الانحباس الحراري يهدد الطيور المدارية بالاختناق

دراسة تكشف أن التغيّر المناخي يهدد الحيوانات التي تعيش في أعالي المناطق الجبلية بشكل خاص.
الأربعاء 2018/10/31
هل يحرم الإنسان من ألوان الطيور

ليما – ذكر باحثون من كندا بعد دراسة على أنواع من الطيور في بيرو، أن التغيّر المناخي يهدد الحيوانات التي تعيش في أعالي المناطق الجبلية بشكل خاص.

وحسب الدراسة، فإن ثمانية أنواع من الطيور اختفت خلال 30 سنة في منطقة بانتيكولا الجبلية، وتقلصت أحجام طيور أخرى حسب ما أكد الباحثون من الجامعة الكندية في مقاطعة كولومبيا البريطانية في دراستهم التي نشرت نتائجها الثلاثاء في مجلة “بروسيدنغز” التابعة للأكاديمية الأميركية للعلوم.

وقال الباحثون، إنه عندما ترتفع درجة الحرارة على الأرض، فإن سكان المناطق الجبلية يجبرون على نقل بيئة حياتهم إلى أعلى.

وأشار الباحثون إلى أن هذه الظاهرة معروفة في مختلف المناطق في العالم بما في ذلك منطقة الألب، حيث تعيش حيوانات المرموط التي تنتقل لمناطق أعلى فأعلى مع مرور السنوات.

ويخشى العلماء من ألا تتوفر هذه الإمكانية أمام أنواع الحيوانات التي تعيش بالفعل في أعالي الجبال مما يهددها بالانقراض وفقا لأصحاب الدراسة. ولكن لا توجد حتى الآن أدلة على تعرض هذه الحيوانات لخطر الانقراض.

لذلك درس الباحثون تحت إشراف بنيامين فريمان، عالم الطيور، أعالي أحد الجبال جنوب شرق بيرو، وهو جبل لا تزال تكسوه غابات دائمة الخضرة.

وكانت هذه المنطقة قد خضعت بالفعل لدراسة عام 1985، وأجريت الدراسة آنذاك لمعرفة الحد الأقصى للارتفاع الذي يحتاجه كل نوع من طيور المنطقة للعيش فيه بدءا من الوادي الذي يرتفع 470 مترا عن سطح الأرض وحتى قمة الجبل التي ترتفع 1415 مترا.

وكرّر الباحثون نفس الدراسة بعد 32 سنة من الدراسة الأولى وفي نفس فصل السنة وبنفس الوسائل.

وبسبب انعزال السلسلة الجبلية، فإن التأثير البشري المباشر على المنطقة ضئيل، غير أن متوسط درجة الحرارة في المنطقة ارتفع خلال العقود الثلاثة بواقع 0.43 درجة مئوية.

طيور تختار أعالي الجبال
طيور تختار أعالي الجبال

وذكر الباحثون أن أغلب أنواع الطيور التي تمت مراقبتها في دراسة عام 1985 قد انتقلت بالفعل إلى مناطق جبلية أعلى.

وبسبب الشكل الهرمي للمرتفعات الجبلية، فإن بيئة هذه الحيوانات تقلصت بشكل تلقائي وتقلصت معها أعداد هذه الحيوانات أيضا.

وذكر الباحثون كمثال على ذلك طائر من جنس طيور باسليوتيروس الهازجة، وهو طائر صغير يتميز بخصلة شعر حمراء. وكان هذا الطائر من أكثر الطيور التي قابلها الباحثون في منطقة الدراسة عام 1985 أثناء الدراسة.

ورغم أن الباحثين عثروا على هذا الطائر بعد 32 عاما من الدراسة الأولى، إلا أنه ارتفع ببيئته 80 مترا إلى أعلى وأصبح يعيش الآن على ارتفاع 1380 مترا. وفي الوقت ذاته فإن أعداد هذا الطائر تراجعت بنسبة 72 بالمئة تقريبا.

ولم يعثر الباحثون في دراستهم الجديدة على ثمانية من 16 نوعا من الطيور التي كانت متكيّفة بشكل خاص مع الحياة في أعالي الجبال. ويرجح الباحثون أن هذه الطيور انقرضت جراء انحسار حياتها إلى أعالي الجبال، “فالطيور التي تعيش في أعالي قمم جبال سيرو دي بانتياكولا موجودة بالفعل فوق سلم متحرك يسير بها نحو الانقراض”، بحسب ما أوضح الباحثون الذين توقعوا أن يطال ذلك على المدى البعيد أنواعا من الطيور التي تنتقل حاليا من الارتفاعات المتوسطة إلى أعلى الجبال.

غير أن هناك أيضا، وفقا للباحثين، طيورا استفادت من الاحتباس الحراري الذي تسبب في ارتفاع درجة حرارة الأرض حيث بدأت حيوانات تظهر أيضا في مستويات جبلية أعلى بعد أن كانت تعيش في الأودية مع احتفاظها ببيئتها الأصلية مما يعني اتساع مناطق عيشها إجمالا “وهذه النتائج توضح أن أنواع الطيور بالمناطق المنخفضة لنهر الأمازون تستطيع تحمل درجات الحرارة على الأقل عندما تكون هناك غابات سليمة لم تؤثر فيها يد الإنسان”.

وخلص الباحثون إجمالا إلى أن تأثيرات التغير المناخي على الطيور المدارية التي كانت تعيش في أقصى أعالي الجبال أشد خطورة على الطيور التي تعيش في مناطق مناخية أخرى. وعزا الباحثون ذلك إلى عدم وجود فروق بين فصول السنة تقريبا في المناطق المدارية التي تكون فيها الطيور متكيّفة بالفعل بشكل قوي مع وسطها الحالي.

وحث الباحثون السلطات المعنية على اعتماد مناطق حماية خاصة في الغابات المدارية، “فقد أصبحنا نعلم في زمن التغير المناخي أن الممرات العالية المحمية ذات أهمية جوهرية لتسهيل حركة الطيور إلى أعلى وتجنب انقراضها على مدى فترات زمنية أطول”.

20