك الى "تحديث سجلاتهم الانتخابية والاستعداد للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات القادمة".

أما النواب المستقلون فأكدوا ذهابهم للطعن القانوني بالجلسة. وقال النائب المستقل حسين السبعري، في تصريح صحافي، "سنذهب باتجاه المحكمة الاتحادية العليا للطعن بالجلسة"، مؤكدا أنه "بعد التصويت انتهت الحلول الوسطى، والكتل الكبيرة مصرة على تهميش الآخر".

وأضاف "سنوحد مواقفنا وننسق بين القوى المعارضة لتكون لدينا قوة داخل البرلمان وممكن خوض انتخابات بكتلة واحدة من 75 نائبا".

واستنكرت حركة امتداد المستقلة في البرلمان العراقي ما وصفته "بالاعتداءات السافرة بحق ممثلي الشعب نواب حركة امتداد والقوى المعارضة الأخرى من الحركات الناشئة والنواب المستقلين الرافضين لتمرير قانون مجالس المحافظات بصيغته الحالية كونها تعد تحديا لإرادة الشعب".

وذكرت الحركة في بيان صحافي "إن الاعتداء على النواب من قبل القوات الامنية والتهديد بإنهاء العضوية من قبل رئيس البرلمان هي سابقة خطيرة تتناقض مع مبادئ الديمقراطية والقيم الأخلاقية وذلك للصفة المعنوية التي يحملها النائب والناخبين الذين يمثلهم".

وأكدت حركة امتداد أنها ستقدم "دعوى طعن إلى المحكمة الاتحادية العليا عن أي مقررات تصدر عن هذه الجلسة لقيام رئيس البرلمان بإخراج النواب بالقوة من داخل القاعة مخالفا بذلك القانون والنظام الداخلي".

ويملك الإطار التنسيقي الغالبية في البرلمان، وهو تحالف أحزاب شيعية مقربة بغالبيتها من إيران وتدعم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني.

ويعدّ القانون عودةً إلى قانون العام 2018 الذي كانت ترفضه الحركة الاحتجاجية التي شهدتها البلاد في خريف العام 2019. حينها نجح المحتجون في تحقيق مطلب قانون انتخابات جديد سمح بفوز مرشحين مستقلين إذ تمكن المستقلون في انتخابات العام 2021 من الفوز بحوالي 70 مقعداً من أصل 329.

وبذلك، ستجري الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجالس المحافظات المتوقعة في نوفمبر على أساس القانون المعدّل. أما في إقليم كردستان العراق المتمتع بحكم ذاتي فسوف تجري الانتخابات البرلمانية المحلية في 18 نوفمبر وفق قانون مختلف.

ويجعل قانون الانتخابات المعدّل الجديد من كلّ محافظة دائرة انتخابية واحدة أي 18 دائرة، ملغياً بذلك الـ83 دائرة التي اعتمدت في الانتخابات الأخيرة.

ويرى الباحث السياسي في "ذي سنتشري فاونديشن" سجاد جياد أن اعتماد الدائرة الواحدة "يسهّل إمكانية فوز سياسيي الأحزاب بمقاعد"، في المقابل، سوف "يجعل من الصعب على مرشحي الأحزاب الصغيرة والمستقلة في المنافسة على مستوى المحافظات".

وبموجب القانون المعدّل، ستُحتسب الأصوات على الطريقة النسبية المعروفة بـ"سانت ليغو"، والتي يرى مناهضو القانون أنها تخدم الأحزاب الكبيرة كذلك.

ورأى سجاد جياد في تغريدة أن احتساب الأصوات على الطريقة النسبية "يخدم كذلك الأحزاب الكبرى ويجعل من الممكن بالنسبة لمرشحيهم الذين لم يحصلوا على ما يكفي من الأصوات أساساً بالفوز بمقاعد".

وقال النائب علاء الركابي من كتلة امتداد المستقلة في البرلمان لوكالة الصحافة الفرنسية إن "الأحزاب الصغيرة لن يكون لديها أي أمل بالحصول على تمثيل في البرلمان" وأنها "سوف تسحق"، إذا ما طبّق القانون الجديد.

وأفاد النائب بهاء الدين النوري من الإطار التنسيقي في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، أن كتلته تدعم القانون لأنه "يعتمد على توزيع المقاعد لأي كتلة حسب ثقلها الجماهيري ما سيؤدي بالمحصلة إلى تشكيل الحكومة ضمن التوقيتات الدستورية"، وبالتالي تفادي المفاوضات الطويلة كما حصل في أعقاب انتخابات العام 2021.