الانضباط المالي يعزز الجدارة الائتمانية لسلطنة عمان

أعطت تقييمات حديثة لوكالة موديز للمسؤولين العمانيين المزيد من الثقة في مواصلة دفع الاقتصاد، بعد أن منحت البلاد نظرة مستقبلية متفائلة مدفوعة بالانضباط المالي للحكومة في مساري خفض الديون وتعزيز الكفاءة في استخدام فوائض إيرادات النفط والغاز.
مسقط - غلبت التقديرات الإيجابية على آخر تقارير وكالة موديز للتصنيف الائتماني بشأن الاقتصاد العماني، إذ أشار إلى متانة المركز المالي للبلد الخليجي بفضل صادرات الطاقة مما يساعده على استكمال برنامج الإصلاحات الطموح.
وأكدت التقييمات أن مسقط لديها ما يكفي من القدرة لمواجهة التقلبات المالية والاقتصادية المفاجأة على المدى القصير، بعد أن ساعدت الأزمة في أوكرانيا البلد على تحقيق درجة ائتمان عالية بفضل طفرة أسعار الطاقة.
ومن المرجح أن تتحسن الملاءة المالية للبلاد مع مرور الوقت، في ظل حرص الحكومة على تعديل بوصلة الاختلالات المالية والمضي قدما في تنويع الاقتصاد، إلا إذا طرأت بعض الظروف على سوق النفط والغاز خلال 2023.
ورفعت موديز في تقرير نشرته الاثنين الماضي وأوردته وكالة الأنباء العمانية الرسمية تصنيفها الائتماني للبلاد من بي.أي 3 إلى درجة بي.أي 2 مع الإبقاء على النظرة المستقبلية الإيجابية.
وأرجع خبراء الوكالة ذلك إلى تراجع أعباء المديونية العامة وتحسّن قدرة البلاد على الوفاء بالتزاماتها المالية في العام الماضي.
وقال التقرير “يعود التحسن في الأداء المالي لعُمان إلى المكاسب الكبيرة من عائدات النفط والغاز، والتي تزيد من المرونة في مواجهة التقلبات العالمية”.
وأوضح الخبراء أن ذلك يأتي إلى جانب “جهود الحكومة في ضبط الأوضاع المالية، وتوجيه الفوائض المالية نحو خفض الدين العام”.
وذكرت موديز أن الجهود الحكومية كان لها الأثر الملموس في تعظيم الفوائض المالية، وانخفاض إجمالي الدين العام الماضي، من 68 في المئة في عام 2020 إلى 40 في المئة خلال العام الماضي كنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي.
ولفتت كذلك إلى أن النظرة المستقبلية الإيجابية تعكس استمرار تحسن معدل الدين العام خلال السنوات القليلة المقبلة رغم انخفاض أسعار النفط، من خلال المحافظة على مستوى ضبط الإنفاق، واتخاذ المزيد من الإجراءات المالية التطويرية.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن الدين العام بلغ بنهاية الربع الأول من العام الجاري حوالي 16.6 مليار ريال (43.1 مليار دولار).
وقامت الحكومة في الفترة بين يناير ومارس الماضيين بسداد ديون مستحقة عليها بقيمة 2.9 مليار دولار، متضمنة سداد سندات دولية مستحقة بقيمة حوالي 1.2 مليار دولار.
وأطلقت عُمان خطة مالية متوسطة الأجل في عام 2020 لخفض الدين العام وتنويع مصادر الإيرادات وتحفيز النمو الاقتصادي.
وزارة المالية العمانية تتوقع أن يصل عجز ميزانية العام الجاري إلى نحو 3.38 مليار دولار
وتتوقع وزارة المالية العمانية أن يصل عجز ميزانية العام الجاري، إلى نحو 1.3 مليار ريال (3.38 مليار دولار)، وهو ما يعادل نحو ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وكانت وكالة ستاندرد آند بورز قد توقعت الشهر الماضي أن تحقق مسقط هذ العام فائضا ماليا بنسبة 5.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بتقديرات ميزانية الحكومة بشأن العجز المالي.
وسيؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع معدل هذا الفائض إلى 0.8 في المئة خلال هذا العام، وإلى العودة إلى عجز بنسبة 4.7 في المئة خلال عامي 2024 و2025 رغم الإصلاحات المخطط لها.
وأكدت وزارة المالية في نشرة الأداء المالي التي أصدرتها الشهر الماضي أن عائدات النفط والغاز تمثل حوالي 80 في المئة من إجمالي الإيرادات العامة، مما يجعل السلطنة أكثر عرضة للتقلبات العالمية في الأسعار.
وفي نهاية العام الماضي، توقع صندوق النقد الدولي أن تسجل عمان فوائض مالية وخارجية في 2022 وعلى المدى المتوسط، نتيجة ارتفاع إيرادات النفط وضبط أوضاع المالية العامة وفرض ضريبة القيمة المضافة.
ويصنف الصندوق السلطنة في المركز الخامس خليجيا في حجم الناتج المحلي الإجمالي والبالغة قيمته 110.1 مليار دولار، ويشكل نحو 5.2 في المئة من اقتصاد المنطقة.
وقال محمد الرحبي، مدير إدارة الأصول بشركة أوبار كابيتال، لاقتصاد الشرق من بلومبرغ إن “ارتفاع سعر برميل النفط فوق مئة دولار كان له تأثير إيجابي على تحسن تصنيف عُمان، لاسيما من خلال مساهمته بخفض العجز المالي، لا بل تحويله إلى فائض”.
وتقدّر وزارة المالية العمانية أن يزيد إنتاج النفط في البلاد بأكثر من عشرة في المئة العام الحالي، ليصل إلى نحو 1.17 مليون برميل يوميا.
وتشير أرقام الميزانية الحالية إلى تقديرات لسعر النفط عند 55 دولارا للبرميل، وهو سعر أقل من المستوى الحالي، كما أنه أقل بكثير من توقعات المحللين التي تشير إلى أن متوسط سعر خام برنت سيبلغ 95 دولارا العام الحالي، وفقا لمسح أجرته بلومبرغ.
في المقابل، تقدر موديز أن يبلغ متوسط سعر برميل النفط ما بين 80 و85 دولارا خلال العامين الحالي والمقبل.
وتتوقع الوكالة أن يسهم قطاع الهيدروجين الأخضر في تقليل المخاطر المصاحبة للتصنيف الائتماني على المدى الطويل، نتيجة للتوجه العالمي نحو الحياد الكربوني.
وأكدت في تقريرها “أن من غير المرجح أن يتراجع مستوى التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان في المدى القريب”.